الكاظمي فشل في كبح ميليشيا الحشد الشعبي والأخيرة ستدخل البرلمان الجديد بقوة كبيرة
آخر تحديث:
بغداد/ شبكة أخبار العراق- مع انتهاء العمليات القتالية ضد تنظيم “داعش” الإرهابي نهاية عام 2017، اتجهت معظم المجموعات الشيعية المسلحة ضمن تشكيلات الحشد الشعبي لفرض المزيد من النفوذ الأمني في مناطق سيطرتها.كما اتجهت لفرض نفوذها الاقتصادي عبر تخصيصات الموازنة وإيرادات المكاتب الاقتصادية والمنافذ الحدودية، وفي مؤسسات الدولة من خلال أجنحتها السياسية في مجلس النواب ، ومسؤولين ينتمون إليها أو مقربون منها في مؤسسات الدولة العراقية.وحاول رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي قبل انتهاء ولايته عام 2018، إيجاد صيغة مقبولة لحل فصائل الحشد الشعبي وإدماج بعض أفرادها في مؤسسات الدولة الأمنية والمدنية أو تسريحهم مع إعطائهم استحقاقاتهم وتفاصيل أخرى أيدتها الولايات المتحدة والمرجعية الدينية في النجف وكتل نيابية تتبنى الخطاب الوطني البعيد عن التبعية لإيران.لكن هيئة الحشد الشعبي قاومت جميع الإجراءات التي يمكن أن تحد من نفوذها أو حلها وتفكيكها، في حين زاد نفوذها في مستويات عدة داخل العراق وخارجه سواء في سوريا، أو استخدام الأراضي العراقية منطلقا لشن هجمات على دول أخرى، مثل استهداف منشآت سعودية عام 2019 و2020 خلافا للدستور العراقي.
وفي دلالة على قدرة المجموعات الشيعية المسلحة على تهديد أمن واستقرار العراق، و”عجز” الحكومة بعد عام 2017 عن فرض القانون على تلك المجموعات ومحاسبتها على خطف واغتيال المحتجين، كان الدخول إلى المنطقة الخضراء لإرغام الحكومة التي يرأسها مصطفى الكاظمي على الإفراج عن معتقلي كتائب حزب الله العراق في يونيو/ حزيران 2020 بعد مداهمة أحد مقراتهم جنوب العاصمة ومصادرة صواريخ معدة للإطلاق على السفارة الأمريكية.وفي حادثة مماثلة، رضخت حكومة مصطفى الكاظمي لمطالب الحشد الشعبي في اطلاق سراح القيادي قاسم مصلح المتهم بالمادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب بعد محاصرة المنطقة الخضراء واحالة المتهم إلى قاض على صلة بفصائل الحشد الشعبي الذي أطلق سراحه بعد أقل من أسبوعين.
ولتعزيز قوة المجموعات الشيعية المسلحة ونفوذها بشكل أكبر، اتجهت هذه المجموعات منذ انتهاء الحرب على تنظيم داعش للمشاركة في الانتخابات التشريعية عام 2018.وكانت المشاركة آنذاك، عبر كتلة “الفتح” التي تمثل أجنحة سياسية لعدد من المجموعات المسلحة برئاسة القيادي في الحشد الشعبي هادي العامري الأمين العام لمنظمة بدر والذي ينظر إليه بأنه الحليف الأوثق لإيران، إلى جانب مجموعات أخرى مثل عصائب أهل الحق وجند الإمام وغيرهما.
إضافة إلى تنامي قوتها الاقتصادية التي تحققها الإيرادات الضخمة سواء من تخصيصات الموازنة العامة للدولة العراقية أو من خلال مكاتبها الاقتصادية التي تستفيد من عقود إعادة الإعمار وفرض الرسوم والشراكة في المشاريع الاستثمارية، إضافة إلى سيطرتها على العديد من المنافذ الحدودية وطرق التهريب بين العراق وكل من سوريا وايران.أيضا تنامى نفوذها العسكري بعد أن أظهرت أنها تشكل قوة موازية لقوة مؤسسات الدولة العسكرية في صنوف قتالية شتى تتفوق في بعض الأحيان على هذه القوات بالصواريخ والطائرات المسيرة.
وتشكك قوى سياسية بقدرة الكاظمي على توفير الأجواء الملائمة لضمان انتخابات حرة ونزيهة بعيدة عن تأثير سلاح المجموعات الشيعية المسلحة، والمال السياسي الذي تستحوذ عليه الأحزاب التقليدية والمجموعات المسلحة جراء عمليات فساد مالي طيلة سنوات ما بعد غزو العراق عام 2003.ومنذ تسلمه رئاسة الوزراء في أيار/ مايو 2020، قطع الكاظمي تعهدات على نفسه بإجراء انتخابات مبكرة حرة ونزيهة بعيدة عن تأثير السلاح خارج سلطة الدولة والمال السياسي، إلى جانب استعادة هيبة الدولة ومؤسساتها، والحد من ظاهرة انتشار سلاح المجموعات المسلحة وعشائر وسط وجنوب العراق.
