د. منقذ داغر
في الاونة الاخيرة يعيش كثير من العراقيين السنة تحت سيطرة تنظيم “داعش” بالتالي فأن أي هزيمة لهذا التنظيم تقوم على فهم ما يحتاجه هؤولاء المحاصرين تحت وطئة ووحشية تنظيم داعش ، و للعب دور رئيسي في هزيمة هذا التنظيم ، كما فعلت “الصحوات ” التي قامت باخراج تنظيم القاعدة من محافظة الانبار عام 2007.
وبين استطلاع للراي يظهر سبب تحمل هذا المكون (السنة) جرائم تنظيم “داعش” وما هي الجهود التي تساعد على صد هذا التنظيم, هذا الاستطلاع تم بناءً على دراسات استقصائية منهجية عشوائية في العراق, كما تم اجراء مقابلات مع مواطنيين وزعماء قبائل. الذين يعيشون في مناطق تحت سيطرة “داعش”
وفي النصف الثاني من عام 2014 تم اجراء أربعة مسوحات و 10 مقابلات معمقة ولتحقيق في قضية الدولة الإسلامية في العراق إقليميا، تم اجراء ثلاث جولات من المسوحات وجها لوجه في ليبيا وجولتين في سوريا اذ تتألف من أكثر من ألف مقابلة لكل منهما.
وتشير الصحيفة ان هذا البحث كبير وليس له مثيل في هذا الصدد، وتشير نتائج هذا الاستطلاع ان الدولة الإسلامية هي تتعارض أيديولوجيا مع العديد من المقيمين في الأراضي التي تسطر عليها حاليا لكنه قادر على استغلال السكان لصالح الحكومة الحالية.
وعلى الرغم من ادعاء الدولة الإسلامية بأنها الصوت الحقيقي للإسلام، لم يكن الدين عاملًا رئيسًا في صعودها، على الأقل في العراق. وكان العامل الأهم المسبب لصعودها هو الاستياء العميق الذي شعر به السنة تجاه الحكومة العراقية المركزية.
وفي عام 2013، أدى الغضب الشعبي ضد معاملة السكان السنة في الأنبار و (كركوك)، إلى قيام المظاهرات السلمية. وقبل بضعة أيام فقط من اجتياح الدولة الإسلامية الموصل في شهر يونيو عام 2014، قال 91 في المئة ممن استطلعنا آراءهم هناك إن الأمور في العراق تسير “في الاتجاه الخاطئ”، وقال 60 في المئة من العراقيين عمومًا، و55 في المئة من الشيعة، الشيء نفسه.
لا يجد بحثنا المظالم الدينية قابلة للمقارنة. باستمرار البحوث للشركة المستقلة للبحوث، وجميع المشاركين سئلوا عن الدين والحكومة هل يجب أن تكون مركزية في السلطة نفسها أو ما إذا كان ينبغي فصلها. أكثر من نصف المشاركين على مدى العقد الماضي من البحوث، يعتقد ان الدين يجب فصله عن الحكومة. وبعبارة أخرى، فإن هدف الدولة الإسلامية في إنشاء الخلافة وفرض الشريعة لا تتلاءم مع المعتقدات السياسية للسكان تحت حكمها. والناس في هذه المناطق يرفضون إلى حد كبير اي فرض للاومر عليهم .
وبحسب الصحيفة فأنه اذا إن لم تكن لأسباب دينية، فهل هؤلاء العراقيين تحت سيطرة الدولة الإسلامية قبلوا العيش فيها لأن الدولة الإسلامية تقدم خدمات اجتماعية ذات جودة أعلى أو وظيفة من كانت متاحة لهم؟ حزب الله في لبنان وحماس في فلسطين هي أمثلة جيدة على ذلك. اكتسبت كلتا المنظمتين دعم سياسي كبير في العقد الماضي لتوفير الخدمات الاجتماعية التي فشلت السلطات الحاكمة في تقديمها للمواطنين سواء من خلال اللامبالاة أو الفساد أو عدم الكفاءة.
وتضيف الصحيفة ،المعدلات الأساسية من الرضا عن الخدمات، مثل الكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحي، كانت متساوية إلى حد ما بين العراقيين الشيعة والسنة. وبالمثل، لا يوجد تفاوت كبير بين معدلات العمالة بين السنة والشيعة في العراق.
وتتابع الصحيفة مقالها، الامر ذاته لا ينطبق على مجالات الأمن والعدالة، ومع ذلك، حيث شعرت جماعة السنة العراقية بالحرمان من قبل الحكومة المركزية. وباستطلاع الجماعات السنية على الصعيد الوطني، اظهرت الدراسة ان 60 في المئة منهم لا يثقون في النظام القضائي، بينما 30٪ فقط من المستطلعين الشيعة يحملون وجهة نظر مماثلة. قبل أسبوع سقطت ، وقالت 80 في المئة من المستطلعين السنية في المدينة التي لا يشعرون بالأمان في أحيائهم. بالمعنى ، و يمكن اعتبار الدولة الإسلامية حل – إن لم يكن مثاليا – لهذه العيوب. كما يظهر في الرسم البياني التالي، على مدى السنوات الأربع الماضية كان هناك انخفاض مستمر، ومطرد في الشعور بالأمان بين السنة مقابل الشيعة الذين شعروا بالأمان في أحيائهم.
