خلال معارك الحصاد الأكبر (نهر جاسم) تمكن العدو من احتلال اراضي عراقية ، ولا اتذكر عدد الهجمات المقابلة التي شنها جبشنا لاستعادة الارض الا انها كانت كثيرة ، وفشلت كلها لأنها كانت تجري بالطريقة نفسها .. قصف تمهيدي قبل الفجر .. هجوم مع الضياء الاول .. المحاور نفسها .. رغم وجود مبدأ ( لا تعزز الفشل بالفشل )
كل عملية سياسية ، عسكرية ، تربوية تبدأ بمدخلات وتنتهي بمخرجات ، والتوافق ( التغانم المكوناتي) كان المدخل الاول منذ مجلس الحكم (البريمري) الى يومنا هذا كان الأمر يجري بالشاكلة نفسها اي المدخلات نفسها .. وجاءت المخرجات نفسها .. فشل بائن مستدام.. انسدادات سياسية .. فساد غير مسبوق .. وضع لا يحتمله بشر .هكذا هي مخرجات التوافق .. انها كمخرجات جامعة الدول العربية التي عملت بمنهج التوافق وليس قرار الاغلبية وفشلت وستفشل .. وهكذا هو مبدأ التوافق فشل وسيفشل
يقول الدستور (( يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء )) والنيابية غير الانتخابية … فهي لا يمكن ان تعني الا انها الكتلة التي تحضر ككتلة في اول جلسة للبرلمان ، وليس كما تصور الكثيرون في حالة السيدين علاوي والمالكي رغم اني كنت احد المصوتين للسيد علاوي كونه الاقل طائفية من الكثير من السياسيين وكونه يؤمن بفصل الدين عن السياسة ، وبالتالي فأن الصراع سيكون على الكتلة الاكثر عددا وبرأيي المتواضع فأن السيد الصدر هو الأقدر على تشكيل الكتلة الاكثر عددا رغم ان الشعب لن يتمكن من اسناده والجمهورية الاسلامية في ايران لن تسنده بل ان المرجح ان تسند خصومه بشدة لكون منهجه
ضد التوافق ومع الاغلبية الوطنية
من الواضح انه اقرب الى بناء دولة تصنع قرارها بنفسها
اسلامه علماني عروبي والدليل علاقاته الايجابية بالمحيط العربي .
اصراره الواضح على حصر السلاح بيد الدولة .
الحشد الشعبي في عهد رئيس وزراء يرشحه التيار الصدري ويدعمه سيكون مرتبط تماما بالقائد العام ، وبالتالي سيكون بعيدا عن السياسة بموجب قانون الحشد الشعبي النافذ نظريا وغير النافذ عمليا .
تتصور الجمهورية الاسلامية ان هناك حلف غير معلن بين السيدين الكاظمي والصدر ، كونها لمست ذلك من خلال توجهاتهما المشتركة لفرض هيبة الدولة وحصر السلاح بيدها .
حكومة الأغلبية ان حصلت ستعني طلقة الرحمة على البيت الشيعي ، وبالتالي زوال المبرر لوجود البيت السني ، وسيخف وزن بيضة القبان (اهلنا الكرد) كون ثقلها وتأثيرها سينحسر بوجود بيت عربي كبير ، سينظم اليه الكرد ويتشكل بيت عراقي كبير ، وهذا كله لن يحصل بيوم وليلة ودون خسائر نأمل ان تكون محسوبة ،
لوكنت انا سياسي ايراني وأعمل بضوء الاستراتيجية الايرانية التي نص عليها الدستور الإيراني (( مهمة جمهورية ايران الاسلامية توحيد (الأمة) الإسلامية …)) لكنت وجدت ان قاعدة الانطلاق في استراتيجيتي اعلاه هو العراق ، وهذا العراق ينتمي اغلبيته المطلقة الى (امة عربية) ولدي فصائل مسلحة فيه ونفوذ فهل أريد له حكومة قوية تقرر بعيدا عني ؟؟؟ اذا وافقت فأنا اكون خائنا لاستراتيجية دولتي كأيراني.
