رسالة الى الوالي … مدحت باشا
حمزة مصطفى
سيّدي “الوالي” مدحت باشا .. هلْ تعرف ماذا كتب عنك عالم اجتماع عراقي اسمه علي الوردي بعد نحو قرن من مغادرتك العراق الذي كنت حكمته سنتين فقط أواخر القرن التاسع عشر “1869ـ 1872″؟. في كتابة “دراسة في طبيعة المجتمع العراقي” ص 154 يقول الوردي عنك “اسس اول مدرسة حديثة ومدرسة للصناعة ومعملا للنسيج وحديقة عامة ومستشفى للغرباء ومطبعة وجريدة رسمية”. كما ساعد ” على تأسيس مدينتي الناصرية والرمادي. ووسع مدينة كربلاء، ووضع نظاما للبلدية في بغداد، واكمل تعمير القشلة. وانشأ شركة اهلية للترام بين بغداد والكاظمية. وكذلك حاول اصلاح وضع الاراضي الزراعية وحقوق التصرف فيها”. حصل هذا كله في غضون سنتين فقط ياسيد مدحت ومن دون ان تكلـّف خزينة الدولة فلسا واحدا كما يقول الوردي بل من تبرعات الاهالي قل لي بربك كيف حصل هذا؟!. هل كانت لديك جيوش واحزاب وميليشيات تخطف الابرياء وتجمع الاتاوات من الناس ؟!. لو اعدنا قراءة سطور الوردي بتجرّد وقارنها بما يحصل الآن منذ عشر سنوات برغم النفط وملياراته التي تهدر لأصبنا بستين صدمة وعقدة وجلطة . إنك لا تعلم يا سيد مدحت بأننا نتحدث عن ارقام مهولة وفلكية. تعال وشوف ياسيد مدحت. لست اريد ان احدثك عن مئات المليارات المسروقة ، بل سأكتفي لضيق الحيز الممنوح لي بفحص تقرير المدقق المالي الاميركي وعبر ما يسمى جهود اعادة اعمار العراق والبالغة 60 مليار دولار اميركي . هذا المدقق واسمه ستيوارت بوين يخبر الكونغرس الاميركي انه “غسل يديه” تماما لإمكانية ان يكون هناك اعمار في العراق. وكل ما خرج به بوين هو ان قدم نصيحة مفادها ان ” مايحصل في العراق دروسا للتعمير في بلدان أخرى”. اذن هذه هي المحصلة النهائية: 60 مليار دولار ذهبت هدرا على كل انواع الفساد والخراب لاعضاء الحكومة العراقية واحزابها .. فلا مدرسة حديثة بنيت، ولا حديقة عامة انشئت، ولا مستشفى ولو “للغرباء” على طريقتك ياسيد مدحت، ولا مدينة تشبه مدينة الناصرية أو الرمادي مثلما بنيت انت وفي غضون سنتين فقط.. ولا ترام ولا صخام ولطام .