بغداد/ شبكة أخبار العراق – تقرير .. العراق ارض السواد. بلد الثلاثين مليون نخلة سابقا. وعنبر المشخاب .. وبرتقال ديالى ، بلد منحه الله كل شيء ، والأبرز هما النهران العظيمان دجلة والفرات . والمفارقة المحزنة ، حين تسمع من ينادي في احد اسواق بغداد: خيار سوري ، خس إيراني ، برتقال مصري ، طماطة ايرانية.. وعندما يسأل مواطن عن سعر كيلو الخيار، يسارع البائع بالإجابة / 750 دينارا . يقول المواطن تحسين الزيادي “في نفسي رغبة بان اسمع احد الباعة وهو ينادي على منتج عراقي خالص ، فالمنتجات كلها من دول الجوار ويؤكد ان المنتجات في السابق كانت أروع طعماً ولذة لأنها من أرضنا ومن أنفسنا ولهذا تجدها طيبة في أفواه العراقيين ويرى ان المنتجات التي تأتي من دول الجوار ليس فيها تلك النكهة في المنتج العراقي ، ويتساءل أين أصبحت مبالغ القروض التي تمنحها وزارة الزراعة ، وأين هي الزراعة ، وأين اختفى الفلاح الذي طالما سمعنا عنه ونحن في الابتدائية بوفرة انتاجه ، وبقي يزرع طوال الاعوام التي سبقت الاحتلال ، ولكنه نسي زرعه وجلس خلف الستلايت يتابع المسلسلات وأخبار العالم وأرسل أولاده ليتطوعوا في صفوف الجيش والشرطة . وغرق الاسواق بالمحاصيل الايرانية بتوجيه من الدولة العراقية .يقول احد الفلاحين رغم فتح الحكومة لكل الابواب امام ايران بما فيها تسويق محاصيلهم الزراعية في العراق هناك اساب اخرى في مقدمتها ان ” تكلفة المحصول لا تسد الحاجة ، فما نزرعه لا يكفي لمعيشتنا “منوهاً إلى ان أولاده لا يحبذون العمل تحت أشعة الشمس الحارقة لأنهم أصبحوا ارق من ذي قبل ،ويضيف هذا الفلاح الذي فضل عدم ذكر اسمه ” ان الفلاح في السابق كان يعشق أرضه ، ولكن أبناءنا أصبحوا يركضون خلف التعيينات لأنهم تعلموا كل شيء إلا العمل في الحقول الزراعية ويتابع: لدي ابن بقي معي وهو في سن العاشرة ، وأخشى ان يتركني لوحدي ويترك الأرض لتموت تدريجياً “.ويرى فلاح أخر ان من أهم أسباب تدهور القطاع الزراعي بالمحافظة هو الإجراءات الإدارية المعقدة بالإضافة الى أمور طبيعية ما يجعل الأرض تتحول إلى بور ولا تقدم إلا عائدا زراعيا محدودا وإنتاجا زراعيا قليلا.ويشير إلى ان للنقل الباهظ وارتفاع أسعار الأسمدة والكاز المستخدم في تشغيل مكائن الإرواء ، كل هذه الأمور تؤدي الى عزوف بعض الفلاحين عن زراعة أراضيهم، فيما رضخ البعض الأخر للواقع ما حدا به إلى رفع سعر المحصول وبذلك يصبح المتضرر الثاني بعد الفلاح هو المستهلك.فيما أوضح المهندس الزراعي سلام حسن انه يمكن تنشيط القطاع الزراعي من خلال تفعيل الجمعيات الفلاحية لممارسة دورها في متابعة عمل الفلاح وحاجته ، كما انه لا بد للدولة من توسيع رقعة المساحة الزراعية.