موانىء العراق تحت سيطرة الصدر والحكيم والمالكي و100 مليون دولار يوميا لصالح الميليشيات من مزاد بيع العملة!
آخر تحديث:
بغداد/شبكة أخبار العراق- مضى نحو شهرين على انطلاق الاحتجاجات المناهضة لتفشي نظام الفساد في العراق، حيث تعج بغداد ومدن جنوب العراق ذات الأغلبية الشيعية بالمتظاهرين، ما أدى في الكثير من الأحيان إلى قطع مؤقت للطرق المؤدية إلى موانئ التصدير والحقول النفطية استنكاراً لعمليات تهريب النفط غير المشروعة و”الشبكات السرية” من إيران عبر العراق، وصولاً إلى سوريا ولبنان، والتي استنزفت الاقتصاد العراقي لسنوات.
وفي حين تكثر الأقاويل و”الادعاءات” عن توقف تام لعمليات نقل شحنات النفط الخام من بعض الحقول النفطية إلى موانئ التصدير جنوباً وتأثر الإمدادات النفطية العراقية، تطرح تساؤلات عديدة حول غياب أي تصريح رسمي من الشركات النفط العالمية التي تدير الحقول العراقية، أمثال “لوك أويل”، “BP”، “وشل” تشكو من تعطل الإنتاج… وإذا سلمنا جدلاً أن ذلك قد حدث، لماذا لم ينعكس ذلك ارتفاعاً في أسعار النفط بالسوق العالمية خصوصاً، أن العراق يصدر ما لا يقل عن 3 ملايين برميل يومياً!
في محافظة البصرة الغنية بالنفط في جنوب البلاد، أفاد المحلل العراقي والخبير الاقتصادي د.صادق الركابي في حديث خاص مع “العربية.نت”، أن السلطات الرسمية تحاول أن تعطي انطباعاً وتخلق نوعاً من “التهويل” و”المبالغة” في حجم الخسائر والأضرار، كورقة ضغط على المتظاهرين، في محاولة منها لقمع تلك الاحتجاجات بذريعة تهديد الإمدادات النفطية وإيرادات الموزانة العراقية.
وأوضح أن أبرز الحقول النفطية، التي شابها تعطيل مؤقت لمدة 5 أيام كحد أقصى، إنما جاء نتيجة لعدم قدرة العمال الوصول إلى هذه الحقول وليس بسبب عمليات تخريبية ومحاولات تدمير وحرق للمنشآت النفطية، كما يروج له، وهي على الشكل الآتي:
1- حقل الغراف النفطي في محافظة ذي قار، حيث عمدت العشائر العراقية في تلك المنطقة، إلى منع الموظفين من الدخول إليه، ما أدى إلى توقف الإنتاج بنحو 50%. مع العلم أن شركة “بتروناس” العاملة في حقل “الغراف” رفعت طاقته الإنتاجية بواقع 200 ألف برميل يوميا.
2- حقل القرنة هو أحد الحقول النفطية التي تقع في جنوب العراق وبالتحديد في محافظة البصرة، توقف الإنتاج بحدود الـ25%، ثم عاد الضخ كما كان عليه في السابق من قبل القوات الأمنية.
3- حقول الرميلة النفطية، لم يحدث فيها أي توقف للإنتاج.
4- أمّا حقل مجنون، وهو أكبر الحقول، بمتوسط إنتاج 245 ألف برميل يومياً، فقد جرت محاولات في بداية التظاهرات لمنع دخول الموظفين ، إلا أن ذلك ينجح ولم تتأثر عملية الإنتاج.
وفي حين أشار الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية عبد الكريم خلف إلى وجود “عصابات” تستغل التظاهرات لمحاولة تدمير وحرق مؤسسات الدولة والموانئ والمنشآت النفطية”، أكدت مصادر مطلعة رفيعة المستوى للعربية.نت أنه حتى لو هددت العشائر بإغلاق الموانئ النفطية، فهذا لن يشكل خطراً على الحقول النفطية العراقية ولا على الإمدادات لوجود “قوى أجنبية مستأجرة”، لتأمين الحماية لها!
أمّا لحقل القيارة (في محافظة نينوى) قصة مختلفة، فهو الحقل الوحيد الذي أغلق تماماً غير أن إنتاجه لا يتجاوز الـ20 ألف برميل يومياً فقط بحسب خبير نفطي متخصص، وهو أصلاً كان يخضع لسيطرة داعش وشكل آخر الحقول التي تسلمتها الحكومة العراقية.
وللمفارقة هنا، أن هذا الحقل كان قد شهد على عمليات نهب وسرقة للنفط من قبل الميليشيات العراقية المسلحة، باتجاه سوريا عبر صهاريج نفطية، تقدر ما بين 72 إلى 80 ألف برميل يومياً، وهي كميات منهوبة من “القيارة”، ومن تلعفر (مدينة عراقية تقع شمال غربي العراق، وتتبع إدارياً إلى محافظة نينوى)، وفق ما كشف تحقيق سابق للعربية.نت.
لم تخلُ موانئ البصرة من الاحتجاجات وقطع الطرق المؤدية إليها، بعدما أفادت مصادر رسمية، عن “توقف الاستيراد والتصدير بسبب عدم تمكن الشاحنات من الدخول إلى ميناءي خور الزبير وأم قصر”، وهما من الأبرز لتصدير المشتقات النفطية واستيرادها، إضافة الى سلع مختلفة.
لتأتي تصريحات صادمة من الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، بأن تكلفة تعطيل ميناء أم قصر يكلف العراق خسائر بـ6 مليارات دولار في الأسبوع الواحد!
يستغرب د.صادق الركابي هذه الأرقام المبالغ بها، في محاولة لإثارة الرأي العام ضد المتظاهرين، قائلاً: “في كل يوم تعطيل في الميناء يكلف العراق 300 ألف دولار، وفق تصريحات رسمية، وإذا كانت المدة التي كان يتحدث عنها عبد الكريم خلف هي 14 يوما، فهذا يعني وبحسبة بسيطة أن العراق قد خسر 4.2 مليون دولار من كلفة تعطيل الميناء، فمن أين أتت الـ6 مليارات دولار؟”.
ويرجح الركابي حالة القمع التي يتعرض لها المتظاهرون إلى خوف الأحزاب من سحب البساط من تحت أقدامها ووقف الطريق أمام مزاريب الفساد والصفقات، حيث يتم استخدام أرصفة “ميناء أم قصر” لتحاصصها بين الأحزاب، لذا جن جنونهم من الحركات الاحتجاجية نتيجة الخسائر التي يتكبدونها، كاشفاً أن هناك 3 أحزاب متشاركة في تقاسم الميناء، وأخذ عمولة على البضائع التي تستورد وتصدر عبره وسط حالة من التعتيم على الإيرادات الجمركية السنوية، والتي تقدر ما بين 7 إلى 8 مليارات دولار وهي:
1- تيار الحكمة الوطني برئاسة عمار الحكيم
2- التيار الصدري برئاسة مقتدى الصدر
3- ائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي
وهذا ما نفاه النائب في البرلمان العراقي، حسن المسعودي، في حديث هاتفي مع “العربية.نت”، معتبراً أن مصلحة البلاد الحالية تتطلب مصالح اقتصادية عليا، “من هنا تكمن أهمية فتح ميناء أم قصر لتوفير الموارد المالية وتحقيق المصالح الشعبية، والأحزاب بعيدة عن المحصصات، موقف تيار الحكمة كان واضحاً منذ البداية في الابتعاد عن المحاصصة في جميع المرافق الحيوية”.
بالمقابل، تشير مصادر مطلعة للعربية.نت، أنه وفقاً لتقرير أوبك الأخير، فقد انخفض انتاج العراق بشكل بسيط بمقدار 42 ألف برميل يومياً في شهر أكتوبر مقارنة بإنتاج شهر سبتمبر إلى 4,690 مليون برميل يوميًا، لكن لا دليل على ما إذا كان ذلك بسبب الاحتجاجات أو كان أمرا طبيعيا في مثل هذا الوقت من السنة.
ولكن التقديرات لشهر نوفمبر تشير إلى صادرات قدرها حوالي 3.3 مليون برميل يوميا من الجنوب وهذا أقل مما تم تصديره في شهر أكتوبر الماضي (حوالي 3.5 مليون برميل يوميا).
لكن اللافت في الأمر، وفق المصادر، بأن الولايات المتحدة الأميركية قد قامت بالإفراج عن مخزونها الاستراتيجي بأكثر من 3 ملايين برميل، وهذا أكبر من أي كمية قد تخسرها العراق، بحسب المصادر.. فهل هذا يعطي دلالالة عن تخوف ما فتدخلت اليد الأميركية تحسباً لأي خلل في الإمدادات العراقية؟
ومن يمعن التدقيق في تسلسل الأحداث، يرى أن للاحتجاجات التي اندلعت في إيران واتجاه الحكومة لرفع أسعار البنزين صلة بما يحدث بالعراق، “إذ إن الإيرادات والمداخيل غير الشرعية والعمولات التي كان يحصل عليها الإيرانيون من البواخر النفطية وتهريب الأموال والبضائع والمنافذ غير الشرعية، قد قلت بشكل كبير مع تعطل الموانئ العراقية وإقفال المنافذ”، وفق الركابي.
وهذا ما زاد الخناق على الإيرانيين وسط العقوبات الأميركية المتشددة، بعد أن كان العراق المتنفس الأكبر لها للتحايل على العقوبات.
وفي حين أن طهران قد أوجدت بدائل عديدة لتقود عمليات تهريب واسعة النطاق، عبر شبكات نقل سرية “براً” والبنوك السوداء والتجارة السرية، لاسيما عبر إقليم كردستان (شمال العراق) ليشكل المنفذ الأكبر في التحايل على العقوبات الأميركية وتهريب النفط الخام ومشتقاته، غير أن إقليم كردستان قد غاب عن الاحتجاجات.
يوضح الركابي، أن العنصر العشائري في إقليم كردستان العراق يختلف تماماً عن جنوب البلاد بالتالي القمع أكبر، غير أنه في المقابل يشكف أن نحو 650 ألف برميل من النفط يصدر من الإقليم ولا يدر على الخزينة العراقية بدينار واحد، والخسائر تقدر بالمليارات.
وبما أن النفط الإيراني يباع بواسطة شبكة الحرس الثوري الإيراني بقيادة قوات فيلق القدس، وبغطاء من الميليشيات الشيعية العراقية وفصائل الحشد الشعبي، عبر ما يسمى بمزاد العملة تحت إشراق المصارف الأهلية الشيعية.
يكشف الركابي أن متوسط مزاد بيع العملة من قبل البنك المركزي العراقي يقدر بنحو 200 مليون دولار يوميا، نحو 100 مليون دولار منها يذهب يوميا لتمويل الأحزاب والميليشيات المسلحة، حيث يقوم التجار بتقديم مستندات مزورة للاستيراد موقعة من ملحقيات تجارية عراقية بالتزوير مقابل الحصول على الدولار، لتقوم هذه المصارف الأهلية ببيع الدولار بسعر أقل من السوق بالتعاون مع المركزي العراقي، لتصل فيما بعد هذه الأموال بيد الميليشيات.