ليس العراقيون فقط الذين ينظرون الى رواتب وتقاعد نخبة المحاصصة العراقية بعجب واستهجان, كذلك حتى سكان الخليج الذين يحصلون على رواتب ومخصصات وامتيازات نحسدهم عليها, يشاركونا هذا الموقف. والحقيقة, فان تكاليف ما تتقاضاة الرئاسات الثلاثة, يقدر بـ 23% من الميزانية السنويه: رواتب وتقاعد وحراسات وسيارات ومصاريف يومية وايفادات وامتيازات شىء لا يقبله العقل والمنظق, حتى ان المستشارة ميركل والرئيس الفرنسى ماكرون وبقية روساء اوربا الغربية يعتبرون فقراء مقارنة بنخبة المحاصصة, بالاضافة الى المبدعين من كبار الفنانين ولاعبى كرة القدم مثل رونالدو وميسى الذين يدفعون ضريبة دخل عالية جدا, فى الوقت الذى لا تدفع نخبة المحاصصة اى ضريبة وحتى لا يوجد فى مفردات قانون موظفى الدولة فقرة ايجار البيت, فهم يسكنوا قصور صدام حسين او ما اغتصبهوه من املاك الدولة وتحايلوا على املاك المواطنيين العراقيون الذين تم تهجيرهم بالاضافة الى 3 ملايين دينار كبدت ايجار شهرى ينوى الرئيس الجديد للمجلس النيانى منحها لنواب المحافظات والتى سوف تشمل, كالمعتاد, نواب مدينة بغداد.
المتداول عالميا أن موظفى الدولة يخضعون لجداول تحدد حجم الراتب حسب مستوى التعليم ونوع المهنة وسنين العمل, وكذلك يتم حساب تقاعدهم بعد بلوغ الـ 60- 65 سنة, اما نخبة 2003 فلا توجد محددات للرواتب والتقاعد والامتيازات, ان النائب فى البرلمان, حتى اذا لم يكمل الـ4 سنوات من الدورة البرلمانية, وكذلك بالنسبة للوزير والدرجات الخاصة, حتى اذا عمل لمدة شهر واحد فأن مقدار تقاعده يكون نفس اخر راتب كان يحصل علية.ان المئات من امثال الذى اصبح رئيسا للجمهورية لشهر واحد فقط ( (الياور) ما زال يتقاضى راتبا تقاعديا هو نفس راتبه حينما كان رئيسا للجمهورية ومثل السيد( الياور) يوجد بالتاكيد بضعة الاف من الموعودين والمقربين. اماالمواطن فيسرى عليه جدول قانون التقاعد حيث يخضع لحساب عسير لا يفهمه الا الضالعين فى العلم والذى يسمح بتفسيرات وتأويلات كثيره, وحتى اذا اعترض المواطن فان هذا لا يعنى ان يصل الى نتيجة ايجابية. بعد خدمة 23 سنه استاذ فى جامعة بغداد أن راتبه التقاعدى 550 دينار, 460 دولار). مثال بسيط يمس الالاف من المتقاعدين, ولكن السيد عادل عبد المهدى بعد استقالته كان يستلم مليون دولار شهريا, ونسئل عن اى عمل او فعالية, فهو ليس فاعلا فى الحكومة وليس متقاعدا!! ان هذه المليون دولار لابد ان تكون حصته كعضوا فعال فى نخبة المحاصصه التى مازالت تحكم العراق, ويحسب عليها وتحسب عليه.
ان نخبة 2003 , الرئسات الثلاثة وتوابعها, لا تخضع لقوانين حساب الرواتب والتقاعد وذلك لانهم ليسوا موظفين عاديون يعملون فى مرافق الدولة وبالتالى للشعب ويخضعون للقوانين والاعراف واخلاقيات العمل, انهم ضمن تشكيلة غريبة عجيبة جمعت بين من يدعى المظلومية ومقاومة النظام السابق وتعرض للظلم والاضطهاد: كان قسم منه يعيش فى العراق والقسم الاكبر فى اوربا وامريكا وقد تم اختيارهم من قبل قوى الاحتلال التى اسقطت حكم صدام. لقد نجحوا فى الاختبارات التى خضعوا لها فى واشنطن, لندن وكردستان العراق للتعرف على مدى اهليتهم ودرجة استعدادهم لتنفيذ المهمات التى سوف تناط بهم والتى تناولت مواصفات معينة بعد دراسة دقيقة لتاريخهم وسيرتهم الشخصية وانتمائاتهم الفكرية والدينية والقومية والطائفية لتنفيذ مشروع ما بعد صدام حسين وحزب البعث, هؤلاء يشكلون قمة هرم النخبة, رؤساء الكتل, والذين يقوموا باختيار اشخاصا وجماعات على ان يحملوا نفس المواصفات والمقومات ان لم تكن اسؤ على ما هم عليه. كانت النخبة المختاره تعمل فى مشروع لايخضع للقانون والاعراف العامة ولا الى مسؤلية المواطن تجاه وطنه والصالح العام, وعلى العكس من ذلك تماما,انهم يعملون فى مشروع عدائى من مخططات قوات الاحتلال ولمصلحته بشكل مباشر. ان وظيفتهم الرئيسية تقوم على توفير الشروط الضرورية لقوى الاحتلال لتحقيق اطماعها واهدافها وبالمقابل فأن قوى الاحتلال قد اعطتهم مجالا واسعا للحركة والعمل, وبنفس الوقت جعلت منهم شركاء ولهم حصص فى هذه الغزوة والوليمة الكبيرة.
ان نوعية وماهية عمل نخبة المحاصصةو فى حقيقة الامر يتجاوز كثيرا جرائم سرقة البنوك, تزوير العملة , فرض الجباية على اصحاب المحلات التجارية والمشاريع وتنفيذ اعمال للاخرين يكلفون بها…الخ لانه يتعلق بقضية وطن ومستقبل شعب وتعتبر انعكاسته اكثر ضررا وسلبية على ما تقوم به عوائل المافيا وعصابات الجريمة المنظمة وتجارة وصناعة المخدرات. ان هيكل هذة العصابات يقوم على النظام الهرمى لتوزيع السلطة والقرار والذين فى قمة الهرم يقوم بالتخطيط للعمليات وتحديد عمل وصلاحيات المشاركين التنفيذيين, وبلا شك فان هؤلاء لا يستلموا رواتب وانما حصص من الغنيمة التى حصلوا عليها من كل عملية, وهذه الحصص توفر لهم مستوى راقيا من الحياة المكللة بالحوافز والامتيازات التى تعتبر ثمنا للاخطار المحيطة بهم والعقوبات التى يمكن ان تطاردهم بالسجن والاغتيال وحتى القتل. اما بالنسبة لنخبة 2003 فأنها تختلف تماما : انهم السلطة التشريعية والتنفيذية التى طوعت القضاء ومؤسسات الدولة لخدمة العمل المكلفة به بالاضافة الى حماية مصالحها الخاصة بحيث لا يخضعوا للمسائلة والعقاب.
ان نخبة 2003 لا يخضع للمسؤلية امام الشعب, وذلك لان الشعب لم يأتى بهم الى السلطة ولم يكلفهم بالمهمات التى قاموا بها لحد الان ومسؤليتهم, فى حقيقة الامر, تنحصر بالقوى الاجنبية التى جاءت بهم, وكما يبدو فأن القوى التى جاءت بهم سعيدة بهم وهم , بلا ادنى شك, لم يقصروا بما انيط بهم, لا بل انهم نجحوا واجادوا فقد قدموا اكثر مما كان متوقعا: تراجع وضع العراق كدولة محترمة الى تشكيلة هلامية فاقدة للشرعية لا تستحق الاحترام والى مستوى بائس فى جميع مرافق الدولة حيث اصبح فى ضعفه وفسادة وسرقاته يفوق (جمهوريات الموز) فى امريكا اللاتنية فى القرن الماضى و(الصومال والكونغو) فى افريقيا حاليا.
ان النظرة الى نخبة 2003 كرئاسات لتنظيم ومراقبة عمل الدولة, كوزراء مدراء ومستشارين ودرجات خاصة لا يتفق مع الواقع, فقد اصبح الدستور والقوانين مجرد واجهات لا تعنى لهم شيئا وهزالتها واضحة للعيان, وفى قرارة انفسهم يتسائلون عن احقية المثقفين والمواطنين فى توجيه النقد لهم بالتقصير واتهامهم بسرقة المال وتخريب الدولة والمجتمع, انهم بنفذون ما اتفق علية مسبقا, ولم يكن بناء جيش وطنى والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطوير الخدمات الاساسية, ماء, كهرباء , شوارع تعليم…..الخ ضمن واجباتهم. انها حالة فريدة ان تجتهد نخبة 2003 بعملية تخريب وتهديم, وهم يعلمون جيدا الابعاد المدمرة لسياستهم وافعالهم, الا ان ما استطاعوا الوصول اليه من ثروات واملاك وارصدة فى البنوك العالمية ووجاهة واحترام, كانت تعويضا كبيرا لم يكن قائما حتى فى احلام اليقظه, ولكنهم يكافؤن من قبل القوى التى اوكلتهم ان لاتخضع سلوكياتهم وافعالهم للمراقبة والمساءلة فى مثل هذا الوعى المنحرف تتجرد نخبة المحاصصه من المسؤلية بكل سهولة ويستمروا بعد 15 عاما من الحكم على احتكار السلطة والحفاظ على المحاصصة, واذا اندلعت ثورة شعبية عامة فسوف يستقلوا الطائرا حيث تقيم عوائلهم علينا ان ندرك كمواطنين هدرت واغتصبت حقوقنا ان هذه النخبة سوف لا تقدم خيرا للبلاد وشعبها كما ان الاوضاع المزرية سوف تستمر لسنين لاحقة, ونسئل انفسنا عن ما يجب القيام به لتحريك الواقع المتحجر؟؟