هندسة الثقافة

حسين رشيد
بات كل شيء يسير نحو التخصص في خطوة مقبلة قد يكون التوجه نحو التخصص الدقيق لاجل الدقة في التشخيص والعلاج وهنا لا اقصد الطب فحسب بل مجمل الاختصاصات العلمية والاجتماعية والثقافية هذا التخصص يبنى ويشيد على الدقة التي هي اهم سمات الهندسة بمجملها والتي ما عاد قطاع من القطاعات الخدمية او الانتاجية يمكنها الاستغناء عن الهندسة فضلا عن اساسيتها في بناء وتشييد البنى التحتية لتلك القطاعات وتفرعاتها والتي يوجب ديمومتها ان تكون متينة وقوية وكلاهما يتطلب الدقة بالتنفيذ والبناء.
وبما ان الثقافة خارج نطاق الممارسة الاجتماعية التوعوية هي عملية تنظيم لشؤون معرفية فكرية ادبية عبر عدة وسائل ان كانت بشكل مطبوعات ورقية صحف ومجلات دورية ومختصة او عبر ملتقيات ومهرجانات وندوات وجلسات احتفاء وورش عمل ونقاش رغم ان الاخيرة غائبة عن مشهدنا الثقافي الذي اكتفى بما سبقها مع التفاوت في كل فعالية ان كان زمانيا او مكانيا.
ووفق مراجعة لمجمل الفعاليات الثقافية التي اقيمت في العام ان كان على المستوى الرسمي اي وزارة الثقافة او على المستوى النقابي ممثلا باتحاد الادباء والكتاب العراقيين او على مستوى المنظمات والجمعيات الثقافية ودور النشر ومختلف المؤسسات التي تعنى بالثقافة والفن سنجد ان مئات الفعاليات الثقافية اقيمت ان كان في العاصمة بغداد او المحافظات بما فيها جلسات الجامعات والكليات لكن كم فعالية من تلك الفعالية حققت ما تصبو اليها واثارت الجدل والنقاش والاسئلة، كم فعالية استطاعت ان تؤثر في المشهد الثقافي وتفتح نافذة جديدة بالطروحات، كم فعالية استطاعت لفت انظار واهتمام الاعلام الثقافي ليس بكتابة متابعة خبرية عنها بل بمتابعة ما اثير فيها؟، حتما لن يتجاوز ذلك عدد اصابع اليد الواحد واذ ذهبنا بالتفاؤل اكثر اصابع اليدين
حتما هناك فعاليات احتفائية وتكريمية ربما تاخذ النسبة الاكبر من المجمل العام قياسا بالفعاليات النقاشية والجدلية والمختصة بشان ثقافي آني او باشكالية وطروحات ثقافية تجديدية تعمل على تحريك الساكن الذي زاد ركودا في العديد من الفعاليات وغياب النوعيات التي من بين اسبابها المؤثرة غياب التخصص الدقيق لكل فعالية من هذا النحو اذ يعمد القائمون على زج اي اسم ثقافي كان دون التمحص ولو لدقائق بتخصصه ان كان قريبا من موضوع الفعالية او بعيدا وهل ستغني طروحاته الموضوع؟، ناهيك عن العلاقات الشخصية وقرب الاشخاص من الجهة المنظمة لتلك الفعالية ودورها في تحديد اسماء المشاركين.
هنا تكمن اهمية الدقة في تنظيم الفعالية الثقافية او الهندسة الثقافية التي تعتمد الدقة في طرح الموضوع وكيفية تناولها وتأطيرها بالطروحات النقاشية المتجددة التي تكون من اناس مختصيين بالشان الثقافي المطروح او الاشكالية الثقافية المراد مناقشتها ومعالجتها عبر تلك الطروحات المتأتية من اهل الشان والاختصاص وسيكون افضل لو كانوا من الاختصاص الدقيق اذ سيكون الطرح في منتهى الدقة والتي تعد من اساسيات الهندسة لذا بات من الحاجة الماسة هندسة الثقافة.