أخطاء الناخبين التي تتكرر في الانتخابات

أخطاء الناخبين التي تتكرر في الانتخابات
آخر تحديث:

بقلم:باسل عباس خضير

رغم إننا مررنا بأربعة دورات لانتخاب مجلس النواب ونستعد لدورة جديدة في القادم من الأيام ، إلا إن هناك الكثير من العراقيين ممن ليست لديهم معلومات كافية عن دور مجلس النواب بشكل واضح بموجب ما نص عليه دستور 2005 والنظام الداخلي للمجلس ، وربما يكون بعض أعضاء المجلس لا يعلمون بالضبط ما هو المطلوب منهم بالتحديد ، وذلك يعود لعدة أسباب ربما يكون من أبرزها إن هذا البعض لم يقوم بإعداد قدراته لتكون بمستوى ما يتطلبه الواجب الوطني والمهني ، فقد يكون من وليد الفرصة او الحظ او المحسوبية او بفعل التأثيرات الحزبية والاثنية وغيرها ، وتلك مسالة تقترب لواقع ما كان سائدا في الدورات السابقة لان عدد الفائزين فعليا في كل دورة لا يتجاوز عدد أصابع اليد والأصوات الفائزة هي للكتلة وتوزع بالطريقة المعروفة بمعنى إن معظم الفائزين لم يفوزوا بأصواتهم فعلا وإنما بأصوات كتلتهم او بالطريقة التي يختارها رئيس الكتلة عندما تتجمع الأصوات ، فالسياق الذي كان مطبق إن رئيس الكتلة له الحق في الاختيار والتبديل والاستبدال للمرشحين من كتلته بغض النظر عن عدد الأصوات ، وبعض الكتل تعلن برامجها قبل الانتخابات ولكنها غير ملزمة بتحقيقها من الناحية القانونية ، فالعرف السائد إن الكتلة هي المسؤولة عن أدائها أمام الجمهور وهي تعتقد إن المدة البرلمانية البالغة أربعة سنوات هي التي ستغير القناعات لدى الجمهور للحصول على الدعم للقادم من الدورات ، وهو ما شجع البعض لكي يذاكروا في ليلة الامتحان معتقدين إن الظهور والترويج الإعلامي وفتح المجاري والتبليط قبل الانتخابات بأيام سيلغي من الذاكرة المواقف والأحداث التي حصلت خلال الأربع سنوات ، وبطريقة او بأخرى فان الكثير من الجمهور صدق ما يروجه البعض بان العزوف عن الانتخابات وعدم المشاركة في الاقتراع وترك الورقة فارغة هو سلاح ضد من يعتقد إنهم غير جديرين بان يختارهم ، وهذا الخطأ الشائع هو من يعطى فرص الفوز للعديد من الكتل لان نظامنا الانتخابي لا يشترط عددا او نسبة معينة لإقرار مشروعية الانتخابات ، وتلك مثلبة في نظامنا الانتخابي لم يعارضها الدستور على أساس إنها متبعة في اغلب الديمقراطيات في العالم التي تنظر للنتائج النهائية وليس لنسبة المشاركة الفعلية ، وعلى هذا الأساس تم القبول بنتائج انتخابات 2018 رغم إن نسبة المشاركة فيها بلغت 18% حسب ما تقول التسريبات ، ومن الناحية الفعلية فان هذه النسبة القليلة أسست للمرحلة القادمة رغم غياب 82% من الناخبين عن التصويت وبعض الكتل الفائزة كان من مصلحتها الظفر بالنتائج لأنه يعطي الأسبقية للفوز من خلال جمهورها ومؤيديها وان كان عددهم قليل ، فكلما كانت نسبة المشاركة اكبر لعموم الناخبين كلما كانت هناك صعوبات في فوز الكتل بالانتخابات حتى وان كانت معروفة لان العديد الكبير يشتت الأصوات ويقلل من احتمالات التزوير وشراء ذمم بعض الناخبين، كما إن المشاركة الضعيفة فيها نوع من التركيز الذي يلحق الأذى بالكتل الناشئة والصغيرة وبذلك تتم الاستفادة من هذه الحالة في مصلحة الكتل في ظل الأنظمة التي استخدمت في توزيع الأصوات ، ومنها طريقة سانت ليغو التي تنحاز ( إحصائيا ) لمن يمتلك كثيرا من الأصوات وعلى طريقة الكبير يخرج الصغير .

