آخر تحديث:
بقلم:جعفر القزويني
تأثير العملية السياسية الطائفية المفتِتة لنسيج العراق الاجتماعي، بانقياده الأعمى لإغراء نزع هويته الوطنية والافتتان بهويات طائفية مدججة بالأسلحة، متجاهلاً أن احتكار العنف وإنفاذ القانون هما من حق الدولة وحدها سواء كانت دولة فاعلة أو عاجزة , ولذلك فإن رسالتنا لكم هي: لا يوجد اختراع بشري أعزّ وأغلى في قيمته وجدواه من اختراع الدولة المدنية بكل مثالبها ونواقصها القابلة للإصلاح على الدوام، بوصفها أفضل أنواع العقد الاجتماعي التي خلص إليها العقل البشري حتى اليوم. ولا وجود أو استمرارية لهوية وطنية مستقرة وفاعلة ومتطورة ومسالمة وحامية للتنوع دونما إطار دولتي مدني يتبنى مبدأ المواطنة معياراً وحيداً ونهائياً لتحديد الحقوق والإلزامات الخاصة بكل فرد في إطار علاقته بالمجتمع والدولة.
باحتلال مدينة الموصل في 9 حزيران 2014م وخروج أجزاء كبيرة من محافظات نينوى وصلاح الدين وديالى والأنبار عن سلطة الحكومة الاتحادية في بغداد، ووقوعها في قبضة الجماعات المسلحة القادمة من ثارات التاريخ وغرف التعذيب والإعدام، يكون العراق قد بلغ نقطة تحوّل حاسمة في تأريخه السياسي المعاصر. فالدولة العراقية اليوم باتت تقف برمتها أمام احتمال التفكك والحرب الأهلية أكثر من أي وقت مضى.
إن الكارثة المصيرية التي تعصف بالعراق اليوم هي تمظهر غير مباشر لتراكم مريع لأزمات أخلاقية عصفت بالسلوك السياسي لكل أنواع السلطات التي حكمت العراق خلال أكثر من نصف قرن، ولم تجد لها حلاً ولو جزئياً حتى اليوم.
وتؤمن “المبادرة المدنية” أن إنقاذ العراق كياناً وهويةً، وحماية تنوعه الثقافي والبشري، لا يمكن أن يُـشرَع بها دون التمسك ببديهيتين أساسيتين تغذي إحداهما الأخرى، ولا غنى عنهما لأي إصلاح فاعل منتظر، هما:
و انبعاث الهوية الوطنية الموحِّدة لمكونات المجتمع وفئاته و كما نؤمن أن إنفاذ هاتين البديهيتين لإصلاح أوضاع البلاد المتدهورة على نحو غير مسبوق، منوط بآليتين واقعيتين متفاعلتين جدلياً اتخاذ مبدأ المواطنة معياراً وحيداً في أداء السلطات الثلاث القضائية والتشريعية والتنفيذية.
والثانية آلية مجتمعية تتصل بالعمل الثقافي بعيد المدى لتطوير الوعي الاجتماعي لدى الجماهير بقيم العدل والحرية والتسامح والاحتجاج الإيجابي – الأولى آلية دولتية تتعلق بتفعيل عمل مجلس النواب التشريعي والرقابي.
ودون الخوض في سجال أكاديمي حول أصل ودلالات هذين المفهومين (المواطنة والهوية الوطنية)، فإننا في المبادرة المدنية نتبنى رؤية واقعية وإجرائية لهما نابعة من خلاصة عملنا المدني في كافة ميادين العمل الرقابي والإصلاحي والتوعوي والتمكيني مع مختلف فئات الشعب ومؤسسات الدولة طوال أكثر من إحدى عشرة سنة، نلخصها بالسطور القادمة.
-
لا يوجد معيار عقلاني موحد يكون جديراً بتحديد علاقة الفرد بالدولة والمجتمع سوى كونه “مواطناً” أي إنساناً ذا حقوق ومسؤوليات محددة ضمن إطار قانوني يوفر الحرية والعدالة الاجتماعية. أما معايير الجنس أو العِرق أو الدين أو العقيدة فهي هويات فرعية مشروعة لكنها لا تصلح لاعتمادها معياراً موحداً للقيمة البشرية العليا، فهي لا تعدو كونها تفاضلات وتفضيلات شخصية بحتة لا تحقق امتيازاً لفرد على حساب فرد آخر مهما كان حجم الجماعة الفرعية التي ينتمي إليها.
-
تتحقق روح المواطنة فعلاً لدى الفرد حين يصبح مدنياً في جوهره وسلوكه أي تنتفي لديه فكرة التعصب أو التحامل حيال الآخر المختلف عنه دينياً أو عِرقياً أو طبقياً أو فكرياً. ومن المؤكد أن تحقيق مبدأ المواطنة يتطلب وعياً تأريخياً تراكمياً لدى الفرد من جهة، ونضجاً مؤسساتياً لدى الدولة من جهة أخرى.
