آخر تحديث:
في كل الدنيا تسافر الأحلام وتمسي وتصبح في الساحات والشوارع والعقول وتلعب بنا ماتشاء وعلى طريقتها الفوضوية فتطيح بأعصابنا كما يطوح بعض اللاعبين بكراتهم خارج الملعب أو من أعلى المرمى ،ويوما بعد يوم تتحول كرة القدم من مباراة بين فريقين أو مجموعة فرق الى منافسة سياسية ومحاولة لصناعة إنتصار وغلبة على الآخر تجعل منه في الصف الثاني ،فالمهم من يكون هو الأول أما ماعداه فليس مهما في أي صف يكون .
خلال أيام من عمر الزمن يتنافس لاعبون بأعمار متقاربة في بطولة ما لكنهم يسحبون الى الميدان ملايين المشجعين واللاهثين خلف سراب المتعة الزائلة والذين يفقدون أعصابهم فيكسرون الصحو أو يطلقون زوجاتهم أو يذهبون الى المستشفى لتلقي العلاج من وراء الإصابة بوعكة ما أو أزمة في القلب المتهالك الذي لم يتحمل الصدمة بخسارة جاءت على خلاف التوقعات التي سبقت المباراة فيتحول المشهد الى تراجيديا هائلة مثيرة مؤلمة ومبكية أيضا.
أحدهم يموت والآخر يعيش الكآبة بسبب التعلق الشديد بكرة القدم،وفي البلاد العربية عشنا فترات من الشد المتبادل كلما كانت هنا مباراة بين فريقين إعتادا المنافسة وكانت بين بلديهما خصومات سياسية كما حصل بين المصريين والجزائريين حين إتسع نطاق المواجهة ليشمل مغنين وممثلين وصحفيين وسياسيين وفئات إجتماعية متعددة إنسحبت الى دائرة الصدام فكان القذف والسباب والشتم والتلفيق أسلحة هجومية مدمرة تسببت في تأزيم الأوضاع وتطلبت تدخل السياسيين والسفراء لتهدئة الخواطر والنفوس ،وصار الناس لايقرأون صحف بلادهم بل يتلقطون ماتنشره صحف الخصوم ليردوا عليها وليزدادوا حنقا ورغبة في الإنتقام.
مثل ذلك حصل ثمانينيات القرن الماضي بين العراقيين والكويتيين وحتى مع القطريين الذين مزقوا العلم العراقي في منافسة دولية ،وفي الكويت حاصرت الشرطة لاعبي المنتخب العراقي رغم أنه كان هو الخاسر وتعرض اللاعبون للضرب المبرح والإهانة بسبب إعتمال النفوس بالضغينة والرغبة العارمة بالفوز ،ولأن العراقيين يشعرون في الغالب إن هنالك تاريخا حافلا من السلوك العدواني والسعي لإلحاق الهزيمة بفريقهم بأي ثمن حتى من خلال شراء ذمم الحكام وتغيير مواعيد المباريات ومنع الجمهور من الدخول وعدم منح اللاعبين والإداريين تأشيرة دخول وهو ماينعكس سلبا على معنويات اللاعبين والمدربين والجمهور الذي يختزن في الذاكرة معاناته تلك لتخرج بعد سنين طويلة وتتفجر وتعيد إنتاج أزمة بين البلدين المتنافسين.فغنهم لايستسلمون ويعيدون الذكرى الى ساحة الملعب في القادم من الأيام.
وفي البطولة الأخيرة لدول الخليج كان تقدم المنتخب العراقي واضحا على منافسيه وفاز في جميع مبارياته ،وفي المباراة النهائية حصل ماكان متوقعا فقد أشرعت الأجواء البحرينية والبر لشعب الإمارات ليدخل من أي مجال شاء بينما منع العراقيون وحوصروا ،وحتى في الملعب الذي يتسع للقليل منحت المقاعد بأجمعها للإماراتيين، وكان واضحا أن هنالك تخطيطا محكما لغلبة الإمارات على العراق…فقط أقول وبإذنه تعالى ستكون البصرة بملعبها الكبير محطة لبيان المهارة العراقية، وأتحدى لاعبا أن يدخل الى منطقة الجزاء العراقي حينها.
هادي جلو مرعي