قانون المحكمة الإتحادية العليا … بين سذاجة الحاكم والمحكوم ؟!
آخر تحديث:
بقلم:اياد عبد اللطيف سالم
القسم الرابع
الحياة مدرسة العلم الوافر ، فإن لم تقرأ فاسمع ، واتبع أحسن القول وأفضله ، ولا تقول أو تكتب قبل أن تتعلم ، بهذه الكلمات المتكررة في النصح والإرشاد ، أتوجه بخطابي المتواضع هذا إلى من إتخذ من مواقع التواصل الإجتماعي منبرا للتعبير عن أفكاره ومعتقداته . التي قد تكون صادقة صالحة وذات فائدة ونفع عام للأفراد وللمجتمع ، إلا إن عدم صياغتها بشكل منضبط ورصين ، شوه معناها وحرف مسارها عن جادة الحق والصواب . فالسذاجة لدى المحكوم أسلوب في التعبير ينم عن بساطة القلب وسلامة النية ، يعرف به صاحبه على أنه بسيط غير محنك ، قليل النباهة والدهاء ، ينخدع بسهولة ، لقلة تبصره بالأمور إلى حد ضياع حقوقه ؟!، ولدى الحاكم أسلوب يدل على الغباء ، لعدم حسن قيامه بما يخدم الناس إلى حد طغيانه وإستبداده . ورجل الدين موظف لدى الحكومة أو الأوقاف ، يرتجل الحديث من على منابر المساجد بإعداد سابق أو بدونه ، وقد يبتدع أقواله بلا روية ، فيصيب بالخرافات والأساطير عقول السذج من الناس ، إلى حد أنه يكذب الآخرين ويصدق نفسه ؟!، أما عالم الدين فقد يكون موظفا أيضا ، لكنه أعرف وأدرى من غيره بعلوم الأحكام الشرعية من حيث أدلتها التفصيلية ، وعندما يدرك دقائق الأمور في العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية والحدود ، يقال أنه صار عالما فطنا بأصول الشريعة وأحكامها ، وهو المقصود بالخبير في الفقه الإسلامي ، والعلم بالأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية تعني الفقه ، وهو في اللغة : العلم بالشيء وفهمه ومعرفته معرفة جيدة . وقد إرتبط هذا المصطلح بعلم الدين الإسلامي لشرفه وأهمية فهمه . أما الفقه إصطلاحا : فهو العلم الذي يعنى بفهم أحكام الشريعة الإسلامية وإستنباطها من أدلتها التفصيلية في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة في كل نواحي حياة المسلم ، وهو العلم الذي يقرر حكم الشيء بحلاله وحرامه ووجوبه وندبه وكراهيته .
* وفي نص المادة (92) من الدستور ، من ألغام المحتل الأمريكي وأعوانه ما يجب الكشف عنها وإزاحة ستار التضليل الهادف إلى شق الصف الوطني وتمزيق نسيجه الإجتماعي والديني والمذهبي ، بدليل نص الدستور في المادة (3) منه ، حيث الإقرار بأن ( العراق بلد متعدد القوميات والاديان والمذاهب … ) . وعليه لا يجوز أن تضم المحكمة الإتحادية العليا عددا من الخبراء في الفقه الإسلامي فقط ، وإنما إن كان ذلك ضروريا فلا بد من أن تضم عددا من الخبراء في فقه جميع الأديان والمذاهب في العراق . كما لا يصح أن تضم عددا من الفقهاء في القانون ، لأن القضاة في المحكمة هم أصلا من الخبراء في القانون ، وتلك مهنتهم التي لا يحتاج القضاء العراقي الأصيل إلى ذات الإختصاص من خارج ساحاته ، بدليل نص المادة (132) من قانون الإثبات رقم (107) لسنة 1979- المعدل ، حيث ( تتناول الخبرة الأمور العلمية والفنية وغيرها من الأمور اللازمة للفصل في الدعوى دون المسائل القانونية ) ، وكان على من أعد الدستور بعد الإحتلال مراعاة قواعد الأحكام القانونية العراقية المتينة والرصينة . بدلا من تشويهها بنصوص الظن بصلاحيتها ؟!. أو بمقاصد نوايا السوء المتعمد إحداثه فيها من العيوب ، وفي معنى القاضي الوارد في معاجم اللغة ، ما يغني عن الكثير من القول ، ويغلق أبواب الجدل والمراء قذفا بالظن أو رجما بالغيب من غير يقين معرفة أو علم ، كونه القاطع للأمور المحكم لها . وهو من يقضي بين الناس بحكم الشرع . وهو من تعينه الدولة للنظر في الخصومات والدعاوى ، وإصدار الأحكام التي يراها طبقا للقانون .
