الأعراب والعروبة… وشرائع التطبيع مع الصهيونية…؟!

الأعراب والعروبة… وشرائع التطبيع مع الصهيونية…؟!
آخر تحديث:

الأعراب والعروبة… وشرائع التطبيع مع الصهيونية…؟!

بقلم مصطفى قطبي

ما عُرف عبر تاريخٍ للاستعمار مديدِ الزمان في بلادنا العربية، هو أن ما حدث في ظل الاستعمار المباشر وجيوشه المتواجدة على أرضنا كان الهدف منه إدامة الوجود الاستعماري لأطول فترة ممكنة، وما حدث بعد خروج هذا الأخير من بلادنا العربية كان هدفه محاولات العودة إلى تجريف ثرواتنا بأشكال ما أطلق عليه النيوكوليناليزم (الاستعمار الجديد)، وفي الحالتين لم نكن نحن العرب في أي أجندة لديه مما يعني أحوالنا وحق تقرير مصيرنا، وخصوصيتنا في اختيار نظمنا السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، فكل هذا ليس مما يُفرد لنا، أو يتم الاعتراف لنا فيه.وفي أي تحليل تاريخي، اجتماعي، سيكولوجي سنجد أن العرب يجب أن يظلوا مغرّبين عن قضاياهم، بل يجب أن لا يعوها، ولا يُتركوا لكي يعوها بأساليبهم الذاتية الوطنية، أو القومية من منظور أن الوعي هو خطوة التجاوز المطلوبة، والأولى باتجاه الخروج من السُّبات العربي المفترض، ومن ارتهان الإرادة المفروضة. وما يبقى من غرائب ما وقع به العرب، ويقعون حتى اليوم هو أنهم لم يحققوا وقفة مراجعة واحدة لأحوال الأمة حتى يصلوا إلى سببيّات ما هم عليه، وأسباب الخروج منه، ومن المعروف لدى المرتبطين حياة، وروحاً، ومصيراً بالدوائر الاستعمارية (الأمروصهيوأوروبية) أنهم لا يملكون ما هو حق تاريخي لهم، ولا يحبّون هم أن يملكوه حتى يكونوا باستمرار عند حسن الظن لأسيادهم الغربيين، وحتى يوفروا وسائط الدوام لعروشهم المستعارة. ووفق هذا الديدن التاريخي وُضع العرب، وتوضعوا على أنهم لا يملكون من أمرهم شيئاً لا ما تعطيه لهم الدوائر التابعين لها، ولو أدى هذا الحال إلى فقدان مقومات السيادة، وقيم الاستقلال، وحرية الخيارات، ونمط الحكم.‏ فبعد قرن ونيف من يقظة العرب وشعورهم القومي الذي خبا أو غفا لحين من الزمن بفعل عوامل كثيرة…كيف تبدو الأحوال العربية الآن…؟! وهل تراجعت العروبة إلى الوراء…؟! ولماذا يحدث ما يحدث الآن…؟! أهي العلة في الفكر القومي العربي أم أدوات التنفيذ؟ أم هي عوامل موضوعية أم خارجية…؟ ما الذي يجعلنا ننكص بعد قرن ونيف… لماذا تزداد حدة القطرية والانكفاء أحياناً إلى حيز طائفي وعشائري وقبلي…؟! أليست العروبة تراثاً وحضارة ومشروعاً مستقبلياً…؟!من أين جئنا اليوم، في هذا الزمن العربي الأسود ببدعة الربيع العربي، وكيف خدعنا أنفسنا كل هذه السنوات، وتوهمنا أن لون الدماء التي سالت في شوارع العرب غرباً وشرقاً هو اللون الأخضر، الذي يجلل الثورات بالغار، ويحيي يباسها في كل الحقول، كيف استسلمنا لهذه الكذبة الفاقعة، ورمينا بقلوبنا على أقدام شبح غامض يضرم النار في معدن العرب تحت جنح الليل، كي نتبين في الصباح أنه مشعوذ يرتدي عباءة من الحرير، ليخدع أبصارنا بصورة قادمة من بطون التاريخ تتصل برمز انتمائنا العربي، ثم نكتشف أنه سليل ماسونية خفية، تدرب في معاهد الصهيونية النقية، وخلع عليه ”برنار ليفي” وسام البراءة من العرب والعروبة، وأدخله المحافظون الجدد في جمعهم العنصري، وأرسلوه إلينا بلسان فصيح نبياً لثورات العرب، وراعياً ليقظتهم الكاذبة التي تشبه ساعة النزع الأخير!؟فلم تعد بعض الظواهر السياسية المنتشرة هنا وهناك على الجغرافية العربية تثير الأسئلة والاستغراب فقط، وإنما أصبحت تحتم علينا التذكير بمسلمات وبديهيات يبدو أن معانيها ومفاهيمها إلتبست على بعض العرب منذ بداية موسم الهجرة إلى ”الليبيراليات” الجديدة ودخولهم عصر ”الديمقراطية الصهيو أمريكية”. لقد كنا لأمس قريب نخال أن تلك البديهيات من الحقائق التي لا تحتاج إلى تذكير أو تفعيل، ولا يمكن القفز عليها أو تحريفها أو تزييفها تحت أي ذريعة كانت بل هي من أبجديات كل فعل سياسي وطني أصيل. ولا شك أن في مقدمة هذه الحقائق أنه لا شيء يثمر خارج تربة الأوطان، ولا مستقبل لمشروع أو مقاربة سياسية تستعير مصادرها ومفردات مضامينها وآليات تنفيذها من خارج بيئتها وحدودها أو تستمد عوامل ”قوتها” المزعومة و”شرعيتها” الموهومة من وراء البحار. ولكن يبدو أنه زمن استعارة الجلود واستبدالها كما تستبدل ربطات العنق، وصار بالإمكان الانقلاب على القناعات والدوس على الثوابت حتى الوطنية أو العربية منها دون حياء…

[email protected]

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *