عبد الجبار الجبوري
أعلن في البيت الأبيض ،أن اوباما سيستقبل حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي في واشنطن ،في منتصف شهر نيسان القادم،فماذا سيحمل العبادي في جعبته لاوباما ،وما هو الغرض من هذه( الاستدعاء)، في أحرج أيام العبادي ،وهو يخوض حربا برية واسعة ضد تنظيمات الدولة الإسلامية في العراق والشام ،لاسيما وان (جيشه) لم يستطع أن يحسم أية معركة في كل قواطع عملياته العسكرية ،بالرغم الحشود الكبيرة للحشد الشعبي وكل ميليشياته التي تقاتل مع الجيش ،بأحدث الأسلحة الإيرانية من صواريخ ومدفعية وطائرات ومستشارين بالمئات من جنرالات الحرس الثوري النخبة وقواته المتواجدة مع الحشد بالزي العسكري العراقي،ويقدم خسائر جسيمة في الأرواح والمعدات ،قدرتها وزارة الدفاع العراقية ب(4000) ضحية من الجيش والحشد الشعبي الميليشياوي في معارك تكريت وحدها؟؟، فما هي الملفات التي سيطرحها العبادي على اوباما في زيارته المرتقبة ،لاسيما وان العبادي هو (مرشح أمريكا) ضد المالكي ،وكانت إدارة اوباما قد اشترطت عليه تنفيذ التوصيات التي من شأنها أن تعيد التوازن في النفوذ بينها وبين إيران في العراق،بعد أن جعل نوري المالكي من إيران هي صاحبة القرار والنفوذ السياسي الأول، وإشعال الحرب الأهلية الطائفية في العراق ،وهو المسئول الأول أيضا حسب تصريحات اوباما وأعضاء حكومته بأن(المالكي الطائفي هو من حول الوضع الكارثي في العراق الى ما وصل إليه من تصاعد العنف الطائفي والحرب الأهلية )وهو من مكن إيران من تنفيذ أجندتها في العراق والسيطرة عليه عسكريا ودينيا وسياسيا،لذلك كانت وصايا إدارة اوباما مباشرة وواضحة قبل أن يستلم الحكومة ،وأولى هذه الوصايا هو تحقيق مصالحة حقيقية غير مزيفة كما كان المالكي ينتهجها وسرق الأموال المخصصة لها،ثم إعادة التوازن في الحكومة مع المكون الأكثر ضررا وهو المكون السني،وإنهاء الخلافات السياسية مع الكتل الأخرى في السلطة مثل الأكراد وغيرهم،ولكن اخطر الملفات التي سيواجهها العبادي في زيارته هذه ،هو ملف (التدخل والتوسع الايراني وميليشياتها في العراق)،والذي بات (يقلق) الادارة الامريكية واعضاء الكونغرس،خاصة بعد مشاركتها واشرافها على معركة تكريت بقيادة قاسم سليماني وجنرالاته،والتي رفضت امريكا المشاركة الجوية فيها لهذا السبب،كي لايجير (النصر لايران في تكريت)،فيما بعد ،لذلك سيكون اللقاء ساخنا جدا بين العبادي واوباما ،وسيبلغه امتعاض واشنطن من اداء الحكومة العراقية برئاسة العبادي،لانها فشلت رغم مضي مدة لابأس بها ،في تنفيذ اي من الشروط والتوصيات الامريكية الملحة للجانب الامريكي،بل على العكس تماما ،فقد ظل النفوذ الايراني في تصاعد واضح وتوسع ملموس ،كانت احدى نتائجه ما يجري من حرب اهلية حوثية ايرانية بالوكالة مع شعب اليمن ،وسيطرة ايران على اليمن عسكريا ،عن طريق دعم الحوثيين عسكريا وبلا حدود وسياسيا واعلاميا واقتصاديا ،لتحقيق اهدافها التوسعية والسيطرة على باب المندب المنفذ الوحيد للنفط العربي وخنق دول الخليج لاحكام السيطرة عليها فيما بعد،وهذا ما اعلنه قادة الخليج العربي واصدار بيانات صريحة تحذر ايران من اللعب بالنار هناك،وان دول الخليج لن تقف مكتوفة الايدي ابدا ،بل سيتدخل درع الجزيرة لصالح الشرعية التي يمثلها الرئيس اليمني في عدن،لاحظوا تشعب وتعدد التدخل الايراني وتشابك اهدافها لتنفيذ مشروعها وتمددها القومي الامبراطوري في التشيع الصفوي للوصول الى الهلال الشيعي المزعوم،لذلك لن تسكت امريكا وستطرح الملف اليمني وتدخلات ايران فيه وموقف العراق منه ،التي تريد منسجما مع موقف مجلس التعاون الخليجي وداعما له،وليس مع التوجه الايراني وتدخله السافر بشؤون اليمن والعراق،ان مهمة العبادي في واشنطن ستكون صعبة ومستحيلة ،وذلك لان ادارة اوباما واعضاء الكونغرس ،يدركون ضعف العبادي وحكومته امام ايران ،وقوة النفوذ الايراني الصارخ في العراق،لذلك وحسب رأئي المتواضع ستقتصر الزيارة على ملفات مثل المصالحة الوطنية وتسليح العشائر السنية وإعطاء دور اكبر للمكون السني ،والاطلاع على تحضيرات العبادي بخصوص معركة الموصل المرتقبة ،والتي تعد امتحانا كبيرا لإدارة اوباما أمام العالم ،لان ما صرح به وزير الدفاع الأمريكي اشتون كارتر والجنرال جون ألن منسق التحالف الدولي بقولهم( إن المعركة ستكون حاسمة في الموصل)(وإننا سنفاجئهم بمعركة حاسمة في الموصل)،لهي مؤشرات واضحة على إن معركة الموصل هي معركة أمريكا وليس العراق ،وان الفشل سيكون كارثة لا على العراق بل على أمريكا حسب التصور الأمريكي،لهذا فقد تفرغت أمريكا لهذه المعركة واعدت لها جيدا من مستشارين وتسليح وتدريب للقوات المشاركة في المعركة، مع جهد جوي غير مسبوق من قبل الدول المشاركة ،وفي مقدمتها فرنسا التي أرسلت حاملة الطائرات شارل ديغول الى الخليج وحاملة الطائرات الأمريكية ،نعم زيارة العبادي لواشنطن ستحرج العبادي كثيرا أمام اوباما وإدارته ،لعدم قدرته على تنفيذ ما تريده أمريكا منه ،في وقت تعيش إدارة اوباما مأزقا حقيقيا وامتحانا عسيرا في العراق والمنطقة ،في مواجهة التمدد الإيراني ونفوذها المتصاعد والذي اخذ يقلق ليس إدارة اوباما وحدها وإنما يقلق كل المنطقة ،بل ويدخلها في نفق الحرب العالمية الثالثة،وما تصريحات مدير المخابرات الأمريكية السابق ،عندما قال إن إيران وميليشياتها هي أخطر من داعش ،وهو نفس التحذير الذي أطلقه هنري كيسنجر قبل عامين ،زيارة العبادي لواشنطن مرحلة فاصلة وامتحان عسير للعبادي ،الذي يعيش أضعف حالاته أمام إيران وقوة نفوذ الميليشيات الإيرانية في العراق….