لا إعمار ولا خدمات ولا كرامة في ظل سيطرة اللصوص على حكم العراق
آخر تحديث:
بغداد/شبكة أخبار العراق- إعادة إعمارالعراق”؛ هو العنوان الرئيس لأكبر تحدٍ تواجهه الحكومة العراقية؛ بعد القضاء على ما يسمى بـ”تنظيم الدولة الإسلامية”، وإخماد المساعي الانفصالية الكُردية في الشمال، وتهدئة الأوضاع في “البصرة” الجنوبية.. ولكن الفساد وسوء إدارة أموال إعادة إعمار “العراق”؛ تُعد عائقًا آخر ربما أكثر خطورة، فمنذ الغزو الأميركي، 2003، إتخذت الحكومات المتعاقبة من مسمى “الإعمار” شماعة تعلق عليها أطماعها وجعلوها مصدر “إسترزاق” ونهب وتربح لهم، هذا علاوة على نهب “أميركا” وحلفائها لخيرات “العراق” ومورارده ومقدراته.
بعض العراقيون كانوا يتوسمون ـ للأسف ـ خيرًا في الاحتلال الأميركي لـ”العراق”، على اعتبار أن الأميركيون سيقومون فعلاً بـ”إعمار العراق” ـ أو هكذا ظن البسطاء ـ وأنهم سيجعلونه من الدول المتطورة، لكن الذي حدث أن أيًا من آمال “الإعمار” لم يتحقق؛ بل زادت الخدمات سوءًا، وصار المواطن العراقي محرومًا من الكهرباء إلا ساعتين في اليوم، إضافة إلى إنقطاع المياه الدائم رغم وصول نسبة التلوث فيها إلى 35%، والأمر انعكس على كل مرافق الحياة في “العراق”، ولا يزال يسمع المواطن العراقي عن تخصيصات كبيرة لـ”إعمار العراق” وعن دول مانحة واستثمارات كبيرة وشركات “إعمار”، لكن لا يرى من ذلك شيئًا، لا “إعمار” ولا “أموال الإعمار”؛ التي تسربت سواء أكانت تلك الأموال من ميزانية “العراق” أو من دول أخرى، ومنها “أميركا” نفسها !
وكان رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، قد دعا، يوم 20/9/2019، الشركات الصينية والعالمية إلى الإسهام “بنهضة العراق وإعادة بُناه التحتية”.جاء ذلك، خلال مشاركته في أعمال “مؤتمر التصنيع العالمي”، في “الصين”، الذي بدأ أعماله في مدينة “خيفي” الصينية، كضيف شرف بدعوة من نظيره الصيني، “لي كيشيانغ”، إلى جانب أعضاء الوفد العراقي.وذكر بيان المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، أن “عبدالمهدي” أكد على حاجة بلاده “إلى زخم علاقاته الآسيوية المؤثرة والصينية بوجه خاص؛ بالإتجاه الذي يعيد للعراق دوره الحيوي الفاعل والمؤثر”.وألقى “عبدالمهدي” كلمة، بحسب البيان، أعلن خلالها عن اللقاء الذي سيجمعه مع الرئيس الصيني وقيادات عليا حكومية وحزبية، دون تحديد موعد.ودعا “عبدالمهدي”؛ “الشركات الصينية والعالمية إلى الإسهام بنهضة العراق؛ وإعادة بُناه التحتية، وتعهد بضمان تذليل العقبات من خلال لجنة مركزية لتأمين الظروف والفرص”.وشدد “عبدالمهدي” على أهمية زيارة “الصين”، ووصفها بالمفصلية؛ وأن الإعداد لها تم بشكل مبكر.
وكشف رئيس الوزراء العراقي أن حجم التبادل التجاري بين “بغداد” و”بكين”؛ يبلغ 30 مليار دولار سنويًا، ويميل لصالح “العراق”. وتبلغ استثمارات “الصين”، في “العراق”، نحو 20 مليار دولار، تتركز في المجال النفطي، بحسب السفير الصيني لدى بغداد، “تشانغ تاو”.والعراق، ثاني أكبر منتج لـ”النفط الخام” في منظمة البلدان المصدرة للبترول، (أوبك)، بمتوسط 4.5 ملايين برميل يوميًا.مؤتمرات عدة أقيمت، على مدار السنوات الماضية، في عدة دول لـ”إعمار العراق”، ومع ذلك تتزايد يومًا بعد يوم التكلفة المطلوبة لعمليه “الإعمار”، وبدلًا من أن الحكومة والإدارة الأميركية كانت تتحدث عن حاجتها لـ 50 مليون دولار لـ”إعمار العراق”، 2003، أصبحت تتحدث الآن عن حاجتها لمليارات الدولارات مع إضافة الحرب على (داعش) وتوابعها، ومع الفساد المستشري بين المسؤولون والذي ينخر في جسد “العراق” كالسوس الأبيض، ومع فساد مسؤولون أميركيون كانو يديرون ملف “العراق”؛ رغم غض الطرف الأميركي عن فساد الأميركان وأطماعهم وتطرقهم فقط لفساد الحومات العراقية.
وخلص تقرير مراجعة حسابات، مولته الإدارة الأميركية، إلى سوء التسيير الذي شاب عمليات “إعادة إعمار العراق”؛ مما تسبب في إهدار ملايين الدولارات وعدم إتمام مئات المشاريع، وأشار التقرير إلى أن العديد من المشاريع التي قيل إنها استكملت أو إنها قد نجحت؛ لم تكن كذلك.التحقيقات كشفت أن هناك مئات الملايين من الأموال العراقية قد نُهبت وقد ذهبت ولا يعرف أين ذهبت هذه الأموال، من يتحمل مسؤولية هذه الأموال ؟الحاكم المدني للعراق، “بول بريمر”، أهدر، وهذا الكلام لـ”الكونغرس” الأميركي، 8.8 مليار دولار؛ بمعنى قرابة مليار دولار، نعلم تمامًا أن هناك أمين صندوق إعادة الإعمار وهو، “روبرت ستاين”، وهو أعترف في المحكمة الأميركية أنه أختلس 2 مليون دولار.. ونعم؛ أن هناك عشرات المشاريع وعشرات العقود والصفقات والكوميسيونات وكل هذا بإعتراف الجهات الأميركية، فما هو التحسن الذي يشير إليه الأميركان ؟.. قد يكون الآن مستوى الرشوة والفساد، داخل دوائر الدولة، مستشري بشكل كبير جدًا، لكن في نفس الوقت لابد أن تتحمل “الولايات المتحدة” تبعات ما أفسدته.وتشير التقارير إلى إدانة قرابة 35 شخصًا بتهم سوء الإدارة في البرنامج الأميركي لـ”إعادة إعمار العراق”، إلى جانب 154 تحقيقًا مفتوحًا في مزاعم رشاوى، وتضارب مصالح، وتقديم أدوات معطوبة، والتلاعب في مناقصات، واستشهد التقرير بمشروع سجن “خان بن سعد”، في محافظة “ديالى”، الذي أنفقت “الولايات المتحدة”؛ 40 مليون دولار، على بنائه، ويبلغ إجمالي تكلفة تشييده 73 مليون دولار، فيما توقفت عمليات التشييد منذ سنوات.
ومع وجود تخصيصات مالية كثيرة لما يسمى “إعمار العراق”؛ وعدم لمس ذلك الـ”إعمار” على أرض الواقع، دفع سلطات التحقيق في “الولايات المتحدة الأميركية” إلى التحقيق، فيما يدعى بأكبر عملية إحتيال في تاريخ “الولايات المتحدة الأميركية”، ومعرفة الدور الكبير الذي لعبه ضباط الجيش الأميركي في هدر 125 – 240 بليون دولار في عمليات “إعادة أعمار العراق” بعد الغزو الأميركي، 2003.وفي شباط/فبراير 2018، استضافت “الكويت”، “مؤتمر المانحين لإعادة إعمار العراق”، حصلت “بغداد” من خلاله على تعهدات من مستثمرين ومانحين بقيمة 30 مليار دولار، لإعادة إعمار ما دمرته الحرب ضد تنظيم (داعش) الإرهابي، على مدى ثلاث سنوات (2014 – 2017).وتواجه الحكومة العراقية، حاليًا، ملفات خطيرة ربما تطيح بها نهائيًا، أبرزها مكافحة الفساد وتدهور الأحوال الاقتصادية ونقص الخدمات والبطالة، كما أن عدم الإسراع في “إعادة الإعمار” قد يعيد (داعش) مجددًا للأماكن المحررة، كما أن تهديدات زعيم التيار الصدري، “مقتدى الصدر”، وتحالفه (سائرون)، بسحب الثقة عن حكومة “عبدالمهدي” أو إسقاطها “تؤزم الوضع”. وتضغط على الحكومة، خصوصًا أن “الصدر”، وتحالفه، هما جزء رئيس من الحكومة، وهم من جاؤوا برئيسها، ولديهم وزارات ومناصب في الدرجات الخاصة.بغض النظر عن أهداف تلك التهديدات، فربما تكون طبخة جديدة تجاه الحكومة، أو محاولة للحصول على مناصب أخرى، أو إنها نيّات صادقة لدفع الحكومة إلى تقديم خدمات وتحقيق البرنامج الحكومي.ويسود إنطباع عام، أن بعض الأمور لم تُنجز في البرنامج الحكومي، وأن ما أُنجز محدود قياسًا بما ورد بالبرنامج الحكومي، مثل البطالة التي بقيت نسبها عالية رغم تثبيت العقود، كما أن ملف الخدمات لم يتحسن بالمستوى المطلوب.