لكن الكاظمي لم ينجح في نزع السلاح خارج سلطة الدولة، بيد أنه نجح في إرساء هدنة مع المجموعات الشيعية المسلحة الحليفة لإيران تحدث عنها مستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي في سبتمبر/ أيلول الماضي أنها على مرحلتين.والمرحلة الأولى من الهدنة، وفق الأعرجي، تكون حتى موعد الانتخابات في 10 أكتوبر/ تشرين الأول (أي تنتهي اليوم)، والثانية حتى موعد سحب آخر الجنود الأمريكيين بحلول 31 ديسمبر/ كانون الأول من هذا العام بناء على اتفاق بين حكومتي بغداد وواشنطن.
ويتفق كثيرون على أن العراق بعد أحداث الموصل 2014 واجتياح “داعش” للمدينة، تحول إلى مجال نفوذ حيوي لإيران عبر القوى السياسية والمسلحة الحليفة لها بنسبة تتعدى نفوذها قبل ذلك التاريخ سمحت بتحويل الأراضي العراقية إلى ساحة للصراع بين الولايات المتحدة وايران، وممرا بريا لنقل وانتقال الأسلحة والمعدات والمقاتلين إلى سوريا.لكن الكاظمي نجح إلى حد ما في خلق موازنة “قلقة” في عدم المواجهة مع القوى الحليفة لإيران وعقد اتفاقيات هدنة معها لضمان نجاح الانتخابات، في ذات الوقت تجنيب الأهداف الأمريكية ضربات المجموعات الشيعية المسلحة ما يمكن أن تسجله الولايات المتحدة إنجازا للكاظمي قد يدفع باتجاه دعمه لولاية جديدة.
ويطمح قادة المجموعات الشيعية المسلحة في تحالف “الفتح” الذي يضم أجنحة سياسية لعدد من تلك المجموعات لتشكيل كتلة نيابية تكون مؤهلة بصفتها “الكتلة النيابية الأكثر عدداً” لتسمية مرشحها لرئاسة الوزراء.وتؤيد كتلة الفتح ترشيح رئيسها هادي العامري أحد أهم حلفاء طهران بالعراق “لرئاسة الحكومة المقبلة المخصصة للشيعة وفق المحاصصة الطائفية التي شرّعت بعد احتلال العراق عام 2003”.لكن التحالف الذي يضم أجنحة سياسية لعدد من المجموعات الشيعية المسلحة الحليفة لإيران، فقد الكثير من جمهوره بعد اندلاع الحركة الاحتجاجية في أكتوبر/تشرين أول 2019 في بغداد ومحافظات وسط وجنوب العراق ذات الكثافة السكانية الشيعية الغالبة، واتهام بعض فصائل التحالف بالمسؤولية عن قمع المحتجين واغتيال الناشطين والشعارات التي رفعتها الحركة ضد إيران ورفض تدخلها بالعراق الذي يُنظر إليه بأنه يتم عبر القوى الحليفة مثل تحالف “الفتح”.
ومن المتوقع أن تستمر الخلافات بين القوائم الانتخابية التي تمثل أجنحة سياسية للفصائل المسلحة خارج تحالف “الفتح” بين كتلة “الصادقون” التي تقودها ميليشيا عصائب أهل الحق، أبرز القوى السياسية في تحالف البناء، و”حركة حقوق” الجناح السياسي (غير المعلن رسميا) لكتائب حزب الله العراق الفصيل المسلح الأقوى ضمن تشكيلات هيئة الحشد الشعبي، والأكثر نفوذا داخل الهيئة التي يشغل عبد العزيز المحمداوي المعروف باسم “أبو فدك المحمداوي” منصب رئيس أركان الحشد الشعبي، وهو المنصب الأكثر أهمية في الحشد.
ويعطي واقع العملية الانتخابية الذي لا شك أنها لن تكون خالية تماما من تأثيرات السلاح والمال، مساحة أوسع لتحالف “الفتح” في توظيف موارده المالية والتسليحية ونفوذه في مؤسسات الدولة للتأثير في نتائج الانتخابات، أو على الأقل التأثير في خيارات الناخبين إلى جانب الأصوات التي سيحصل عليها مرشحو التحالف من منتسبي الحشد وعوائلهم في الغالب.ويتشكل الحشد الشعبي من اكثر من 160 ألف منتسب ضمن 70 فصيلا ترتبط رسميا بمكتب القائد العام للقوات المسلحة الذي هو رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، من بينها 41 فصيلا ترتبط ببيعة شرعية للمرشد الأعلى علي خامنئي، منها منظمة بدر برئاسة هادي العامري وعصائب أهل الحق برئاسة قيس الخزعلي وجند الإمام برئاسة القيادي في الحشد الشعبي النائب أحمد الاسدي وغيرهم.ومن المتوقع أن تؤدي الانتخابات إلى صعود أكبر للمجموعات الشيعية المسلحة الحليفة لإيران بعد أن سجلت الأعوام السابقة بين عامي 2017 نهاية الحرب على “داعش” والعام الحالي 2021 تنامي نفوذها السياسي عبر السلطة التشريعية منذ انتخابات عام 2018، والأمني بعد أن سيطرت عدد من هذه المجموعات على أراض ومدن ومناطق في محافظات غرب وشمال غرب العراق بعد استعادتها من “داعش”.