مقررات عبور الأزمة المالية في البلاد … ماذا … وإلى أين ؟!
آخر تحديث:
بقلم:اياد عبد اللطيف سالم
القسم الخامس
تقليص النفقات إلى أقصى الدرجات الممكنة .
قرار عام لا يحده مانع غير إلتزام نزيه مستقيم متمكن من إتخاذ القرار في السلطات الثلاث ، يفهم كيفية التصرف بالمال العام في حدود المعقول والمقبول الذي يقرره القانون ، ووفقا لمقتضيات ومتطلبات الحاجة الفعلية لتسيير مرافق الدولة بإنتظام وإضطراد ، وإذا أردت أن أكون قريبا من الحقيقة المطلقة ، فإن ذلك عكس المقصود منه وصفا لشراذم الطارئين على حكم العراق بعد الإحتلال ، المتميز عهدهم بأسوأ سيئات سوء الإدارة فشلا وفسادا ، ولذوي الإختصاص في الشؤون الإقتصادية والمالية سبق القول في تحديد مسميات الإجراءات في هذا الشأن ، الإ إن ما يجب التذكير به خارج إطار المسؤولية الحكومية وللشعب وللتأريخ ، وجوب إتباع طرق الترشيد في الإنفاق في كل الحالات والأوقات ، بمعنى الإنفاق في حدود مراعاة حرمة الأموال العامة وواجب حمايتها من قبل الجميع . حسب نص المادة ( 27 ) من الدستور . وفي قوانين الدولة العراقية وخاصة القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951- المعدل ما يغني عن تفاصيل الإيضاحات ، إلا إن إنتهاك السلطات السياسية وأحزابها لحرمة الأموال العامة عن طريق التشريعات المغالية والمتطرفة في التخصيصات المالية ، وإطلاق يد العابثين بالمال العام من خلال إبرام العقود مع الشركات الحقيقية أو الوهمية ، وكذلك الحال فيما يخص إصدار القرارات والقوانين السرية والعلنية الخاصة ببيع العملة الأجنبية في مزاد البنك المركزي العراقي ، أو في جولات التراخيص النفطية ، إضافة إلى إقرار الإمتيازات أو المكافآت والرواتب والمخصصات لمسؤولي الصدفة ، أو غيرها من حالات الهدر والإستحواذ على ثروات البلاد من غير كيل أو ميزان ، ضامن لإستمرار الأموال العامة في تأدية وظائفها خدمة للنفع العام ، حيث لا يجوز مدنيا التصرف فيها على أساس النفع الخاص ، ولا يجوز الحجر عليها ، ولا يجوز تملكها بالتقادم ، كما يمنع نقل ملكيتها إلى واضع اليد عليها ، بمعنى عدم جواز تبرير تملك المال العام بسبب إنفاقه بعد تسلمه ، وإن كان ذلك عن طريق الخطأ في التقديرات أو الإجراءات الإدارية التنفيذية لاكتساب المستحقات ، مما يتوجب إسترداد المبالغ المصروفة بالخطأ وإجراء التسوية المالية بينها وبين المستحق منها فعلا . أما الحماية الجنائية ، فيجرم القانون الإعتداء العمدي على كافة الأموال ، سواء كانت مملوكة للدولة أو للأفراد ، غير إن الأموال العامة تتمتع بحماية جنائية أكبر ، نظرا لتخصيصها للنفع العام ، فيشدد القانون عقوبة الإعتداء عليها ، ليس في حالة الإعتداء العمد فقط ، كالسرقة والإختلاس وتزوير المستندات المالية والإحتيال ، وإنما في حالة الإعتداء باللامبالاة أو الخطأ أو الإهمال الناشئ عن عدم إتخاذ تدابير الحيطة والحذر من مؤثرات العوامل السلبية ، المتسببة في الحاق الضرر في خزينة الدولة وهدر المال العام ، بالتشجيع على الإمعان في إرتكاب جرائم التخريب الإقتصادي للبلاد والعباد .
وفي حالة عدم السيطرة على توجيه الإنفاق بالترشيد العام ، وغلبة تأثير العوامل الطارئة والمفاجئة بسلبية نتاجها الشديدة ، كما هو حاصل بعد جائحة فيروس كورونا الضاربة بكل قوتها أرجاء العالم في الوقت الحاضر ، فلا سبيل إلا بإتباع إجراءات ( التقشف ) التي تنال من إمكانيات السلطات وأحزابها قبل الفقراء والمساكين من أبناء الشعب ، وهو ما يشار إليه في علم الإقتصاد ، إلى السياسة الحكومية الرامية إلى خفض الإنفاق ، وغالبا ما يكون ذلك من خلال تقليص الخدمات العامة وزيادة الضرائب بهدف خفض العجز في الموازنة . وفي الإصطلاح السياسي يعرف التقشف على أنه ( برنامج حكومي ذو طابع إقتصادي ، يستهدف الحد من الإسراف بزيادة الإنفاق على السلع الإستهلاكية ، وتشجيع الإدخار ، والعمل على مضاعفة الإنتاج ) ، وهو علاج لأزمة إقتصادية تمر بها البلاد . وذلك مما مارسته العديد من الدول ، في ظل التعاون وجسور الثقة الممتدة بين الحكومة والشعب ، وليس في أتون موجات الغضب الشعبي والجماهيري ، الناتج عن حرمان الشعب من جزء من حقوقه المطلوبة ، المتمثلة في توفير فرص العمل للعاطلين . بغية ضمان مورد يؤمن لقمة العيش الكريم لأفراد وعوائل ، قد تلجأ بسبب ضغط الحاجة لمقومات الحياة الأساسية والرئيسة إلى الإنحراف ، بإتباع طرق الجريمة العديدة والمتنوعة ، نتيجة غياب خطط التنمية المستدامة في جميع المجالات ، وهزال هيبة الدولة بفقدان سلطة القانون . ومع ذلك تبقى سياسة التقشف هي الحل الوحيد أمام أية دولة تعاني من مشكلة إقتصادية ومالية أساسها العجز في الموازنة وإنخفاض الإيرادات مقارنة بالنفقات العامة للدولة ، إلى أن تقوم تلك الدول بزيادة الإنتاجية وبالتالي زيادة إيراداتها حتى تخرج من تلك الأزمة . وليس بغلق المعامل والمصانع ومحاربة المنتوج الوطني لحساب دول أخرى لا يعنيها خراب ودمار العراق وأهله الأصلاء ، كما يمكن لأي فرد إستخدام سياسة التقشف في حياته اليومية بالتخفيف من مصروفاته ، كما تستخدمه الشركات حين تلجأ إلى خفض نفقاتها من خلال تسريح بعض الموظفين وتخفيض الرواتب ووقف المصاريف غير المنتجة . وكذلك تفعل الحكومات حين تضطرها الظروف إلى تقليص نفقاتها أيضا . فالتقشف إذن هو إجراء قد يفرض نفسه على القطاعين الخاص والعام ، حين تنخفض المداخيل وتصبح غير كافية لتغطية المصاريف ، فيتم اللجوء إلى خيار تقليص النفقات ، لأحداث التوازن بينها وبين الإيرادات .