ننتقل الى النفوذ العربي والتركي ولنختصر بالقول انه برمته لا يعادل خمس النفوذ الايراني
اما النفوذ الامريكي ومعه الاطلسي فنقول بصدده ان السياسة هي فن الممكن، وأن الحديث عن ارادة الشعب بخروج القوات الاجنبية التي هي (معزومة) مرتين وبحماس منقطع النظير بسبب فشل العملية السياسية ببناء جيش حرفي ويمكن قياس إرادة هذا الشعب من خلال مراكز استطلاع الرأي الرصينة لنعرف حقيقة هذه الإرادة في وضع مأزوم واستثنائي مستدام اتحدى فيه اي عراقي مهما بلغ من امكانية التحليل ان يعرف مستقبل عائلته او مستقبله هو شخصيا لأشهر ثلاث فقط .
نضيف سؤال أخير وهو هل ان خروج القوات الاجنبية سيبقى شعارا مقدسا لدى رافعي هذا الشعار أذا صار الأمريكان والايرانيين (دهن ودبس) ان الطريق ليس معبدا ابدا امام خيار الاغلبية السياسية فقد اصبحت التوافقية عرفا وملاذا آمنا للفساد والانفلات فالطبقة السياسية خسرت ام فازت فهي تبحث عن حصانة ضد الحساب ببقائها في المشهد حتى ولو كان وجودها شكليا ، خصوصا وهي تعرف ان نوايا السيد الصدر واضحة في طلب الاصلاح ، ويتوقعوه غريما صلبا في هذا المجال وخصوصا ايضا ان هناك حالات كسر عظم كثيرة حصلت … ويمكننا بالعودة الى الخلف لنجد ان اغلبية سياسيي الاطار نادوا بالأغلبية كحل سحري عندما كان وضعهم مختلفا ومنهم السيد المالكي والسيد الحكيم وغيرهما اما السيد المالكي فكان يشكو باستمرار من التوافقية ووصل الى حد القول بآن الطبقة السياسية فشلت ولا تستحق القيادة لاحقا .. وأردف (( وأنا منهم)) ناهيك عن السيد العامري بقوله (( لم يسمحوا لنا بأن نقدم لكم شيئا لأننا حسينيون))
لعل ما يجعلنا نتوقع تذليل الصعوبات في طريق الاغلبية الوطنية هو ان مجلس النواب الذي يعد عقبة امام من يريد تشكيل حكومته الآن هو ليس مجالس النواب السابقة حيث ان اكثر من اربعة اخماسه وجوه جديدة ، وسدسه تشرينيين ومستقلين وليس فيه اسلام سياسيي سني تقريبا ، وتمثيل حملة السلاح خارج اطار الدولة انخفض كثيرا ، وهناك الكثير من الايجابيات التي حققتها دماء شهداء تشرين لم نلاحظها بسبب اليأس الجاثم على صدورنا من امكانية التغيير ، او بسبب تصور البعض ان رفض العملية السياسية وفق ((مبدأ كل ما جاء عن الباطل فهو باطل )) هو خيار سياسي بينما الرفض والقبول عمرهمها لم يؤسسا لسياسة رصينة .. شكرا لثوار تشرين على كل هذه الانجازات التي تعبد الطريق نحو السيادة وبناء دولة المواطنة .. دولة الاغلبية السياسية التي ستكون تحت الاضواء ان انحرفت يقول الشعب انحرفت الكتلة الفلانية ، وأن فشلت فلا عودة لها مرة اخرى الى المشهد السياسي ، اما التوافقية فهي تشبه الى حد بعيد ضياع دم الشعب وماله بين الكتل .
اخيرا .. اذا نجح الاطار في تحقيق التوافقية ولم تغر السلطة التيار الصدري وذهبوا الى المعارضة فستكون التجربة الرائعة الاولى في تأسيس معارضة حقيقية تعيد المتوافقين دون مبرر منطقي لتوافقهم الى جادة الصواب كلما خرجوا عنها .