بلا شك؛ إنَّ الشعرية العراقية – وكما هو معروف عنها – هي دائمة النزوع نحو الاكتشاف والتجريب والمغامرة والبحث عن انماط واشكال وتجارب وتيارات شعرية جديدة . وكما حدث ان قامت هذه الشعرية في اربعينيات القرن المنصرم؛ ومن خلال رواد ماسُمّي بالشعر الحر او الشعر الحديث بثورتها الشعرية الكبرى التي احدثت تغييراً رؤيوياً وشكلانياً في بنية الشعر العربي؛ كذلك كان الامر بالنسبة لها مع مااصطلح عليه بـ (قصيدة النثر) . حيث قام عدد من شعرائنا ومترجمينا وكتابنا ومن خلال تجاربهم القرائية اولاً والترجمية ثانياً والاكاديمية ثالثاً بقراءة وترجمة مجموعة من النصوص والمقالات والدراسات التي تتناول (قصيدة النثر) الاوربية والامريكية وغيرها . ولا ننسى اطلاع شعرائنا المبكر على تجارب بعض الشعراء العرب الذين كانت لهم تجاربهم الاولى في قصيدة النثر ومنهم الشاعر الراحل (انسي الحاج) وبيانه الشعري الذي نشره في ديوانه الموسوم (لن) والذي كان له اثره وصداه في جميع الاوساط الثقافية العربية آنذاك . وإذا ماتأملنا واقع قصيدة النثر العراقية تاريخياً ورؤيوياً فسنرى ان التجارب المبكرة لشعراء مثل (روفائيل بطي ومراد ميخائيل وحسين مردان) تأخذ صفة الريادة الاولى … وكذلك تجارب الشعراء الستينيين: سركون بولص وفاضل العزاوي وصلاح فايق وأنور الغساني والاب يوسف سعيد وعبد القادر الجنابي كان لها فرادتها وخصوصيتها في قصيدة النثر العراقية . ومن ثم نضجت وترصنت وأشرقت قصيدة النثر العراقية في مرحلة السبعينيات من خلال تجارب الشعراء (زاهر الجيزاني ورعد عبد القادر وخزعل الماجدي وعقيل علي وكمال سبتي وحميد قاسم وعبد الحسين الحيدري) وغيرهم . ولا ابالغ اذا قلت ان قصيدة النثر العراقية قد اصبحت اكثر رسوخاً ونضجاً وقوة ورؤية في مرحلة الثمانينيات التي كانت مرحلة وفترة محتدمة ومصطخبة كونها كانت سنوات حرب وموت ورعب وديكاتورية وأذكرعلى سبيل المثال لاالحصر تجارب الشعراء: (محمد مظلوم وباسم المرعبي ودنيا ميخائيل وناصر مؤنس وطالب عبد العزيز وعبد الزهرة زكي وجمال جمعة ومحمد تركي النصار وفضل خلف جبر وحسن النواب وسعد جاسم وصلاح حسن ووسام هاشم وزعيم نصار وسهام جبار وكريم شغيدل وعبد الحميد الصائح ومنذر عبد الحر ورعد فاضل وعلي البزاز وخالد البابلي وعبد العظيم فنجان وعادل مردان ونجاة عبد الله وعلي الاسكندري وشاكر مجيد سيفو وزهير بهنام بردى وعلاوي كاظم كشيش وجمال جاسم امين ونصيف الناصري) . وكذلك كان الامر في مرحلة التسعينيات فقد اخذت قصيدة النثر العراقية تنفتح على تجارب مختلفة ونصوص نافرة ومحتدمة ودامية كونها كانت فترة (الحصار الاقتصادي) الاسود؛ وقد شهدت ولادة اسماء وتجارب جديدة كانت لها نصوصها المهمة والمؤثرة والمتفردة . وأذكر منها الشعراء: (سلمان داود محمد وكولالة نوري وحسين علي يونس وخالد مطلك ورياض الغريب ومازن المعموري وفلاح عدوان والراحل احمد آدم وجمال علي الحلاق وسلام دواي والراحل حسين السلطاني وفليحة حسن وماجد حاكم موجد ورعد زامل وباقر صاحب واحمد عبد السادة وهشام العيسى وصادق الطريحي وعمار المسعودي والراحل عبد الامير جرص وعبد الخالق كيطان علي خصباك وصباح محسن). ثم اخذت قصيدة النثر العراقية في الالفية الجديدة ترسّخ وجودها النصي والرؤيوي المغاير والمختلف وتتمخض عن تجارب وشعراء اذكر منهم: (علي وجيه وعمر الجفّال وعلي محمود خضير ومعتز رشدي وكاظم خنجر وعمر السراي وصابرين كاظم واحمد ضياء ورنا جعفر ياسين وحسام السراي وعلي تاج الدين وعلي رياض وابتهال بليبل وفريد دوهان ووسام علي ومحمود جمعة وايهاب شغيدل وابراهيم الماس ومهند الخيكاني وآلاء عادل وأنمار مردان وشروق المرسومي) الذين لهم اشتغالاتهم النصية التي لها اشراقاتها الشعرية التي ساهمت في ديمومة وارتقاء وألق قصيدة النثر العراقية التي اكدت حضورها في الشعـرية العربية.