انتخابات لتدوير سلطة المحاصصة والفساد لا من أجل التغيير المرتقب الذي يلبي إرادة الشعب
آخر تحديث:
بقلم:محمد الكحط
لا نحلم بانتخابات نزيهة 100%، ولكن ما نطمح له حصول تغيير في ميزان القوى ولو بسيطاً لصالح قوى التغيير، لكن لو نظرنا نظرة بسيطة للخارطة السياسية للانتخابات الحالية لوقفنا على نتيجة مخرجات يتعذر فيها ذلك، فماذا تغير حتى الآن لنضع أمامنا أملا بالتغيير، فالشعب لازال يعاني الويلات، واذا كان هنالك عدة ملايين هاجروا ولا يفكرون بالعودة حتى الآن، فهنالك ملايين مثلهم يفكرون بالهجرة، وفضلوا الموت بالبحار أو على حدود الدول الأوربية عن البقاء في ظل ظروف كظروف العراق الحالية، حيث لا كهرباء ولا خدمات صحية جيدة، ولا تعليما صحيحا، ولا فرص عمل مناسبة، ولا أمنا مستتبا، ولا أفقا بحل يلوح في الطريق، من جانب آخر تشتد الصراعات بين نفس القوى المتنفذة التي هي سبب كل ذلك للاستمرار بالحكم من جديد، بل والأخبار المتواصلة عن التزوير وشراء البطاقات والمراكز الانتخابية و…و…و، ومراجعة بسيطة تؤكد ان الحال سيبقى كما هو ولا فرصة للتغيير الحقيقي، ولنشاهد معاً:
– وأنت تسير في شوارع بغداد، تشاهد أكبر الاعلانات حجماً وتملأ أهم العمارات والمولات خصوصا في المنصور، هي لمتهم بالإرهاب، وهذه صورة فاضحة للمال السياسي الفاسد.
وفي لقاء مع جماهير إحدى الدوائر الانتخابية يقوم المرشح (س) بالتعهد وبشكل علني برفع كل أسماء المشتبه بهم كإرهابيين من الكمبيوترات المركزية للدولة، ومنح الرواتب والتعويضات والتعيينات ووو…الخ.
وتتكرر التعهدات غير المنطقية بعدة أشكال من قبل معظم المرشحين ومن نفس القوى المتنفذة، والطامة الكبرى هنالك من يروج لهؤلاء من الإعلاميين والفضائيات التي تجري اللقاءات مع نواب سابقين هم كانوا وما زالوا رموزاً للفساد الفاضح، وهذا دلالة واضحة وفاضحة على الفساد والرشوة وعدم النزاهة وما يلعبه المال السياسي الفاسد، فكيف لفضائية رصينة تجري لقاءات مع مرشحين هم كانوا بالأمس نوابا طردوا بسبب فضائح فساد معروفة ومكشوفة.
هذه النماذج وغيرها الكثير عن الفساد وما يلعبه المال السياسي في هذه الانتخابات.
– من جهة أخرى تدعي الجهات السياسية المتنفذة التي قادت البلاد طيلة الثماني عشرة سنة الماضية، وأوصلتها الى الحظيظ، بأنها ستفوز من جديد، رغماً أنهم اعترفوا مرارا بفشلهم في إدارة الدولة، فقائمة دولة اللا قانون يقولون نحن رقم واحد، وممثل تحالف الفتح يقول، ان رئيس الوزراء المقبل هو رئيس تحالف الفتح بلا منازع، و ممثلو التيار الصدري يؤكدون انهم حسبوها بالقلم والورقة وحصتهم ستكون 100 مقعد، وصرحوا سابقاً بأنه اذا لم يحصلوا على رئاسة الوزراء هذا يعني ان الانتخابات مزورة، وهنالك تصريحات مشابهة لممثلي الحكمة والنصر، ناهيك عن التصريحات الأخرى وصراعات القوى السياسية في كردستان والقوى الأخرى في الموصل وتكريت والأنبار وديالى، والمحافظات الجنوبية…الخ.
– من جهة أخرى فإن قانون الانتخابات الفاشل والذي ستظهر عيوبه في التطبيق، فهو لا يصلح لانتخاب ممثلين لبرلمان دولة، بل هو مناسب لانتخابات مجالس محافظات أو أقضية أو مدن، فالأصوات ستتوزع والفائز في الدائرة المعينة لا يحصل على أكثر من 10% من الأصوات، أي أنه سوف لن يمثل الـ 90% المتبقية من دائرته، نفسها، وهؤلاء الذين سيفوزون هم من أبناء العشائر، ومن أصحاب النفوذ، وليس أصحاب مشروع التغيير الذين لا يملكون المال ولا الجاه والوسائل الداعمة.
– كذلك وبقرار فوقي ومخالف للدستور جرى منع تصويت العراقيين في الخارج وهم بالملايين، كونهم من المعارضين لهذه القوى المتنفذة، ومن المؤكد بأن أكثرهم سيصوت للقوى المدنية والديمقراطية والتشرينية.
هل جرى تحديد حجم الدعاية لكل مرشح، أم تركت الأمور سائبة، كل حسب ما يملك من ثروة لشراء ذمم الموطنين، فهذا القانون فاشل ولا يؤدي الى مخرجات ترضي حتى المتنفذين أنفسهم، إلا من قام منهم بشراء ذمم أفراد هذه الدائرة أو تلك، ناهيك عن التزوير المتوقع.
