هل سترى النور حكومة محمد توفيق علاوي،وتحصل على ثقة البرلمان،في ظلّ إعتراضات قوية من قبل تحالفات القوى الوطنية، وكتلة الكردستاني والحكمة،وإياد علاوي والكرابلة وغيرهم، وهل يستطيع تحالف البناء (دولة القانون وبدر وسائرون وصادقون)،تشكيل حكومة برئاسة علاوي لوحده،وسط خلافات عميقة حتى داخل أطراف في تحالف البناء،السؤال الذي يشغل الشارع العراقي الآن ،هو ماذا بعد فشل التصويت على حكومة علاوي، هل يدخل العراق في الفراغ الدستوري، في ظل فوضى عارمة في كل شيء، من فساد ينخر بجسد المؤسسات ،وفقدان تام للخدمات، وتظاهرات غاضبة منذ أربعة أشهر، وتهديّد من خطر عودة داعش، وضغوط إيرانية، وإلحاح منها لطرد، وإنهاء التواجد الامريكي من العراق، مع ظهور مفاجيء لمرض كورونا، وعدم قدرة الحكومة ،على مواجهة خطره الفتاك القادم من إيران، إضافة الى الصراعات والخلافات العميقة بين الكتل ،وفقدان الثقة فيما بينها، كل هذه مشاكل مستعصية ومستديمة،
لاقدرة لعلاوي والكتل والاحزاب المتنفذة ،على تجاوزها وحلّها بليلة وضحاها، والعراق يسير من السيء الى الأسوء، بظل ّوجود صراع أمريكي- إيراني على أرض العراق، للإستحواذ على النفوذ والهيمنة والموارد والنفط والغاز،أليس هذا هو المشهد السياسي الفاشل في العراق منذ الاحتلال،صراعات وخلافات وتسقيطات ونهب ثروات البلد ، ونشر الطائفية، والفساد، وغياب الدولة ، وتغوّل تام وسيطرة الميليشيات المسلحة الطائفية ، بدعم ايراني على كل مفاصل السلطة ومؤسساتها ، فماذا سيفعل علاوي بحكومة ،لاتحظى بتأييد أولاً التظاهرات، وثانياً الكتل الكبيرة ،وثالثاً الشعب العراقي،فهل ستشّكّل حكومة مصغرة (شيعية فقط) ،من كتلة الفتح ودولة القانون وصادقون وسائرون،والبقية من المعارضة لها، تريد مناصب ومكاسب ومغانم لها، ولأحزابها فقط،إذن الخلافات، والإعتراض ليس لبرنامج علاوي الذي أعلنه قبل يومين، بتشكّيل حكومة من خارج الاحزاب والكتل،( تماشياً مع مطالب المتظاهرين)، ولكن لأن لحرمان هذه الكتل والاحزاب، من حصتّها من المناصب الوزارية وغيرها، وهنا تكريّس لمفهوم المحاصصة الطائفية والقومية، التي يتبجّح برفضها والإعتراف بخطرها، وسببها في فشل الحكومات السابقة ،هؤلاء الذين يرفضون حكومة علاوي، حسب( رأي قول علاوي)، بمعنى لاحكومة بدون محاصصة سياسية وطائفية ، وتقاسم الكعكة،
أما التبجّح بنبذ الطائفية والمحاصصة، فها كلام للاستهلاك الإعلامي فقط،وهنا لابد من القول والاعتراف، أن لايمكن للبرلمان، الذي سيعقد جسلته للتصويت على كابينة علاوي، أن يستطيع تمرير كابينة علاوي، وهنا تبرز أزمة داخل أزمة، ونبقى ندور في فلك الفوضى والفشل ، والإنسداد السياسي، والدخول في النفق الأخير،الذي كنا نحذر منه ، وهو المواجهة مع المتظاهرين ، الذي هددوا يوم (25) من شهر شباط ،موعداً لتظاهرات مليونية كاسحة في كل أنحاء العراق، وهذه هي فرصة أمريكا التي تدعم التظاهرات بقوة، لتلعب الدور الأخير لها في العراق، وتحسم الأمور لصالحها، بعد أن جردّت إيران من مصادر قوتها في العراق، بعد إغتيال سليماني والمهندس، وهروب قادة الميليشيات الى إيران، بعد وضعهم على لائحة الدرون الفتاكة ،وأخذ الضوء الاخضر من البنتاغون، في تصفية الرموز التابعة لإيران ولاءاً وقراراً، فإيران الآن في أضعف حالاتها في العراق بكل تأكيد، بعد ماجرى وأضيف لها مهاجمة مرض كورونا لقلب مدينة قم الدينية،وكذلك الأوضاع الداخلية القلقة ،واوضاعها في سوريا وتحديداً معركة ادلب ، التي تنذر بحرب عالمية ثالثة، وحصول التصادم العسكري ،بين أمريكاو الناتو وتركيا،
