كيف ان العصيان المدني واجب وطني وشرعي على كل مواطن؟
آخر تحديث:
بقلم:سامي آل سيد عكلة الموسوي
العصيان المدني هو حق وطني وشرعي لكل مواطن من اجل دفع ضرر اكبر يسببه الطغاة والفاسدين والخونة او لدفع ضرر محدق او متوقع. والعصيان المدني السلمي هو عمل حضاري تلجأ اليه الشعوب كوسيلة للوقاية من ظلم او ضرر او تخريب وما شابه ذلك تقوم به السلطة الفاسدة والظالمة. وان كافة الدساتير العالمية تكفل حق العصيان للشعوب لدفع الاخطار التي قد تقودها اليها السلطات الظالمة والتعسفية. الأحزاب العراقية منذ عام ٢٠٠٣ ولحد اليوم قادت العراق نحو الخراب في كل شيء بما في ذلك زرع الطائفية والعنصرية وزج العراق في صراعات إقليمية ودولية وحرب داعش وإدخال ايران بشكل سلب الهوية الوطنية بشكل تصاعدي. وقد حدث هذا الخراب على مدى اكثر من ١٦ سنة وليس يوم او يومين و دون اعتبار وعليه يصبح عصيان هؤلاء الحكام وتلك الأحزاب العميلة ليس فقط حق بل واجب وطني علي كل مواطن.
العصيان المدني السلمي استخدم من قبل الشعوب ضد القرارات السلطوية الظالمة على مر العصور وذلك من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية ونيل الحقوق المدنية. فالعصيان المدني السلمي هو رفض الظلم والخضوع للطغاة الفاسدين الفاشلين. وهو عملية تعطيل للقوانين الجائرة واجبار السلطة الفاسدة والفاشلة عن التنازل السلمي عن السلطة ورفض دفع الضرائب وكافة الأموال الأخرى لهذه السلطة. وقد سُأل الفيلسوف (هنري ديفد تورو) الذي ادخل مصطلح العصيان المدني لأول مرة للدفاع عن العبيد عن العصيان المدني فقال: عندما يرفض المواطن الطاعة ويستقيل الموضف فان الثورة تكون قد نجحت. ولعل هذا ما يجعل أحزاب المنطقة الغبراء من الاصرار على ضرورة عدم إيقاف الدوام لان ذلك يعجل في سقوطها ونجاح الثورة! ومن زعماء العصيان المدني المعروفين (المهاتما غاندي و نسلن ماندلا و مارتن لوثر كنغ و غيرهم).
وقد تعددت مظاهر العصيان المدني في بلدان عديدة في القرن العشرين مثل رفض القوات المتحاربة مواصلة اطلاق النار في الحرب العالمية الأولى في بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وكما حصل في العصيان من تحريك النفايات النووية في المانيا وفي الدفاع عن حقوق السود والعبيد في أمريكا. ويختلف تعامل الحكومات مع العصيان المدني ففي حين تعتبره الحكومات الديمقراطية حق تكفله الديمقراطية والمساواة والدساتير لان حكوماتهم تستقي وجودها الشرعي من رضا المحكومين فأن الحكومات المستبدة مثل الأحزاب العراقية تحاول منع أي حركة احتجاجية تستوفي مواصفات العصيان المدني وتحاول انتهاج سياسات تشل المجتمع لكي لايستطيع القيام بقيادة وإدارة مثل هذا العصيان. وتقوم السلطات القمعية بتعمد تشويه منظمي العصيان المدني والثورة عبر وسائل الإعلام المختلفة والمؤسسات الدينية، وتصوير أنشطتهم بأنها نوع من التخريب وليست مظهرا مشروعا للضغط السلمي على الحاكمين، بل وتهديد القائمين عليها بالتصفية الجسدية والضرب ومصادرة الممتلكات كما يحصل في العراق هذه الأيام.
والعصيان لدفع الضرر هو فعل شرعي أوصى به الله سبحانه وتعالى في مجمل آيات القران الكريم وذلك على قاعدة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وإصلاح الفساد واعمار الأرض والسعي للعمل المنتج وعدم الظلم والوقوف ضد الظالمين والفساد وتحقيق العدل والمساواة وكل ما يخدم الناس والبشرية ويحقق الرخاء للشعوب. فاذا حصل خلاف ذلك استوجب الوقوف بوجهه وعصيانه بالوسائل السلمية. وذلك على قاعدة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فأن لم يستطع فبلسانه فأن لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان).
وفي قول القران الكريم اية الزخرف ٥٤: فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ. هي تدل على ضعف المحكومين وطاعتهم للظالم وهو عكس العصيان لهذا الفاسد مما جعلهم يدخلون في خانته.
وقوله في الانفال ٢٥: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً. أي الواجب على الناس دفع او الوقاية من فتنة الظالمين والا فأنها ستصيب الجميع ان لم يقفوا ضدها وهذا نوع من العصيان يحث عليه القران الكريم.
وفي سياق ذم القران لاتباع الفاسدين الجبابرة والمعاندين في ذلك يقول تعالى: وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (نوح ٢١). وعن قوم هود: وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ. أي ان القران يحث على عصيان هؤلاء الجبابرة الظالمين (هود ٥٩)
بل ولقد حث القران الى عدم الركون الى هؤلاء حيث قال: وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (هود: 113).
وما تفعله الأحزاب في العراق هو تهلكة للحرث والنسل وقد نهى عن ذلك القرآن حيث قال: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (القرة ١٥٩). أي ان الانجرار وراء تلك الأحزاب التي جرت البلاد الى التهلكة هو مخالف للتشريع كما هو مخالف للوطنية.
اذن فان العصيان المدني هو حق وطني بل وواجب على كل فرد وهو حق وواجب شرعي كذلك عندما تصبح الأمور كما صارت عليه في عراق مخرب ومرتهن وليس لديه سيادة وتعشعش فيه ما فيات الفساد السياسي المبني على المحاصصة الطائفية والتي نشرت فيه الجهل والمرض والخراب في كل شيء. كيف لا يصير العصيان المدني حق وواجب في هكذا نظام وهكذا دولة ضاع فيها الوطن وفقدت فيها الكرامة واصبح أهلها بين مشرد في داخل بلده ومهاجر او مهجر عنها وساكن فيها بين القهر والفقر والجهل والمرض والبطالة والتعسف وفوق ذلك تلاحقه فرق الموت والاغتيالات. التظاهرات السلمية بدأت قبل ٣ شهور وقد صمت عنها آذان الأحزاب الحاكمة وعميت عيونهم عنها ولجأوا للتسويف والقهر والقتل والاغتيالات ويريدون ان يدفعوا بأعوانهم لدحرها وهم يجلسون في قم وطهران فعليه استوجب العصيان المدني الشامل. وما النصر الا من عند الله.