في الايام القليلة الماضية , اطلق اكثر من مسؤول في حكومة الكاظمي ان سعر صرف الدولار لن يتغيير في عام 2022 ودافعوا عن صواب تخفيض قيمة الدينار العراقي وسياسة الافقار, فإعادة صرف الدولار إلى 1200 دينار في حال لو أصدر مجلس النواب المقبل قرارا بذلك، انه سيؤثر بشكل سلبي وسيؤدي الى خروج سعر الصرف في السوق الموازي (المحلي) عن السيطرة وبالتالي حدوث تقلبات حادة في سعر الصرف تؤدي الى الاضرار بمصالح المواطنين والمشاريع”، ومفاقمة أزمة البطالة نتيجة توقف تلك المشاريع عن العمل , لقد خابت آمال الناس في أنفراجة لاوضاعهم الاقتصادية بهذه التصريحات , فحسب وزارة التخطيط ان نسبة العراقيين الذين يعيشون تحت خط الفقر بلغت 31% بعد ان كانت 20% أي انه اصبح واحد من ثلاثة اشخاص لا يحصل على الغذاء الكافي ويشعر بالجوع , ولا يقتصر الامر على ذلك فحركة الاسواق راكدة وازدادت اعداد العاطلين وتقلصت فرص العمل الى درجة خطيرة والقت بظلالها على الحياة الاجتماعية وخروج المجتمع عن طوره في السلام والتآخي والتآلف وتفشت الجريمة على نطاق واسع .
اعلنت الحكومة عن سياستها هذه في وقت ارتفعت اسعار النفط وتضاعفت الموارد منه , وهي ذاتها ربطت تعديل سعر الصرف بتحسين الموارد ولكنها ابتلعت كل وعودها في حماية الفئات الفقيرة وذوي الدخل المتوسط من اثار سياستها , فالغلاء الفاحش استشرى كالنار في الهشيم , فيما تتنعم فئة ضيقة وتزداد غنى وثراء لم تشهده الدولة طوال عمرها الذي بلغ قرن من الزمان , ومع ذلك الحكومة تصر على استمرار الغلاء بثباتها على السياسة الخاطئة وعدم الالتفات الى الاحتجاجات والانتقادات لها .
محافظ البنك المركزي العراقي مصطفى مخيف قال إن “سعر الصرف السابق للدينار العراقي “مُشوَّه” ولا يُحدث تنمية حقيقية بالبلاد”، مؤكِّداً أنَّ “قرار تغيير سعر الصرف لم يُؤخذ على عجالة، إنَّما ضمن خطة مدروسة بتنسيق كامل مع وزارة المالية، وصندوق النقد الدولي، فلو استمررنا بسعر الصرف السابق، حتى مع ارتفاع أسعار النفط، فإنَّ ذلك لن يكفي متطلَّبات المالية العامة . مما يعني لا امل بالتغيير وتحسين الاوضاع المعيشية للناس في العام المقبل وسوف تستمر سياسة تحميل الاوزار للطبقات الفقيرة والمعوزة , وخصوصا 5ر4 مليون مواطن يعيشون تحت خط الفقر .
ان المسؤولين اكدوا ان أي تغيير يعني احداث ” صدمة ” في البلاد وخسارة للمكتسبات التي تحققت في التنمية ولكن لا يوضحون ما هي هذه المكتسبات , هل هي في ارتفاع اسعار المواد الغذائية ام في الدواء ام في رغيف الخبز الذي قل عدد ما يشترى منه ومن وزنه , اما بقية المواد فحدث ولا حرج اقلها ارتفع سعره بمقدار الثلث, والامر من ذلك توقفت الكثير من معامل الصناعة الوطنية وارتفعت اسعارها ومثال على ذلك صناعة المواد الانشائية واصبح بناء بيتا حلما, وتبخر وهّم تشجيعها ومساعدتها بتغيير سعر الصرف واعادته الى ما يقرب من سابق عهده .
الحديث كثير بهذا الصدد وعلى الحكومة ان تنتبه وتنهي ولايتها بحسنة , يذكرها الناس فيها ويترحمون عليها قبل فوات الاوان , تمس الحاجة الى استراتيجية واضحة تهدف الى تقليل مستويات الفقر والعمل على دعم القطاع الخاص والقطاع العام بتشغيل معاملهما المتوقفة و بكل الطرق الممكنة وتقديم الدعم لهما لاستيعاب البطالة الموجودة , وان هذا سيساهم في توزيع عادل للثروات في العراق .
ان المواطنين يلزمهم جني ثمار ارتفاع اسعار نفطهم وانعكاسها على حياتهم المعيشية , فالربط الجدلي بين هذين العنصرين هو الذي يحقق الاستقرار على الصعد كافة ويحقق تنمية متوازنة ومستدامة في البلد.
ان افضل ولوج لبوابة الاصلاح هومن خلال اعادة النظر في السياسة الاقتصادية وتوجيهها نحو الفئات الاجتماعية المتدنية الدخل وخدمتها وتنشيط طاقاتها الاقتصادية ومتابعة الجهات التي اثرت وملاحقة منتسيبها الذين اغتنوا بتكوين ثروات طائلة بين ليلة وضحها من رفع سعر الدولار وقبله مزاد العملة وتسخير الدولة لمصالحهم الخاصة والافساد في المجالات المختلفة .
من الواضح ان الحكومة والبرلمان مطالبان بمعالجة الخلل والاخطاء وهذا يتطلب تشديد الضغط الجماهيري عليهما لاجبارهما على الاستجابة لما ينادي به الناس من ضمان حياة كريمة تقيهم من غول الجوع الذي هم فيه .