-
لكن العراق يشهد اليوم نكوصاً مريعاً إلى هويات ما قبل المواطنة، مسختْ إلى حد كبير وعيَ الفرد العراقي بأهمية دوره المدني المواطني، وحشرته في عبثية صراعات مصطنعة، فأصبحت معايير الدين والطائفة والعشيرة والعرق والمنطقة هي المحركة لسلوكه والمحددة لقيمته بتأثير الدولة والمجتمع معاً، من دون أن يعني ذلك بالضرورة إزالة دوافعه المتأصلة لإعادة إنتاج هويته الوطنية التي لها دينامياتها الموضوعية الكامنة . قيم المواطنة تبرز وتسود كلما اشتدت النزعة الوطنية في البلدان الخارجة لتوها من الدكتاتورية، والعكس صحيح أيضاً، أي كلما تراجعت الهوية الوطنية انحسر معها الكبرياء الوطني مفتتاً قيم المواطنة فردياً ومجتمعياً ودولتياً. وهذا ما يحدث اليوم في العراق بسبب التدين السياسي الذي يقوم على عقيدة الاستئثار بالحقيقة والزمن والمصير، ولا يرى في الهوية الوطنية إلا عائقاً أمام مشروعه الأساطيري. فلا فرصة أبداً لازدهار مبدأ المواطنة في ظل أسلمة الدولة مهما كان نوع وحجم الآليات “الديمقراطية” التي تمارسها السلطة. ولا معنى أبداً لصندوق انتخابي ينتجُ ساسة فاسدين..
-
إلى جانب كافة المكونات العراقية، تدفع الأقليات العددية دينياً وعرقياً ثمناً باهظاً إضافياً لتغييب مبدأ المواطنة، بسبب افتقارها لقدرة التأثير السياسي والاعتباري للبقاء والتكيف وسط محيط طارد يمارس التمييز والإقصاء إلى أقصى الحدود.
-
الهوية الوطنية هي وعي الفرد واقتناعه بانتمائه إلى جماعة تاريخية توفر له إطاراً عقلياً لإشباع حاجته إلى الأمن النفسي، ولتنظيم إدراكاته للعالم وتفاعلاته معه وتقييماته له، وللسعي نحو إنجاز أهداف مشتركة، من دون أن يتعارض ذلك مع أهدافه الفردية وانتماءاته الفرعية الخاصة بالدين أو الطائفة أو العرق. وبذلك فالهوية الوطنية ليست خياراً رومانسياً بل ضرورة اجتماعية تطورية تحقق أشد اقتراب ممكن من الهوية البشرية المشتركة لبني آدم القاطنين في كيان جغرافي- سياسي معين.
-
كل الأحداث والمواقف الأزماتية التي أحاطت بالفرد العراقي خلال السنوات المنصرمة، باتت تدفع باتجاه تفكيك هويته الوطنية إلى ولاءات أو هويات فرعية لا عقلانية متصارعة بتأثير نزعة الأحزاب الدينية الحاكمة لتشكيل المجتمع على شاكلتها، أي محاولة تطييفه قسراً عبر إخراجه من الهوية المسلمة المسالمة بمذهبيها المتعايشينِ- أي السنّة والشيعة- وإدخاله في هويةٍ تأسلمية متعصبة بمذهبيها المتصارعين. هذا الصراع المصطنع أشاع على نحو واسع في الحياة اليومية قيمَ الكراهية والاستئثار والتفوق الزائف واحتكار الحقيقة والتكفير والتخوين حيال الآخر مهما كانت هويته، فكان أن أصبحت الجماعات الدينية والعرقية ذات الأقلية العددية وحتى الفئات المستضعفة اجتماعياً كالنساء والفقراء، هدفاً سهلاً لهذه الكراهية المنتشرة وكبشَ فداء “مناسب” يُسقِط عليه مجتمع الأكثرية إحباطاته وخيباته.
-
يحيلنا المشهد العراقي الحالي بقوة إلى حقيقة أن التدين الزائف أصبح الديناميةَ النفسية المركزية التي تمارس بها الهوية الطائفية وظيفتها الاجتماعية؛ إذ تسود الغرائز الفجة على العقل المستنير، وتتفوق النزعة الهدمية على النزعة البنائية في عموم الدولة والمجتمع، ويُشرعَنُ الفساد في مقابل تسفيه النزاهة، ويجري تجذير عجز الإنسان وعدميته واغترابه عن ذاته وعالمه، وتُمحى على نحو منظم ذاكرته الثقافية- التأريخية الآنية والمستقبلية لتُستَبدَلَ بذاكرة تعصبية عن ماضٍ خرائبي وهمي.
