بقلم:اياد السماوي
الفديو الذي تسرّب إلى وسائل التواصل الاجتماعي عن حادثة الصبي محمد الذي تعرّض على يد رجال الأمن إلى هذا الكّم من السلوك البعيد عن القيّم الإنسانية , قد اصابنا بصدمة هزّت أعماق وجداننا وخدشت كرامتنا وآلمت ضمائرنا .. ولا بدّ لنا جميعا أن نقف على أسباب ومسببات هذا الانهيار المروّع في منظومة القيم والأخلاق , وانحدار المجتمع لهذا المستوى من السلوك اللا أخلاقي .. حادثة الصبي محمد لا ينظر لها من زاوية كونها عمل منحرف قامت به مجموعة منحرفة تسلّلت إلى صفوف قوات الأمن , بل أنّ هذه الحادثة التي أوجعت الضمير العراقي يجب أن ينظر لها من زاوية انهيار منظومة القيم والأخلاق التي أصابت المجتمع العراقي بعد سقوط النظام الديكتاتوري المجرم .. وربّ سائل يسأل ما الذي تغيّر في سلوك المجتمع لينحدر لهذا المستوى المتدّني من اللا أخلاق ؟ وأين هو الخلل ؟ ومن المسؤول عن هذا الانهيار في منظومة القيم والأخلاق ؟ أسئلة تحتاج إلى تجرّد وشجاعة في القول .. وكما قالوا لا تتحدّث عن الدين بل أرني هذا الدين في سلوكك .. ومنظومة القيم والمثل العليا هي التي تميّز المجتمع البشري عن المجتمع الحيواني الذي لا تحرّكه إلا الغرائز .. وانهيار منظومة القيم والأخلاق في المجتمع سيؤدي حتما إلى حدوث ما هو أكثر فضاعة من حادثة الصبي محمد , وسيغرق المجتمع بأسره في مستنقع الرذيلة والجريمة ..
نعود لسؤالنا أين هو الخلل ومن هو المسؤول عن هذه الفضائع ؟ في عهد نظام الطاغية المقبور لعائن الله عليه يوم ولد ويوم أعدم ويوم يبعث حيّا , كان حزب البعث المجرم وأجهزة النظام القمعية هم فقط من يمارس مثل هذه الفضائع بحق الناس بل أفضع وأكثر إجراما وانحطاطا للسلوك الإنساني , لكنّ المنظومة القيمية والأخلاقية للمجتع كانت سليمة ومتماسكة ولم تصاب بهذا الانهيار القيمي والأخلاقي الذي يشهده مجتمعنا الآن .. فحين يكون رجل الدين دّجال وفاسد , ورجل القضاء مرتش وفاسد , والمسؤول الحكومي لص وفاسد , والزعيم السياسي لص ومجرم ومنحرف وفاسد , فمن الطبيعي أن تنهار المنظومة القيمية والأخلاقية ويفقد المجتمع مثله العليا .. وما حدث للصبي محمد سببه رجل الدين الفاسد , والسياسي اللص , ورجل القضاء المرتش , وراعي الإصلاح الفاسد المناهض للإصلاح , والمعمم الدّجال والفاسد , ووعاظ السلاطين والكتبة المأجورين .. كلّ هؤلاء دون استثناء مسؤولين عمّا وصل إليه حال بلدنا ومجتمعنا , وهم السبب في ما حصل للصبي محمد من اعتداء مؤلم وجارح للكرامة .. ومثل هذه الجرائم يجب أن تكون عقوبتها بقدر الضرر الذي أصاب المجتمع وليس بالضرر المادي والنفسي الذي أصاب الصبي وعائلته .. فمثل هذه الجرائم يجب أن تعدّ كجرائم تقوّض كيان المجتمع وقيمه الأخلاقية .. ولو كنت قاضيا لحكمت على المجرمين بالموت وعلّقت أجسادهم في ساحة التحرير , ليكونوا عبرة ودرسا لكلّ منحرف ومجرم ..