خطف” العيساوي” وصلاة المطلك
سرمد الطائي
هل سمع الفريق السياسي والعسكري للسلطان نصيحة عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية التي تضمنها مقاله اليومي في جريدة العدالة؟ ان عليهم حقا ان يقرأوها لو كانوا يقرأون اصلا هذه الايام. وقبل التذكير بما قاله عبد المهدي اريد ان اقوم بتذكيركم بما كتبته ان بالامس، لاتحدث كذلك عن فكرة ان نأخذ خطيب جامع ابي حنيفة للصلاة في النجف.في مقالي السابق تساءلت عن احتمال ان يقوم السلطان بتنفيذ المذكرة القضائية بحق ابو ريشة، بعد ان “زهت الدنيا في عين المالكي” وقرر ان يقوم باعتقال كل من يعارض “سلطانه”. وقبل ان يجف حبر اقلامنا حاول الجيش خطف او اعتقال نائب رئيس الوزراء السابق ووزير المالية السابق رافع العيساوي حسبما قال هو عن الحادث الذي وصفه رئيس اقليم كردستان بأنه “زج سافر للجيش في الخلاف السياسي”.العيساوي هو اكثر وجه تقدره مظاهرات الانبار لانها انطلقت على خلفية استهداف حماياته في بغداد. وقد استيقظت صباحا لأقرأ الى جوار خبر التعرض للعيساوي، افتتاحية السيد عادل عبد المهدي، التي تجول خلالها في ذاكرته عن انتفاضة عراق 1991، وسرد مواقف مشتركة في الحي اللاتيني بباريس بينه وبين الرئيس جلال طالباني، ومع ساسة اكراد اخرين مثل الدكتور محمود عثمان وعدنان المفتي الرئيس السابق لبرلمان الاقليم.ويتحدث عبد المهدي عن تقديرات كتبها يومذاك تضمنت توقعا بتمرد او ثورة شعبية تندلع في العراق بسبب سياسات صدام وانهيار جيشه على وقع حرب الكويت. وينهي عبد المهدي مقاله بالعبارة التالية “جاءت الشرارة الاولى للانتفاضة المباركة من ساحة سعد/ البصرة في 1/3/1991، عندما اطلق احد الجنود العائدين النار على تمثال صدام حسين، فانتشرت كالنار في الهشيم”. ثم ينهي نائب الرئيس مقاله بسؤال “فهل نتعلم الدروس؟”.ان عبد المهدي يأتي بمثال من انتفاضة 91 لا لمجرد الاستذكار، بل يطرح المعطيات كدرس على الطبقة السياسية اليوم ان تتعلم منه. وفي الحقيقة فإن عبد المهدي يتمنى ان يقوم المالكي بتعلم تلك الدروس، قبل ان يصنع تراجيديا ومبررات في المنطقة الغربية تؤدي الى تحويل الاحتجاجات الى “انتفاضة” ندفع ثمنها جميعا. لكن يبدو لي ان نائب الرئيس يطرح سؤاله بنغمة حزينة، تقول لنا انه شبه يائس من وجود لحظة مناسبة للتعلم في قاموس الفريق السياسي والعسكري للسلطان والذي يرتكب الخطأ ويحاول اصلاحه بحزمة اخطاء اضافية.لن اعيد ما كررته بالامس محاولا شرح طريقة تفكير حاشية المالكي التي تفترض ان اعتقال العيساوي وابو ريشة قد يؤديان الى اخماد التظاهرات. لكنني اريد ان انطلق من شعورنا جميعا بأن اللحظة تنطوي على خطورة كبيرة. وان احتمالات ان يلجأ المالكي الى “الحل الامني” للتعامل مع المظاهرات، بدأت تتزايد وتتكاثر مؤشراتها. وهذا السيناريو غير مستغرب في طريقة الرجل بإدارة الدولة، ومن يقوم بإغلاق هواتفه وتأجيل “الحوار الوطني” الى ما بعد الانتخابات، لن يكون امامه سوى استفزاز الناس بالعنف.ولذلك وفي دردشة مع الدكتور صالح المطلك بشأن ازمة المنطقة الغربية، كان يقول للحاضرين انه سيذهب الى الصلاة في جامع ابي حنيفة يوم الجمعة كمحاولة لتعزيز معنى الاحتجاج والتفكير بطريقة لحماية المتظاهرين خشية انزلاق الوضع، وفي اساليب لرفض كل مظاهر التطرف التي من الطبيعي ان تشوب مظاهرات كبيرة وبلا قيادة مركزية مثل احتجاج الشباب في الرمادي والموصل، لكن من الضروري ان ننصت الى نصائح بارزة لكيفية التخلص من اثارها.لكنني علقت على الموضوع وقلت للمطلك بأن ما يحتاجه العراق اليوم هو ان نصنع حدثا كبيرا يهز ضمائرنا ويمنع المتصيدين في الماء العكر من استغلال انقسامات اهلنا البسطاء الذين يحاول زعماء الطوائف التلاعب بعواطفهم، وفي اعتقادي ان المصلين في جامع ابي حنيفة يؤدون الصلاة كل جمعة بانتظام ولن يكون حضور السيد نائب رئيس الوزراء حلا لازمة كبرى تعيشها البلاد. بل المطلوب هو ان يأخذ المطلك او اي سياسي نافذ في الدولة اليوم، إمام جامع ابي حنيفة الشيخ احمد حسن الطه، ويذهبا معا للصلاة في النجف. ويمكنه ان يقيم هناك اياما وينظم ندوات ومؤتمرا ويدعو شريحة من معتدلي كل الاقوام العراقية لتوقيع ميثاق شرف او كتابة اعلان عراقي يرفض بقوة محاولات زج القوات المسلحة في الخلاف السياسي مع اي طرف تحت ذرائع باتت مفضوحة، وهو اعلان يتوجه ايضا الى المتظاهرين بنصائح شبيهة بالتي ادلى بها الشيخ احمد حسن الطه والسيد مقتدى الصدر، بالتخلص من الرموز التي تثير الانقسام.ان الصلاة في النجف صارت فرض عين اليوم، فالضغوط التي يمارسها البرلمان وكل مراكز القوى السياسية لا تكفي لاعادة التوازن العاطفي الى السيد السلطان، المحب للهليكوبتر والدبابة وباقي انواع السلاح الخفيف والثقيل. وفي وسع “صلاة” الساسة والوجهاء وصانعي الرأي، في النجف ان تكون رسالة مهمة للجميع ومبادرة ستقدرها المرجعية الدينية العليا التي تصرفت بشكل تاريخي ومسؤول في كل الازمات الاخيرة. وكما قلت بالامس: يجب ان نفعل شيئا في اللحظات الاخيرة التي تسبق كارثة “الحل الامني” التي يتبناها السلطان دون رجعة كما يبدو. الوقت يمر والسلطان هو الاسرع حتى هذه اللحظة.