بين عامي 2013 و 2014 – وقبل وصول الدولة الإسلامية – تظهر استطلاعاتنا على ارتفاع 60 نقطة بين السنة الذين شعروا بغياب الآمن. هذا الارتفاع أدىعلىما يبدو من ينظر للتخوف من الميليشيات الشيعية في المدى حتى الانتخابات البرلمانية 2014. مسألة كيف يشعرون على أمنهم الشخصي اليوم يستحق تحقيقا منفصلا، ولكن من الأسلم أن نفترض أن جهة الخوف قد تغيرت مع الدولة الإسلامية بعد أن استولى على السلطة في هذه المناطق.
ومع ذلك، فإن هذه تحت حكم الدولة الإسلامية في العراق اليوم أن تكون سعيدا لرؤية مجموعة طرد. في المحافظات العراقية ذات الأغلبية السكانية من المسلمين السنة، وجدنا أن أكثر من 90 في المئة من سكان شملهم الاستطلاع عرض الدولة الإسلامية على أنها منظمة إرهابية و 80 في المئة منهم دعم جهد دولي لإزالته. دعم التحالف الدولي المرجح هو بدافع استمرار انعدام الثقة في قوات الأمن العراقية التي لديها بالفعل تقييمات منخفضة جدا قبل الدولة الإسلامية اجتاحت منهم من خمس محافظات. يقترن هذا النقص في الثقة مع شعور بأن تأثير غير متناسب من أي بلد واحد – مثل إيران، التي ينظر اليها الكثير من العراقيين السنة بارتياب كبير – يمكن أن يؤدي الى تفاقم عدم المساواة واجههوها في الماضي. السنة العراقيين اليوم بحاجة للتوازن .
وتتميز انعدام الثقة في الحكومة، ومشاعر عميقة من الظلم ومصدرا متناميا من الاغتراب الذي يؤدي، في الواقع، إلى الحرمان من الهوية الوطنية. قد بالتالي لا يكون من المستغرب أن وجدنا تراجعا في المشاركين بالقول أن “العراقي قبل كل شيء،” تراجع من 80 في المئة في عام 2008 إلى 40 في المئة فقط في عام 2014.
هذا الشعور عميق وخاصة لأهل السنة، الذين كان في انخفاض مستمر. قبل الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، الذي عقد السنة العديد من المناصب الرئيسية في الحكومة وسيطر على سلك الضباط في الجيش. في ظل الاحتلال الأمريكي، تم تطبيق سياسة “اجتثاث البعث” على نطاق واسع و حرمان مئات الآلاف من السنة من وظائفهم التي كانوا مؤهلين لها تأهيلا جيدا. هيمنة التوجه الديني و الأحزاب السياسية الشيعية في الحكومة العراقية بعد انتخابات عام 2005 أدى إلى توزيع الغنائم التي استبعدت السنة. وعلاوة على ذلك، صياغة الدستور الجديد في تلك السنة – وديباجتة التي وضعت اللوم و مشاكل العراق السابقة على السنة – عمدت إلى إعطاء مكانة خاصة لرجال الدين الشيعة في حين انتهاج اجتثاث البعث.
في انتخابات عام 2010، على الرغم من بروز ائتلاف علماني بقيادة إياد علاوي فاز بالمزيد من المقاعد في البرلمان من الائتلاف الحاكم نوري المالكي، وجاءت المساومة بعد الانتخابات لصالح ائتلاف المالكي وبقاءه في السلطة. وساهمت هذه النتيجة إلى الشعور المتزايد بالظلم لدى كثير من السنة في المجتمع العراقي. وكان رد حكومة المالكي على المظاهرات السلمية السنية في عام 2013 بالعنف، بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير.
إن هزيمة الدولة الإسلامية في العراق تتطلب تغيير الأوضاع على الأرض تحت أقدام رجالها. وهذا يعني معالجة الشروط المسبقة التي أدت إلى عدم وجود مقاومة لوصولهم إلى هذه المناطق . لكي يقف العراقيون معًا في دحر الدولة الإسلامية من بلادهم، هم بحاجة إلى سبب للاعتقاد بأن الأمور لن تعود إلى الوضع السابق غير المقبول. ومن الناحية العملية، هذا يعني إصلاحًا جديًّا للأمن والقطاعات القضائية للحكومة العراقية، ووضع مسار واقعي لهوية وطنية تضم جميع العراقيين.
المصدر: “صحيفة واشنطن بوست”