وبين محور روسيا وسوريا وإيران، هذه الاوضاع المتردّية والغارقة في الفوضى ،لحكومة أصلاً فاسدة وفاشلة ،أدخلها عادل عبد المهدي في مواجهة مباشرة ،مع المتظاهرين،وقتلت قواته (الشغب)، مئات من المتظاهرين والالاف من الجرحى، وأدخل العراق في نفق حرب الشوارع ، مع متظاهرين عُّزل سلميين،هذا الغباء والإنحناء لإيران أوقعه في شرّ أفعاله وأعماله،في ورطته قمع الشعب وقتله،حتى هزم في الاقالة، تماماً كما فعلها سلفه الطائفي للنخاع نوري المالكي، وسلم محافظات الغربية لداعش إنتقاماً من هذه المحافظات، التي خرجت تطالب بحقوقها الدستورية والشرعية ،كما تطالب الآن جماهير النجف وكربلاء والبصرة وذي قار والديوانية ، الفرق بينها ،وبين مظاهرات الجنوب، أنها لم تحرق مقر للميليشيات ولا مؤسسة ولادائرة حكومية،كما فعل ( مندسين) ،لحرف التظاهرات عن سلميتها واهدافها الوطنية ومطالبها المشروعة وقتل المئات من المتظاهرين غدراً في الحويجة والموصل والانبار والفلوجة وديالى، ولهذا ستدخل الكتل التي تصوّت على حكومة علاوي، في مواجهة مع المتظاهرين، ومع الكتل الرافضة لعلاوي وبرنامجه الحكومي، الذي لم يطلع أحد عليه،إن التصويت من طرف واحد، هو الإنتحار السياسي بعينه، وستحدث الفوضى الكبرى، والفراغ الدستوري، في وقت لا قابلية لرئيس الجمهورية على مواجهة المصوّتين، الذين تدعمهم ايران،وهو أضعف من أن يحسم ويقف بوجه هؤلاء، ويقوم بتسمية رئيس وزراء ، حسب صلاحياته الدستورية التي تبيح له ،بل تفرض عليه ، فهل يفعلها ويجنّب العراق ،الدخول في الحرب الداخلية، بين الأحزاب المولية لايران،وبين الشعب والكتل الرافضة لعلاوي، جميع الإحتمالات قائمة، والادارة الامريكية ،قد أعدّت العدّة، لمثل هذا اليوم، أي مابعد فشل أو التصويت على كابينة علاوي، ووضعت الحلول لها، بإعلان حكومة الانقاذ الوطني، المشكلة في الخارج، وحكومة المنفى، بالتوافق مع الجهات الرافضة، للمشروع الايراني، وبالرغم من أن علاوي ليس مشروعاً إيرانياً ،
ولكنه خاضع له ، بالقوة التي تمارسها عليها الكتل الكبيرة التابعة لايران، وبالذات كتلة دولة القانون وسائرون والفتح، وهنا مربط الفرس، أن حكومة علاوي لن ترى النور ، قبل التوافق السياسي، والتدخل الامريكي- ولو من خلف الستار- وهو ما تمارسه الآن مع الكتل، وتمدها بقوة التصريحات، ومعارضة التصويت ،لافشال مشروع ميليشيات إيران، في إقامة – دولة ميليشيات- كما سماها وزير الخارجية الامريكي ماك بومبيو،نحن بإنتظار يوم الاثنين، الذي ربما يؤجل البرلمان الجلسة ليوم أو اكثر، التي دعا لها علاوي وعبد المهدي، ونخمّن أنها لن تعقد، في غياب الاطراف المعارضة، ولكنها ستدخل في أزمة دستورية أخرى،لاتقل عن سابقتها، الحقيقة، الانسداد السياسي، يتعمّق كثيراً، والخلافات تزداد سخونة، والتظاهرات تتصّاعد لهجتها، والفوضى وإنفلات السلاح لدى الميليشيات، يزداد شهوته للقتل والاعتقالات والخطف، في ظل ضعف وتفرج الاجهزة الحكومية،إن لم نقل تدليسها وتغطيتها، لما تقوم به الميليشيات الوقحة، من جرائم الخطف والاغتيال وحفلات التعذيب المنظمة، العراق سائرالى المجهول والفوضى الخلاقة بغياب الحكمة، وقبر المحاصصة الطائفية، وتلبية مطالب المتظاهرين، والخروج من عباءة ايران، سيظلّ العراق، مشروعاً قائما للحرب الاهلية، الشيعية – الشيعية بأية لحظة إن لم نقل قائمة ألان،التي بدأت بوادرها واضحة بين الاحزاب والميليشيات الموالية لإيران، وبين عشائر وشعب الجنوب وشباب الجنوب والفرات الاوسط، أزمة حكومة علاوي تتفاعل، وتتجّه نحو الفشل الأكيد، وربما تسقط في الضربة القاضية بأية لحظة، ويفجرُها علانية محمد توفيق علاوي نفسه، ويعلن الإنسحاب من الترشيح، ويحمي ماء وجهه، ويحقن دماء ستراق وهذا ما أرجحّه أنا،إذا ما تم التصويت على كابينته داخل البرلمان ،بكتل من فئة واحدة وطرف واحد، فشل لسنوات بحكم العراق، وتحمّل ويتحمّل كل ما جرى، من دم عراقي برقبته الى يوم الدين،علاوي سينسّحب في اللحظة الاخيرة وهو أذكى من أن يجازف بالفشل المؤكد داخل البرلمان…