وتابع: على الدولة ان تعمل على التخفيف من تكاليف الإنتاج من أسمدة كيمياوية ووقود وأجور النقل فضلا عن تخفيف كلف البذور والأغطية الزراعية ، وان تكون الدولة جادة باستنفار كل الطاقات التي من شأنها المساعدة والمعالجة للخروج من هذه الأزمة التي شارفت على ان يكون السواد نهاية حتمية لهذا القطاع الذي يمس قوت المواطن. من جهته يرى المهندس الزراعي رضا الجبوري ان من أهم الأسباب التي أدت إلى تدهور القطاع الزراعي بالعراق هو بسبب ضعف وزارة الزراعة وكأنه لاتوجد وزارعة زراعة بالعراق ودورها يكاد معدوم إضافة إلى أسباب أخرى و عدم دعم الفلاحين الصغار بمشاريع تطوير الأرياف والنشاط الريفي.ويستطرد المفروض من وزارة الزراعة او وزارة التجارة شراء المحاصيل بأسعار مدعومة حتى لا يصاب الفلاح بالخمول والخيبة التي تؤدي إلى ترك مهنة الزراعة واللجوء إلى أعمال أخرى ونزوح بعضهم إلى المدينة. واكد ان للروتين في بعض الدوائر المعنية في القطاع الزراعي خصوصا عند منح المزارع سلفة موسمية أو لإنشاء مشروع ، تأثيرا كبيرا من خلال إجراءات صعبة متمثلة بطلب الكفالة التعجيزية كتملك عقار، وإذا توفر هذا الشرط ، تقوم اللجنة بتقدير العقار بأسعار زهيدة لا تفي بالغرض تجبر المقترض على ترك المشروع ، إضافة إلى ذلك فان ميزانية تنمية الأقاليم قليلة. ويقول احد المستثمرين “ان الاستثمار أموال خاصة يمتلكها أشخاص وهم أحرار في اختيار النشاط المربح الذي يناسبهم , فما يلاحظه المستثمر من عدم استقرار القوانين وما يتعلق بنقل الأموال والخدمات المصرفية المختلفة لدينا ، تجعله يعزف عن المجيء إلى البلاد وذلك لعدم ثقته بما قد يصدر بعدها من اتهام وعواقب النقد والمساءلة وغير ذلك “. ويضيف ان “هنالك أزمة ثقة خطيرة تعصف بالمجتمع أدت إلى كثرة الهدر لثرواتنا والمتمثلة بمبدأ إرساء المقاولة لأقل عطاء وما يتبع ذلك من نتائج وخيمة”. ويبين “اذا لم يكن هنالك منظمون من فلاح وقطاعيين لا يمكن ان تحصل نهضة زراعية وتطويرها كعملية اقتصادية حالها حال الأنشطة الاقتصادية الأخرى”. وأضاف ان “من أهم العوامل التي تؤدي إلى تردي الواقع الزراعي عدم وجود قوانين حماية المنتج المحلي ، لذا لا بد من توفير حماية للمنتج الزراعي ووضع دراسة لمعاهد الأبحاث والبحوث الجديدة الخاصة بالحالة العراقية وذلك لما لها من دور كبير وخصوصية على كل الأصعدة ، فإذا تركت ولم تدرس ، فلا يمكن الوصول لمعالجات فحينها لا أمل بنهضة زراعية”. وأشار إلى “الهجرة التي تعرض لها الفلاح قبل عام 2003 بسبب الحروب التي واجهت البلد وتداعيات الاحتلال والتي تجبر الفلاح على تسويق منتجه مقابل مردود مادي لا يسد عرق جبين عمله “. أما الأستاذ في كلية الزراعة بجامعة المثنى عثمان محمود، فيرى ان من أهم الأسباب التي أدت الى التدهور الزراعي هي ارتفاع تكاليف الإنتاج قياسا إلى التكلفة المنخفضة للمنتج المستورد فضلا عن عدم تجهيز الفلاحين بالمكننة وعدم توفير المعالجات للآفات الزراعية.وقال “لذا يجب على المسؤولين بوزارة الزراعة والحكومة المركزية ان يستفيدوا من هذه الثروة بصورة صحيحة وان يدعموا المزارع ماديا فضلا عن توفير الآلات الزراعية الحديثة وإنشاء قنوات الري المبطنة التي لها دور مهم في عملية التقنين في كمية المياه الصالحة للزراعة”.