إن إمكانية الإستعانة بالخبرات الفقهية الدينية والإختصاصات العلمية والمهارات العملية لإبداء الرأي والمشورة بيسر وسهولة ، وبدون تفرقة وتمييز بين معتنقي الأديان والمذاهب في العراق ، يستوجب النأي بالتشريعات عن كل ما يشيع ويظهر الإختلافات وتداعياتها ، كونها أفضل مستمسكات التوثيق التي لا يطالها التزوير بعد نشرها في جريدة الوقائع العراقية ، وبإعتبارها المرآة العاكسة لجميع جوانب الحياة العامة تأريخيا ، ولعل من المناسب التذكير ، بأن كل من كان وزيرا أو أصبح نائبا ، فإنه يتحمل مسؤولية سوء الصادر من التشريعات وما يترتب عليها من التبعات ، الأولى لمشاركته في إعداد مشروعات القوانين في مجلس الوزراء ، والثانية لمشاركته في التصويت عليها وإقرارها في مجلس النواب ، كما يتحمل الوزير مسؤولية إصدار سوء الأنظمة أيضا ، باعتباره عضوا في مجلس الوزراء ، ولا يجدي القول بعد ذلك دفاعا بأنها من إعداد الخبير أو المستشار ؟!.
* إن إختصاص المحكمة الإتحادية العليا فيما يتعلق بمضمون المادة (93/أولا) من الدستور في موضوع الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة ، ينصرف إلى تحديد مواضع الخطأ في التشريع والإجراءات ، وليس أن تحل المحكمة الإتحادية محل مجلس النواب والوزارات في إختصاص تشريع أو إلغاء أو تعديل التشريعات والإجراءات ، وقد يكون لإستئناس مجلس النواب برأي المحكمة قبل إصدار أي تشريع ، عند تقاطع الآراء وإختلافها تعزيزا لهيبة مجلس النواب من الطعن المؤدي إلى إلغاء دوره ، وبذلك نرى تحديد مهمة المحكمة الإتحادية العليا في هذا الجانب بالتوصية الملزمة على تعديل مضمون القانون ، وليس بإلغائه بسبب عدم دستوريته حسب قناعتها التي قد تكون متأثرة بتوجهات سياسية غير مهنية ، حد إتهامها بالمشاركة الفعلية في إجراءات الفشل الحكومي ، بإعتبارها جزء من المشكلة ومن وسائل وأجهزة خلق الأزمات وليس حلها أو محاولة إصلاحها . لأن السبب الرئيسي في ظهور الرقابة على دستورية القوانين هو إعتماد مبدأ ( سمو الدستور ) ، الذي يقضي بأن تتوافق كافة القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية مع الدستور شكلا ومضمونا ، لأن مسألة دستورية القوانين لا تثار إلا في ظل الدساتير الجامدة ، لحاجتها عند تعديلها إلى إجراءات أشد من الإجراءات التي يتطلبها تعديل القوانين ، القائمة على التدرج التشريعي من حيث القوة ، بمعنى خضوع القاعدة الأدنى في الهرم التشريعي إلى القاعدة الأعلى ( الدستور ) التي هي من عمل السلطة التأسيسية ( الشعب ) أو من يمثلها ، ثم يأتي من بعده القانون الذي هو من صنع السلطة التشريعية ، فإذا خالف القانون الدستور أثيرت إشكاليات التطبيق والتنفيذ ، كما هو حاصل الآن ؟!.