صواريخ بالستية إيرانية في العراق والحكومة العراقية آخر من يعلم.
ضربات جوية بطائرات مسيرة والحكومة العراقية آخر من يعلم.
الخارجية الإيرانية تعلن قرار دمج الحشد الشعبي بالجيش العراقي، والحكومة العراقية آخر من يعلم.
نوري المالكي يعلن أن الدفاع عن إيران واجب مقدس، والحكومة العراقية آخر من يعلم.
فالح الفياض، مستشار الأمن القومي العراقي يقول إننا نقف مع إيران في مواجهة الحصار، والحكومة العراقية آخر من يعلم.
أبو مهدي المهندس القائد الأوحد للحشد الشعبي يؤكد أنه جندي تحت إمرة قاسم سليماني، والحكومة العراقية آخر من يعلم.
محافظ صلاح الدين السابق، أحمد الجبوري، المعروف بـ (أبو مازن)، يعلن على شاشات التلفزيون: أن “ أميركا تريد من أيران أن لا تتدخل بالشأن المحلي العراقي، وهذا الأمر نرفضه كتحالف محور، وأن الأمر كله عبارة عن استهداف لمشاريعنا العراقية الداعمة لإيران“.، والحكومة العراقية آخر من يعلم أيضا.
إن هذا كله، وغيرَه الكثير، يحدث في الدولة العراقية ذات السيادة والقرار المستقل والرؤساءُ الثلاثة باقون في قصورهم، وساكتون، ولا يستقيلون.
فبغض النظر عن الجهة التي قامت بضرب معسكر الشهداء في صلاح الدين، وعن الدوافع التي جعلتها تنفذ الضربة، فإن الرصاص الذي أطلقته الطائرة المسيرة على (مجاهدي) الحرس الثوري وحزب الله والحشد الشعبي كان أول الذين اخترق صدورهم، وجرح كبرياءهم، ومرغ هيبة مناصبهم بالأسوأ من التراب، هم الرؤساء الثلاثة الذين يُفترض فيهم أنهم عراقيون، وأنهم وطنيون لا يقبلون أي مساس بالسيادة الوطنية من قبل أية جهة خارجية، وبأي عذر كان.
والحقيقية أن الشعب العراقي، وشعوبَ الدول المجاورة، وشعوبا أخرى عديدة في الكرة الأرضية توقعت أن يسارع الرؤساء الثلاثة إلى إعلان استقالاتهم الفورية احتجاجا على ما تفعله إيران بدولتهم وشعبهم، وخصوصا تصميمَها على الزج بالشعب العراقي في حربٍ لن تعود عليه إلا بمزيد من المصائب والمآتم والخراب، وهو الذي ليس له فيها ناقة ولا جمل.
وسواء رضوُا أو لم يرضُوا فإنهم، بعد ضربة معسكر الشهداء في صلاح الدين، لم يعودوا رؤساء، ولا وطنيين في نظر الشعب العراقي والعربي والعالم، بل أثبتوا، بسكوتهم عن هذه الفضيحة، أنهم موظفون مستأجرون فقط لتنفيذ ما يطلبُه منهم السيد الإيراني ووكلاؤه وخدمُه المحليون، وهم ساكتون ولا يستقيلون.
وزيادة على ذلك أنهم ربطوا مصيرهم بمصير النظام الإيراني، حتى وهم يرونه في أسوأ حالاته وهو يقترب من يوم القصاص الكبير.
فلا حاجة لنا هنا لتكرار القول بأن النظام الحاكم في إيران، مدفوعاً بقوة الضغط الأمريكي متعدد الأشكال والأوان، أصبح يتصرف بقلة صبر وعصبية وعناد. وهذا، بالضبط، ما فعلته قبله في آخر أيامها أنظمةٌ ديكتاتورية متخلفة وغبية وحمقاء، فذاقت المر وأصبحت في ذمة التاريخ.
فدون شك إن اعتمادَه سياسةَ التحرشات الصغيرة الخائبة الفاشلة دليلُ ضعفه وتهافته وقلة عقله وتدبيره، وإشارةٌ إلى أنه مختنق، فلماذا هم مختنقون معه، وساكتون ولا يستقيلون؟
نعم إن ترمب يحاول أن يكتفي بالعقوبات الاقتصادية والعسكرية والسياسية، ويتجنب، قدر المستطاع، تورطه في أي حرب في الخليج العربي، خوفا مما لا يمكن التنبؤ به من نتائجها السيئة المحتملة.
أما إذا تمادى النظام الإيراني في استفزازاته، وارتكب، عمدا أو مصادفة، خطيئةً ترقى إلى مرتبة المساس بالهيبة القومية الأمريكية فإن ترمب عندها سيفقد معجبيه، وسوف تتحول قوته الحالية إلى ضعف، وسيمنح ذلك خصومَه الديمقراطيين الخنجرَ الذي يذبحونه به، فقط إن هو لم يكن عند حسن ظن مواطنيه به، وإن تقاعس عن الثأر لكرامة الدولة العظمى، وإن لم ينفذ تهديداته التي كرر فيها القول أكثر من مرة بأن “الحرب ستكون النهاية الرسمية لإيران”.
ولكن جميع الدلائل والإشارات، هنا في أمريكا، تخبرنا بأن الذي يزيد من معجبيه، والذي يحرج خصومه الديمقراطيين إلى حد كبير، هو صبرُه، ونفَسُه الطويل، وتجنبُه التصرف بطيش، كما فعل قبله رؤساء آخرون، ونجاحُه الباهر في استمالة مزيد من حكومات أخرى متضررة من الحماقات الإيرانية، مع استمراره في سياسة الذبح البطيء، دوولا ييأس ولا يتراجع.
وخلاصة الخلاصة أن النظام الإيراني، مهما تبختر وتجبر، ومهما تمدد وتنمرد، آيلٌ للسقوط، فهل يسارع الرؤساء الثلاثة إلى القفز من السفينة الذماضية بسرعة وقوة إلى الغرق في مياه الخليج؟