صادق الصحن
من البصرة الفيحاء اعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي مشروعه الوطني لمحاربة الفساد والمفسدين بقوله (إصرار الحكومة على الإستمرار بحملة مكافحة الفساد والمفسدين والتصدي لهم بكل قوة، كان الفاسد هو الأقوى والنزيه يخاف، الآن نريد أن نقوي النزيه ونضعف الفاسد).
مستكملاً ما اطلقه من كربلاء الحسين (ع) قبل أربعينية سيد الشهداء (ع) وفي ظل إحياء مراسم زيارة الأربعين وبصوت عربي فصيح مؤكداً بأنه ماض في حملة الإصلاح، وبدءاً بالحيتان الكبيرة وسيمضي بالباقين ولو كان الثمن اغتياله… واعتقد أن العبادي يعلم جيداً قدسية الزمان والمكان الذي أطلق منه هذه الصرخة، ولم يأت اعتباطاً اختيار بداية ثورته الإصلاحية من كربلاء، صرخة مدوية سوف تهلك ملوكاً وتستخلف آخرين، صرخة سوف يسمعها حتى المغلقة آذانهم بقطن طبي، والمسورة بيوتهم بحواجز اسمنتية، صوت اخترق أسوار الخوف والإضطهاد، سمعته جيداً مجموعة الحيتان والتماسيح والديناصورات الحزبية منهم والمستقلة، هذه المجموعة من الكائنات تعيش في بركة واحدة لا تجمعها علاقات دائمة بل مصالح دائمة، يجمعهم هدف واحد فقط، أكل اللحوم البشرية، ويتمتع واحدهم بأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه… مستأجرين اسطولاً إعلامياً من صحف صديقة وفضائيات رفيقة ومواقع ألكترونية شقيقة، كي يحسنون قباحة وجوههم فيها أو على الأقل لا يكتب عنهم فيها وذلك أضعف الإيمان.
بعد سماعهم هذه الصرخة ووقوف الشعب معها، وهم يرون بأن الإصلاح قد دنا وتدلى وأضحى قاب قوسين أو أدنى، أصبحوا خائفين قلقين يترقبون، يصدرون أوامر متخبطة لا تسمن ولا تغني من جوع، مصابين بحالة من الهيستيريا والجنون، يرش الماء على وجوههم بين حين وآخر مثلما يرش البقال خضرواته في محل البقالة محاولين الإبقاء على نضارة وجوههم الجيرية (المصخمة)، لا ينفعهم ماء ولا بنون، ولم تسعفهم لقاحات الحصبة الوبائية،
ولا حتى ربطهم بشباك ضريح عون (ع)، لأن هذا النوع من الهيستيريا والجنون لا يصيب إلا الحمير التي لا تملك مشاعر إنسانية، وهمهم الأول والأخير هو الشعير.
يجب أن نتعاون ونتكاتف لوضع حد لهذه المهزلة، ويجب إستئصال مثل هذه الغدد السرطانية من مؤسساتنا، يجب أن نميط اللثام من وجوه هؤلاء ونعريهم وهم أحياء على دكة غسل الموتى، هؤلاء المخنثين لا يستحون، لهم أوصاف دونية حميرية، ومن حولهم حاشية جحشية، لأن الحمير على أشكالها تقع. ذوو ضمائر روثية، لا تنفع معهم النصيحة، ولا يستحوا من الإهانة، مصابين بعقدة (أوديب) وبعقدة أخرى لم يكتشفها (فرويد) تدفع صاحبها بأن يسرق بيته ووطنه (حرامي بيت)، يتفننون بالسرقة ويبوبونها قانونياً، لا يرون أحداً إلا وجوههم أمام المرآة.
لا بد من ضربات موجعة توجه إلى كروش المفسدين الرخوة المملوءة بأموال السحت، بعرض ملفات الفساد، كفى خداع وأكاذيب، كفى لمشاهد الدم، كفى تمادياً بالسكوت على سراق الليل وأطراف النهار، يجب أن تتوقف المعارك الشرسة الدائرة فوق مقالع النفايات بين أطفال العراق الجياع من جهة والكلاب والقطط السائبة الجائعة من جهة أخرى على قوتهم من الفضلات، كفى تلاعب بمصير المواطنين والموظفين، كفى استفزاز المواطنات والموظفات بالأقلام الحمراء والخضراء والسوداء، كفى للهوامش الصادرة على وفق أمزجة وعلاقات مبنية على قاعدة (يصان هذا لأنه من معشرٍ …. ويهان ذاك لأنه لا يركعُ).
فصبراً آل ياسر، فنخيل العراق الباسقات تموت واقفة وستبصق على الأقزام الأدعياء، الوصوليين، المنافقين، المتملقين، المفسدين، المتقلبين، الذين يحاولون أن يصبغوا وجوههم بمساحيق الشرف، ويتفننون بلبس الأقنعة، متناسين بأن لحاهم القمامية لا تنسجم مع رجولتهم المتعرية، وأنهم وثروتهم لا يتساوون مع مسمار في شسع نعل كادحٍ من أبناء العراق النجباء، فالظلام لا يقاوم النور.