-
ولذلك، فالمجتمع العراقي ضحية لكل ما حدث ويحدث اليوم، إذ جرى تزييف وعيه، وهدم ثقافته السياسية، وشفط أمواله عبر تعميته بخلافات فقهية سطحية عمرها عشرات القرون، لينكفئ على نفسه فاقداً أي فاعلية في التأثير في الأحداث، بل مُستَدرَجاً ضد إرادته إلى كوارث ومآسٍ لا حدود لها، ليؤكد ارتهانه لقوى عمياء تقوده من مذبح إلى مذبح وتجعله هازماً لذاته. وليس آخر هذه الهزائم سقوط محافظات بكاملها بيد الجماعات التكفيرية المتوحشة بسبب تداعي النزعة الوطنية للقوات الأمنية من جهة وفشل السلطة والدولة في صيانة الهوية الوطنية لفئات غير قليلة من سكان تلك المحافظات من جهة أخرى، ممن باتوا ضحايا لصراع غير منصف بين نظام سياسي لا يريد النجاح وإرهاب ديني فاشي يريد فرض أساطيره الدموية وتبعاً لما تقدم، فإن مظاهر تقويض مبدأ المواطنة والهوية الوطنية، أو أساليب إعلائهما، يمكن تحديدهما بما يأتي من تشخيصات وتوصيات , مقوّضات المواطنة والهوية الوطنية في العراق .
-
الدولة في العراق ما تزال تتصرف بعقلية عسكريتارية استعلائية موروثة من الحقبة السياسية السابقة، وكأنها هي سبب وجود المجتمع لا العكس. إنها دولة المغانم والمكارم، تكره التخطيط والزمن والشفافية، تقدس الهدر والتبذير والترهل، تمارس الفساد المالي والسياسي والإداري إلى أقصاه بمسميات الفضيلة والدين والواجب والوطنية. وكل هذا دفع الناس إلى مزيد من الاغتراب عن وجودهم الاجتماعي، فأمسوا كارهين لدولتهم، وفاقدين الوعي بأهمية مواطنتهم، وعازفين عن التمسك بهويتهم الوطنية ومحتمين بولاءات فرعية ما قبل مدنية لصيانة وجودهم الفيزيقي فحسب بعيداً عن اعتناق أي مشروع وطني أو إنساني ذي معنى وغاية.
-
النظام السياسي الحالي جرى تشييده على أساس المحاصصة الطائفية والعرقية المستندة في جوهرها إلى فكرة أن الطائفة والعِرق هما ما يحددان هيكلية الدولة وبنية السلطة، بمعزل عن معايير الكفاية والنزاهة والخبرة المستندة جميعاً إلى مبدأ المواطنة. ولذلك فلا مكان حقيقي أو مؤثر للأقليات الدينية والعِرقية في العملية السياسية الجارية، إذ أصبحت الكثرة “الكمية” لا الأفضلية “النوعية” هي المرجع في تحديد النفوذ والهيبة والمنافع الاجتماعية. وهكذا أصبح الجميع رعايا أو أتباعاً لا مواطنين بالمعنى المدني المنشود، وهنا تدفع الأقليات السكانية ثمناً مضاعفاً إذ يصبحون أتباعاً ثانويين لأتباع رئيسيين.
-
على الرغم من المأساوية الهائلة التي رافقت عملية النزوح السكاني الجماعي بعد قيام تنظيمات مسلحة إرهابية باحتلال أجزاء واسعة من محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين خلال سنة 2014م، فقد لاحت في الأفق فرصة ذهبية أمام صانعي القرار السياسي في العراق لاتخاذ إجراءات لوجستية واقتصادية وقانونية وسياسية تعمل على تطمين هؤلاء النازحين نفسياً وإشعارهم بكونهم “مواطنين” في دولة تعمل ما بوسعها لحمايتهم وتزويدهم بأسباب الطمأنينة المستقبلية التي باتوا يفتقرون إليها في بلادهم. لكن الفرصة أُهدرت كما أُهدرت آلاف الفرص على مدى السنوات العشرة الماضية، فتكرست عملية “تشطير” المجتمع العراقي إلى مكونات صارت تتمترس أكثر من ذي قبل خلف هوياتها الثانوية، وصار الحلم الجديد لمعظم أفراد الجماعات النازحة ذات الأقلية العددية هو الحصول على لجوء جماعي في بلد أجنبي “لا تُهدَر دماؤهم أو تُستباح ممتلكاتهم وأعراضهم فيه”.
