في زمن النظام الديكتاتوري السابق كانت هنالك انتخابات يجريها النظام لانتخاب أعضاء المجلس الوطني وكذلك انتخاب رئيس الجمهورية , وكانت نتيجة الانتخابات دائما هي فوز ( الرفيق القائد المناضل صدّام حسين ) بنسبة مئة بالمئة , ونسبة المشاركة كانت تصل إلى أكثر من تسعين بالمائة .. وربّما يعتقد البعض أنّ هذه النتائج غير صحيحة أو مزوّرة .. الشيء الملفت أنّ هذه النتائج لم تكن مزوّرة قط وهي صحيحة تماما .. نعم هي انتخابات صورية تجري تحت عامل الخوف والرعب من النظام الفاشي , لكنّها صحيحة وليست مزوّرة .. في ظل النظام ( الديمقراطي ) الجديد انقلبت الصورة تماما , حيث أصبح الناخب حرّ بالمشاركة بالانتخابات والإدلاء بصوته أو بعدم المشاركة بالانتخابات , فلا أحد يستطيع إجباره أو إكراهه للمشاركة بالانتخابات كما كان يحصل في زمن النظام المقبور .. لكنّ هذه الانتخابات ليست نزيهة ومزوّرة بنسب مختلفة وصلت نسبة التزوير في الانتخابات الماضية إلى أكثر من تسعين بالمائة , ( عدا الانتخابات الأولى التي جرت عام 2005 ) حيث كانت الانتخابات النزيهة الوحيدة ..
سيناريو التزوير في الانتخابات القادمة سيكون قائما لا محالة ولأسباب عديدة , يأتي في مقدمتها قانون الانتخابات الجديد الذي توافقت عليه وفرضته كتلتي سائرون وتحالف القوى العراقية , وهما الكتلتان المتّهمتان بالاستحواذ على ملايين البطاقات الانتخابية الألكترونية ( العميّة ) التي استخدمت على نطاق واسع في تزوير الانتخابات الماضية , إضافة إلى الطريقة التي تمّ فيها توزيع الدوائر الانتخابية .. والعامل الآخر الذي لا يقلّ خطورة عن العامل الأول , وهو سيطرة العصابات المسلّحة والمليشيات الخارجة عن القانون على الشارع العراقي في ظل الضعف الكبير للقوى والأجهزة الأمنية التي ستحمي مراكز الاقتراع , وكذلك حماية حياة المرّشحين لهذه الانتخابات الذين هم من خارج هذه العصابات المسلّحة .. والعامل الثالث هو المال السياسي الذي سيستخدم بشكل واسع في هذه الانتخابات .. وهذه الاسباب تجعل عملية إجراء انتخابات نزيهة وشّفافة وحرّة أمرا مستحيلا بالمرّة .. وستكون مزوّرة مئة بالمئة .. حيث ستتقاسم هذه العصابات المسلّحة مقاعد مجلس النواب , كلّ حسب بلطجته ..
السؤال المطروح على لسان عامّة العراقيين , ما هي الحكمة من إجراء انتخابات ستكون نتائجها معروفة سلفا ؟ ولماذا لا تعلن المفوضية العليا المستقلّة للانتخابات للشعب عن عدم قدرتها إجراء انتخابات حرّة ونزيهة وشّفافة في ظل القانون الحالي للانتخابات , وتطلب من مجلس النواب تعديل القانون وإجراء الانتخابات حصرا بالبطاقة البايومترية وتفويت الفرصة على الكتل الفاسدة التي استحوذت على هذه البطاقات بأعداد كبيرة .. وما حاجة الشعب العراقي لانتخابات ستكون مزوّرة بالكامل وستأتي بالفاسدين والسرّاق واللصوص لتشكيل الحكومة القادمة ؟ .. أذّكر الشعب العراقي وقواه الوطنية المخلصة أنّ الظروف التي حملت الحزب النازي في ألمانيا عام 1933 من اعتلاء سدّة الحكم وصعود النازية الهتلرية , هي اليوم ذاتها في العراق , وقد تاتي بحكومة أسوأ من حكومة الرايخ الثالث , ستحرق اليابس والأخضر وستكون سببا لتمزيق العراق وتدميره , ومن بعد ذلك تحقيق أحلام إسرائيل في السيطرة على المنطقة بأسرها ..