*- لم يكن نص أمر الدفاع عن السلامة الوطنية رقم (1) في 3/7/2004 ، إلا واحدا من نصوص قانون إدارة الدولة العراقية للفترة الإنتقالية لسنة 2004 أيضا ، الموصوف بعدم التوازن في أحكامه مع نصوص الدستور لسنة 2005 ، الذي يوافق فيه مجلس النواب على إعلان الحرب وحالة الطوارئ بناء على طلب مشترك من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ، كما يخول رئيس مجلس الوزراء الصلاحيات اللازمة التي تمكنه من إدارة شؤون البلاد في أثناء مدة ذلك الإعلان ، بموجب قانون لم يصدر للغرض المذكور حتى الآن ، بسبب عدم وجود قيادة عسكرية عليا تتولى تلك المهمة الإستثنائية بعد الإحتلال الغاشم سنة 2003 ، خاصة وأن المادة (9/ أولا/ أ) من الدستور تنص على أن ( تتكون القوات المسلحة العراقية والأجهزة الأمنية من مكونات الشعب العراقي ، بما يراعي توازنها وتماثلها دون تمييز أو إقصاء ، وتخضع لقيادة السلطة المدنية ، وتدافع عن العراق ولا تكون أداة لقمع الشعب العراقي ، ولا تتدخل في الشؤون السياسية ولا دور لها في تداول السلطة ) ، كما نصت المادة (78) منه على أن يكون ( رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة ، والقائد العام للقوات المسلحة … إلخ ) ، ولا أدري كيف يكون رئيس مجلس الوزراء المدني الحزبي قائدا عاما للقوات المسلحة متعددة الصنوف والإختصاصات المهنية الحرفية المقاتلة ، وذات الطبيعة المهنية الخطرة والمختلفة عن طبيعة الأعمال المدنية في كل شيء ، وهو ممن تخلف عن السوق لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية أو الإحتياط أو هرب منها بعد إلتحاقه بها لأي سبب كان ؟!. والأنكى من ذلك مشاركته قوات أعداء بلاده وإحتلاله في قتال قوات أصبح في غفلة من الزمن قائدا لها ؟!
إن نصوص الأمر رقم (1) في 3/7/2004 ، تحتاج إلى التبديل أو التعديل بغية إمكانية العمل بموجبها ، لإستنساخ أغلب أحكامه ومفردات الأسباب الموجبة لإصداره من القانون السابق رقم (4) لسنة 1965 ، وتخويله رئيس الوزراء صلاحية تنفيذه وليس رئيس مجلس الوزراء ، إضافة إلى إختلاف بعض أحكامه مع نصوص الدستور النافذ حاليا كما أشرنا إلى ذلك فيما تفدم ، وكما هو واضح من نصوص أحكامه الآتية :-
المادة-1- لرئيس الوزراء بعد موافقة هيئة الرئاسة بالإجماع ، إعلان حالة الطوارئ في أية منطقة من العراق ، عند تعرض الشعب العراقي لخطر حال جسيم يهدد الأفراد في حياتهم ، وناشئ من حملة مستمرة للعنف ، من أي عدد من الأشخاص لمنع تشكيل حكومة واسعة التمثيل في العراق أو تعطيل المشاركة السياسية السلمية لكل العراقيين أو أي غرض آخر .
المادة-2- تعلن حالة الطوارئ بأمر يتضمن بيان الحالة التي أعلنت حالة الطوارئ بسببها ، وتحديد المنطقة التي تشملها ، وتحديد بدء سريان حالة الطوارئ ومدتها ، على أن لا تمتد حالة الطوارئ أكثر من (60) ستين يوما ، أو تنتهي بعد زوال الخطر أو الظرف الذي إستدعى قيامها أو أيهما أقل ، ويجوز تمديد حالة الطوارئ بصورة دورية كل ثلاثين يوما ببيان تحريري من رئيس الوزراء وهيئة الرئاسة إذا استدعت الضرورة ذلك ، وينتهي العمل به تلقائيا إذا لم تمدد تحريريا في نهاية أية فترة تمديد .
المادة-3- يخول رئيس الوزراء في حالة الطوارئ وفي حدود منطقة إعلانها بالسلطات الإستثنائية المؤقتة التالية :-
أولا- بعد إستحصال مذكرة قضائية للتوقيف أو التفتيش إلا في حالة ملحة للغاية ، توضع قيود على حرية المواطنين أو الأجانب في العراق في الجرائم المشهودة أو التهم الثابتة بأدلة أو قرائن كافية ، فيما يخص الإنتقال والتجوال والتجمع والتجمهر والمرور والسفر من وإلى العراق ، وحمل أو استخدام الأسلحة والذخائر والمواد الخطرة ، ويمكن إحتجاز المشتبه في سلوكهم وتفتيشهم أو تفتيش منازلهم وأماكن عملهم ، ولرئيس الوزراء تخويل هذه الصلاحية أو غيرها إلى من يختاره من قياديين عسكريين أو مدنيين .
ثانيا- فرض حظر التجوال لفترة قصيرة محددة على المنطقة التي تشهد تهديدا خطيرا للأمن ، أو تشهد تفجيرات أو إضطرابات وعمليات مسلحة واسعة معادية ، وله الحق في عزل تلك المنطقة وتطويقها بقوات مناسبة ، إذا ثبت أو أشتبه حيازة بعض سكانها أسلحة متوسطة أو ثقيلة أو متفجرات ، أو تحصن بها خارجون على القانون ، وذلك بعد إستحصال مذكرة قضائية للتفتيش ، إلا في حالات ملحة للغاية .
ثالثا- فرض قيود على الأموال وعلى حيازة الأشياء الممنوعة ، ووضع الحجز الإحتياطي على أموال المتهمين بالتآمر والتمرد والعصيان المسلح والإضطرابات المسلحة وعمليات الإغتيال والتفجير ، وعلى أموال من يشترك أو يتعاون معهم بأية كيفية كانت على إرتكاب هذه الجرائم ، أو يحرضهم على إرتكابها وتقع بناء على ذلك التحريض ، أو من يقدم لهم مساكن أو محلات يأوون إليها أو يجتمعون فيها مع علمهم التام بنواياهم ، وله توقيف المتهمين بهذه الجرائم ممن توفرت أدلة كافية قانونيا لإتهامهم .
رابعا- إتخاذ إجراءات إحترازية على الطرود والرسائل والبرقيات ووسائل وأجهزة الإتصال السلكية واللاسلكية كافة ، إذا ثبت إستخدامها في الجرائم المشار إليها أعلاه ، ويمكن فرض المراقبة على هذه الوسائل والأجهزة وتفتيشها وضبطها ، إذا كان ذلك يفضي إلى كشف الجرائم المذكورة أو يمنع وقوعها ، وذلك بعد إستحصال مذكرة من الجهات القضائية المعنية لفترة زمنية محددة .
خامسا- فرض قيود على وسائل النقل والمواصلات البرية والمائية في مناطق محددة ولفترة محددة .
سادسا- فرض قيود على المحال العامة والتجارية والنوادي والجمعيات والنقابات والشركات والمؤسسات والدوائر ، بحيث تحدد مواعيد فتحها وغلقها ومراقبة أعمالها ووضع الحراسة عليها بعد إستحصال قرار قضائي ، وحلها أو إيقافها مؤقتا إذا ثبت صلتها بالجرائم المذكورة في الفقرة (أولا) من المادة (7) .
سابعا- إيقاف العمل مؤقتا أو بصورة دائمة بإجازات الأسلحة والذخيرة والمواد الخطيرة والمفرقعة والمتفجرة
وحيازتها أو الإتجار بها ، إذا ثبت إستخدامها أو محاولة إستخدامها في الجرائم المذكورة في أعلاه ، أو إذا
كانت تمثل تهديدا للأمن والإستقرار في المنطقة أو كانت حيازتها غير جائزة قانونا .
ثامنا- إتخاذ قرارات وإجراءات عسكرية وأمنية سريعة ، تكون محدودة ومناسبة في المناطق التي أعلنت فيها حالة الطوارئ ، بالتنسيق مع وزيري الدفاع والداخلية أو أي وزير آخر ومستشار الأمن الوطني أو أي جهة ذات إختصاص .
تاسعا- في العمليات الواسعة التي تنفذ في مناطق كبيرة لمواجهة أخطار مسلحة واسعة ، فيمكن الإستعانة بالقوات متعددة الجنسيات وفقا لقرار الأمم المتحدة ذي الرقم (1546) لعام 2004 ، وتكليف القوات العسكرية العراقية بواجبات واضحة ومحددة ، تتناسب مع وضعها وإمكانياتها بعد موافقة الرئاسة بالإجماع ، وفي إقليم كردستان يتم تنفيذ الإجراءات الإستثنائية بالتنسيق مع حكومتها .
والتكملة في القسم الثالث من هذه المقالة ، وإن لم أرغب في نقل النص القانوني الذي يمكن الإطلاع عليه بالرجوع إلى جريدة الوقائع العراقية ، إلا أن للضرورة أحكام ، حيث لا يرغب القارئ الكريم من غير المختصين بتلك المراجعة . إضافة إلى عدم إمكانية الطعن في صيغة النص ، الأكثر إيضاحا وتفصيلا للإجراءات التنفيذية والأسهل فهما بشكل عام.