ورغم إن هناك تغييرات مهمة حصلت في قانون الانتخابات لإتباعها في الانتخابات المبكرة التي ستجري في 10 تشرين الأول القادم استجابة لضغط الشارع والجمهور ، إلا إن هناك تغييرات لم تحصل ومنها ما يتعلق بتحديد الحد الأدنى من نسبة المشاركة التي تعطي المشروعية في الانتخابات ، وذلك لم يتم لعدة أسباب أبرزها إن عدم تحديد نسبة لا يخالف الأعراف الديمقراطية السائدة في اغلب بلدان العالم التي لا تتبع الأنظمة الرئاسية ، والثانية إن هناك خطا ( من وجهة نظر البعض ) في صياغة القانون الانتخابي في دورات مجلس النواب ، فمن خلال عناوين التجديد والمرونة يقوم مجلس النواب في كل دورة انتخابية بتمرير التعديل على قانون الانتخابات وإخضاعه لتصويت الأغلبية داخل المجلس وليس للتصويت الشعبي باعتبار إن المصوتين هم ممثلين عن الشعب وهم يعتبرون ممثلين شرعيين عن الشعب حتى وان كانت نسبة المشاركة في الانتخابات منخفضة بافتراض إن من لم يشارك تم بإرادته ولم يكن مجبرا على ذلك بمعنى انه هو من تنازل وأعطى للأقلية الحق في الاختيار واتخاذ القرارات نيابة عن الكل ، ففي دستورنا العامل فان كل عضو في مجلس النواب يمثل 100 ألف من السكان ، واغلب التغييرات التي تجرى على قانون الانتخابات تراعى فيها مصالح الموجودين في ظل غياب المعارضة والتمرير بطرية أعلى الأصوات والتوافق تحت شعار ( شيلني وأشيلك ) والموطنون لا يلجئون للاعتراض على بعض القرارات في القضاء رغم انه حقا مكفول للجمهور ، ومهما أطلقت من تسميات على هذه الإشكالية فإنها ستبقى سارية في كل الدورات إن لم يتم إقرار قانون انتخابي فيه درجة عالية من الثبات ليبقى القانون غير قابل للتعديل .

وللأسف إن هناك من يروج ويشجع للعزوف عن المشاركة في الانتخابات او المشاركة فيها وجعل ورقة الاقتراع باطلة كنوع عن التعبير عن الرفض ، وهو لا يمكن إن يكون رفضا وإنما دعما لمن يرفضهم او لا يرفضهم لأنه يمنحهم الفرصة والاحتمال الأكبر في الفوز بأصوات اقل عددا وبذلك يوفر عليهم الجهد ويعطيهم الأمل في الظهور من جديد ، وعلى سبيل المثال إذا كانت المشاركة الصحيحة ل80% من الناخبين ( مثلا ) تتطلب تجميع 40 إلف صوت للظفر بمقعد في البرلمان ،

فإن الحصول على 10 الآلاف صوت او اقل ستكون كافية للفوز عندما تكون نسبة المشاركة 20% ، بمعنى إن العزوف هو الذي يعطي فرصة أكثر للفوز لمن يريدهم او لا يريدهم عموم الجمهور ، وهذا ليس علما اكتشفناه توا وإنما حقيقة يمكن التعرف عليها ببساطة ولكنها لا توضح بخطوط عريضة وبعناوين بارزة في الترويج للانتخابات من قبل كل الأطراف فغالبا ما يتم اللجوء إلى إعلانات ( سطحية ) تدعوا للمشاركة في الانتخابات دون يتم التوضيح الكافي لخطورة العزوف وإبطال ورقة الانتخاب ، فما نجده إن هناك دعوات للمشاركة الجمعية دون التوضيح المطلوب لأهميتها وفوائدها ومزاياها ، والجهات الناشطة ( الحقيقية ) ليست لديها الإمكانيات المادية والبشرية للتعريف بهكذا مواضيع ( إن لم يكن بعضها يمثل واجهة لبعض المشاركين في الانتخابات ) ، ويمكن أن تدخل نظرية المؤامرة في هذا الموضوع عندما تركز الدعايات والحملات على المرشحين دون التوضيح بمزايا زيادة المشاركة في التجديد والتنويع ، وهو موضوع لم يحظى بالقدر اللازم من الاهتمام كوننا نخوض اليوم انتخابات مبكرة كان ولا يزال الهدف منها إجراء تغييرات جوهرية في العملية السياسية من خلال الاختيار الدستوري وليس الانقلاب ، وبسبب ذلك قد لا تكون نتائجها بمستوى التطلعات والأحلام مادامت هناك توجهات وتحريض للمشاركة الضعيفة ، ولا يزال الوقت قائما لأدراك الحالة وتصحيح المواقف فالتغيير الديمقراطي لا يأتي من خلال الأمنيات وإنما بالوعي والترفع ونكران الذات وعدم الانجرار لما يردده الجاهلون والمغرضون ، ممن يروجون بان الانتخابات محسومة سلفا وان ما سيسودها هو التزوير من باب الإحباط ، وهو اعتقاد لا يجب التعويل عليه لان المفترض أن تكون انتخابات 2021 مغايرة لانتخابات 2018 ، وبغض النظر عن تعهدات مجلس الأمن والمنظمات الدولية في الرقابة والمصادقة ،فإنها انتخابات الشعب ويجب أن يكون حاضرا بمجمله للاختيار الصحيح وبما يزيل الندم ولا يجعلنا ننتظر أربعة أعوام كل أربعة أعوام ، وكان المفروض إن تكون المشاركة الواسعة في مقدمة الأوليات لان والهدف من الانتخابات المبكرة يفترض أن تمنع رغبات البعض في التكرار والتدوير وتغيير الأسماء .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *