هاشم العقابي
أتكون الرعونة أشد من الظلم؟ نعم. وان قلت يوما ان الدكتاتور الدموي أرحم على الناس من الغبي، فاني في لحظة تفكيري بتهنئة جيشنا بعيده في عمود خاص، خطر ببالي أن الحاكم الأرعن اشد من الغبي والدموي معا. لكن كيف ستكون الحال لو اجتمعت الرعونة بالغباء عند الحاكم؟
أشد الحكام رعونة من يستسهل الحرب خارجية كانت أم أهلية. ولو لم يكن صدام أرعنَ لما اقدم على احتلال الكويت.ولو كان عبد الكريم قاسم أرعنَ مثله لفعل فعلته.
وان لم تسلم أرض العراق ولا الذين فوقها من الظلم الذي ألحقه بهم الحكام الرعناء، فان أشده الذي وقع على رأس الجندي العراقي. فما الذي يمكنني قوله لأبي خليل الطيب الذي ما ظلم عراقي مثله على مدى أربعة عقود على الأقل؟ أأبكيه أم أهنئه؟ أم أطالب بتغيير نصب الجندي المجهول إلى المظلوم؟
ها هي أمام عيني ولا أنساها صورة طوابير جنودنا يوم التمت عليهم جيوش الكون لتطردهم من الكويت ليهيموا في الصحراء يلفهم الجوع والعطش، ويتفنن الغرباء بإذلالهم. والأرعن خاتل في واحد من جحور الخضراء القديمة. عادت الصورة وكأنها هي، بعد سقوط الموصل بيومين لأراهم يساقون من قاعدة سبايكر إلى المسالخ يذلهم المخانيث الذين زاعتهم الأرض من كل حدب وصوب. وكان قائدهم الأعلى خاتلا أيضا في الخضراء الجديدة بينما السكاكين تحز رؤوسهم وتقطع نياط قلوب أمهاتهم على الهواء.
أي قدر هذا الذي جعل مصيرك يا أبا خليل ينتقل من يد أرعن إلى من هو أرعن منه؟ لم يرحمك صدام الذي ورطك بما لو تورط به جيش الصين لضاع. ثم أتاك بريمر المحتل ليلغي وجودك الأصيل بجرة قلم. غيّبوك ليظل الطريق سالكا للغزاة الهمج. وأخيرا وليس آخرا انهم زجوا بخمسين ألف فضائي باسمك لينالوا من سمعتك وليظلموك اشد من الذين ظلموك من قبلهم.
صبرا أيها الجندي المظلوم، وهات يديك لأقبلهما شهيدا كنت ام حيا ام صابرا إلى ان يحل يوم الحساب وانه لقريب.