-
الديمقراطية نظام حكم يسعى تدريجياً لإشباع حاجات الناس الأساسية للخبز والحرية، وقد أثبتت التجارب البشرية أن انحسار العنف الاجتماعي بأنواعه بالتزامن مع الانتعاش الاقتصادي وانخفاض مستويات الحرمان، يمكن أن يشحذ الوعي السياسي (الجماهيري والنخبوي) بجدوى القيم الديمقراطية، ويعمل على تعزيز مشاعر الهوية الوطنية للناس بوصفهم مواطنين في دولة تحترم آدميتهم. أما ما يحدث في العراق اليوم، فهو اختلال بنائي ووظيفي في العلاقة بين رؤوس المثلث الثلاثة: الفقر والعنف والتحول الديمقراطي. فالفقر والعنف (بما يتضمنه من استياء وانتقام من الآخر المتمايز دينياً أو عرقياً أو طبقياً) بات أحدهما يغذي الآخر في متوالية هندسية متصاعدة، فيما استحال “التحول الديمقراطي” المنشود إلى آليات انتخابية روتينية خاوية، ليستمر إفقار الناس ووأد حاضرهم ومصادرة مستقبلهم وتفتيت هويتهم الوطنية عبر حقنهم بمصل التعصب والكراهية.
-
يعاني العراق اليوم من استغلال اقتصادي واستلاب ديني، واللذينِ هما أسوأ ما أنتجته البشرية عبر تأريخها الطويل. فالأول يُفقِر باسم “الضرورات” الدنيوية والثاني يسوّغ الآلام باسم “الضرورات” الغيبية. وقد تبلور الاستلاب الديني بوضوح في عملية المحاصصة السياسية ذات الطابع الطائفي والعرقي المشار إليها قبل قليل. أما الاستغلال الاقتصادي فلا يتضح بجلاء إلا إذا نظرنا إلى مصطلح الفقر بوصفه مفهوماً بشرياً مركباً يتصل بتدهور كل مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والصحية والتعليمية والثقافية، ولا يقتصر على معطيات رقمية بسيطة تتصل بمستويات الدخل أو بتوافر فرص العمل فحسب. إن المؤشرات الملموسة المتاحة اليوم تؤكد تدهوراً مضطرداً في كل مستويات الوضع البشري في العراق استمراراً لسنوات الحصار (1990-2003)م، ولا توجد أي علامات واقعية على حدوث تطور نمائي من أي نوع؛ بل إن تبخر ثروات البلاد بنار الفساد السياسي والمالي، وغسلها بشتى الأساليب “القانونية” في الخارج والداخل معاً، إنما يجعل من الفقر مفهوماً اجتماعياً متجذراً بعمق في بنية مجتمع بات يهرول وراء لقمة العيش دونما أي عاطفة وطنية جامعة أو غاية إنسانوية سامية، فوق أرض تكتنز أضخم ثروات العالم قاطبةً.
-
وبدعوى مكافحة هذا الاختلال في العدل الاجتماعي، صادق مجلس الوزراء على ستراتيجية مكافحة الفقر في 24/11/ 2009 في ضوء اتفاقية تعاون بين وزارة التخطيط والبنك الدولي، في وقتٍ بلغت فيه نسبة الفقر (23)% من مجمل عدد سكان العراق آنذاك . وكان من بين بنود هذه الستراتيجية اعتماد خصخصة شركات القطاع العام، وهو إجراء يعني في جوهره بيع القطاع العام (أي المِلكية العامة للمجتمع) بأسعار بخسة ورمزية لتجار الحرب الطائفية وحيتان الفساد وأمراء الميليشيات. فخصخصة الاقتصاد دونما قاعدة اقتصادية متينة، ودونما استقرار سياسي، ودونما نظام شامل للضمانات الاجتماعية، لا تعني أكثر من نهب ما تبقى من المال العام وتسليمه دفعةً واحدة للأقلية الجشعة المقتاتة على سحت الحروب والأزمات والفساد. وبالفعل فقد ارتفعت نسبة الفقر لتصل إلى (30%) في سنة 2014م . وهذا عامل تقويضي رئيسي آخر لفكرة الوطن والوطنية والمواطنة.
-
بعد أن تم قدح الصراع الطائفي في العراق، جرت إدامته عبر مأسسته ضمن ما يسمى بالاقتصاد السياسي للحروب الأهلية. وليس أكثر من دولة نفطية ريعية فاشلة كالعراق جرى تقويض مؤسساتها على يد الاحتلال الأمريكي، يمكن أن تقدم أسواقاً “مستقرة” ومولّدة للعنف الطائفي المقتات على أموال الفساد الذي أصبح بحد ذاته اقتصاداً سياسياً “آمناً” وراسخاً، بل وقادراً بدوره على توليد بنى مجتمعية فوقية متمثلة بالأفكار التعصبية، والسلوكيات الإقصائية، والهويات القاتلة للوطن، واستبدال مبدأ المواطنة بالولاء للطائفة، بوصفها جميعاً الضامن المؤكد لاستمرار اقتصاد العنف وازدهار أسواقه.