– أما صعوبة الوضع الأمني وعدم تواجد المرشحين من قادة انتفاضة تشرين، لأنهم مهددون، ولا زال السلاح المنفلت وكاتم الصوت يدور في شوارع وأزقة العراق.
– لو تركنا القانون وعيوبه التي ستظهر، ولا أدري كيف تم إقراره، ونأتي الى قانون الأحزاب، فهل تم تطبيقه، وهل منعت الأحزاب التي لها ميليشيات وتشكيلات عسكرية من الدخول في المعترك الانتخابي، وهل جرى منع الأحزاب ذات الطبيعة الطائفية والعرقية، والتي لا تنحو منحى وطني من الدخول في الانتخابات، هل جرى تقديم برامج انتخابية لهذه الأحزاب، هل جرى تحديد حجم الأموال التي تصرف للدعاية لكل حزب، هل جرى كشف مالية هذه الأحزاب، وذمتها المالية؟
وهذه ثغرة كبيرة في الانتخابات.
– أما مفوضية الانتخابات غير المستقلة، والتي جرى تشكيلها ضمن سياسة المحاصصة السياسية، فلا زال اللغط والأخطاء الفنية تتوالى سواء من أجهزتها التي ثبت عملياً عدم دقتها وبإمكانية بل وسهولة خرقها والتلاعب بمخرجاتها، ناهيك عن عدم حيادية المشرفين على المفوضية بالأساس، كونهم يمثلون الجهات التي أتت بهم.
– علماً أننا لم نجر الإحصاء السكاني حتى الآن كي نعرف الوضع الحقيقي للسكان في كل منطقة بشكله الصحيح، مما يعيق الخروج بنتائج صحيحة عن الانتخابات.
– كما ان هنالك الملايين من المواطنين الذين لهم الحق في التصويت لم يجددوا بيانات معلوماتهم، وملايين غيرهم لم يستلموا البطاقة البايومترية حتى اليوم، وهذا يعني مقاطعتهم لها مسبقاً.
– وفي حالة عزوف الجماهير عن المشاركة، وبقيت الساحة لهذه القوى المتنفذة، وكانت نسبة المشاركة أقل من 30%، فهل هنالك قانون يلغي شرعية الانتخابات، الجواب كلا، وهذه ثغرة قانونية، لم يتم دراستها حتى الآن، وتبقى القرارات بيد القوى المتنفذة التي مررت نتائج انتخابات 2018 المزورة، والتي لم يشترك فيها إلا أقل من 20% بالإضافة الى التزوير المعترف به، وخشية من فراغ دستوري لا يصب في مصلحتهم تم التغاضي والتلاعب بمصير إرادة الشعب.
– السلاح المنفلت وكواتم الصوت لا زالت ترعب المواطنين في كل مكان، وهذا السلاح المنلفت تم تهديد رئيس الوزراء به عدة مرات، وهنالك مدن لا زالت الميليشيات تتحكم بها، ولا توجد سلطة حقيقية للدولة فيها، فكيف ستكون نتائج هذه الانتخابات في هذه الأماكن….؟؟؟
– الوضع الأمني غير المستتب، فلا زالت داعش تقوم بالهجمات ويتم الخرق الأمني كل يوم، ووصلت حتى داخل بغداد وضواحيها، مما يعني ان الخروقات الأمنية لا زالت، وان قواتنا المسلحة بأنواعها غير قادرة على حفظ الأمن، بل وحتى هي تعرضت للهجمات وقدمت ضحايا، ناهيك عن الهجمات المتتالية على مطاري بغداد وأربيل، وأماكن أخرى يعتقد بأنها تابعة للتحالف الدولي أو توجد فيها قوات للتحالف الدولي، وسقطت صواريخ على مناطق سكنية عديدة منها قرب وداخل المنطقة الخضراء المحصنة.
– المنابزات والتصريحات المتناقضة للمسؤولين وممثلي القوى السياسية، وبضمنها تهديدات مبطنة، لا زالت تملأ الفضائيات.
ولنترك كل هذا ولنتساءل:
– أين هم قتلة المتظاهرين المطالبين بالتغيير، وحقوق الشعب العراقي، هل تم تقديمهم للعدالة…؟؟؟
– أين ملفات الفساد والرؤوس الكبيرة التي تقف وراءها، هل تم محاكمتهم…؟؟
– أين المليارات المهربة وبمعلومات مؤكدة هل جرى متابعتها بشكل صادق وأمين…؟
– أين التحقيقات باستيلاء داعش على المحافظات العراقية وهل تم محاكمة المسؤولين الرئيسين عن ذلك…؟؟
– أين التحقيقات في مسببي جريمة سبايكر….؟
– أين التحقيقات في مسببي جريمة سنجار وقتل الأيزيديين وسبي نسائهم…؟؟
هذه الأمور وغيرها، تجعل من ظروف إجراء انتخابات على أسس عادلة غير ممكن، ولا تؤدي مخرجاتها الى إمكانية التغيير، ولا تلبي إرادة الشعب أبداً.