لم يهدر بلدا أمواله وثرواته لبناء وتطوير مؤسسته العسكرية مثلما فعل العراق الذي انفق نحو 150 مليار دولارعلى تاهيل وتسليح وتطوير المؤسسة العسكرية خلال السنوات التي أعقبت الاحتلال حسب مصادر متطابقة
وهذه الاموال الضخمة لم تستطع ان تمنع الانهيارات الامنية لاسيما بعد سقوط الموصل والرمادي وتكريت وكذلك لم تمنح العراقيين الامان والاستقرار من دون ان يرى العراقيون النور في نهاية النفق
فبدلا من تعزيز قدرات القوات المسلحة وتنويع سلاحها وتاهيل منتسبيها هدرت الاموال بصفقات سلاح مشبوهة كما ان قسما منها ذهب الى جيبوب اللصوص ومن يوفر الغطاء السياسي لهم
وتحول العراق بفعل هدر امواله وفشل مؤسسة العسكرية الى ساحة للصراع وملاذا للميليشيات واجندتها التي تقاطعت من ارادة العراقيين ومشاغلهم واحتياجاتهم الحياتية
فالاموال المهدورة منذ احتلال العراق بضمنها الرقم المعلن تقدر بنحو 700 مليار دولار من دون ان يلمس العراقيون تغيرا في حياتهم ولم يسعدوا بتلك الاموال المتأتية من عوائد النفط
فتلك الاموال اما سرقت او ذهبت الى جيوب اللصوص بفعل الفساد والرشا على مشاريع وهمية أو بفعل صفقات مشبوهة لقوى نافذة وجدت في حال عدم الاستقرار والفوضى التي عمت العراق بعد احتلاله مناسبة للسطو على ثروات البلاد
فالاحتلال الامريكي هو من فتح الابواب مشرعة للصوص ومبددي المال العام وهدره ما شجع اللصوص الذين كانوا يتحينون الفرص للانقضاض على تلك الاموال فيما وفر نظام المحاصصة الطائفية الحماية لهم
ومايعانيه العراق من ضائقة مالية وعجز في ميزانيته واحتمالات عجزه عن سداد ديونه التي قاربت 145 مليار دولار وتوقف مشاريع البناء والاعمار هي نتيجة حتميه لضياع تلك الاموال التي كان من المفترض ان تحمي العراق من اي ازمة طارئه
وعلى الرغم من ان المؤسسة العسكرية التي بنيت على وفق نظام المحاصصة الطائفية استحوذت على نسبة كبيرة من أموال العراقيين فانها لم تجلب لهم الامن والاستقرار وتحولت الى أداة بيد القائمين على الحكم في العراق لمنع أي محاولة جادة للتغيير والحفاظ على ثروته من الفاسدين كما جرى عندما قمعت انتفاضة شعبية سلمية راح ضحيتها اكثر من 100 عراقي وسبعة الاف جريح كانت تطالب بالإصلاح والتغيير في مشهد عكس هشاشة النظام السياسي وفشل مشروعه الطائفي واصراره على الخيار الأمني في مواجهة المتظاهرين السلميين الذين يطالبون بحقوقهم المشروعة بعد ان صادرها النظام وابقى الشعب العراقي فقيرا ومسلوب الإرادة
ان فشل الحكومات التي أنتجها الاحتلال وسارت على نهج مشروعه الطائفي والتقسيمي واضعفت العراق وأهدرت ثروته هي من تساعد وتعزز نهج وطريق الحراك الشعبي وهذا الخيار مرهون بتحقيق اصطفاف وطني عابر للطائفية والعرق
إن الإصرار على استخدام القوة وفتح النار على المتظاهرين يعكس هلع وخوف السلطة السياسية بعد فشل حكوماتها المتعاقبة على تلبية حاجات العراقيين بالامن والاستقرار والحفاظ على أموالهم التي استحوذ عليها حيتان الفساد ومن يدعمهم ويتستر على استمرارهم على نهب ثروة العراقيين
ولم تقتصر ردة فعل السلطة السياسية على الخيار الأمني في قمع المحتجين السلميين حسب وانما قراراتها الخجولة التي لم تستجب للمطالب المشروعة في موقف يهدد باستمرار وتصاعد الحراك الشعبي وتداعياته المحتملة على جميع الصعد