إن الاتفاق على عدم إمكانية فن المسرح في أن يتطور وينتقل إلى مساحات متجددة، إلا إذا رافقته حاضنة نظرية ونقدية تفتح أمامه آفاق التجريب والبحث عن صياغات مرئية وسردية ترتبط ببناء النص وتقنية العرض والأداء، كما توفر له مجالا للتنظير والنقد والإبداع، هو ما يعمل عليه بيت المسرح في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق على مدى سنوات.، إذ تلخصت جلساته بداية على العناوين التي تلامس التنظير في النقد المسرحي والتأصيل له، ومن ثم التطبيق على أعمال مسرحية، لأن الجانب الثقافي المسرحي يشتغل على التخصص والتفرد. فالتوقف عند بعض المصطلحات يحتاج لقراءات متعددة، منها: القراءة في «جماليات ظاهرة المسرح الحسيني من الفلسفة إلى المشهدية» 2018، إذ تحدث فيها الدكتور حميد صابر عن مسرح الشارع، قدمها الدكتور عامر صباح المرزوك. أما «التجريب المسرحي العراقي بين الريادة والتقليد/ قراءة بين جيلين»، فقد قدمها كلُّ من الدكتور سامي عبد الحميد، وكاظم النصار 2018. وبمناسبة اليوم العالمي للمسرح عقد بيت المسرح جلسة بعنوان «من الدراماتورجيا إلى العرض المسرحي/ قراءة تطبيقية» حاضر فيها الأستاذان د. مثال غازي، والمخرج أسامة السلطان 2019. ايضا قراءة في العيادة المسرحية، مع تقديم مشهد عن الادمان والمخدرات، قدمها الدكتور جبار خماط 2020.كما تم الاشغال على «فضاءات الترجمة في النص المسرحي العراقي» عبر محاضرة قدمتها الدكتورة علياء عبد الحسين. ثم الانتقال إلى «الحب والمرأة في نصوص فلاح شاكر/ قراءة من داخل التجربة»، قدمها الكاتب المسرحي فلاح شاكر 2019.
عديدة ومتنوعة هي التحولات في رؤية أعضاء بيت المسرح، منها ما ساير الأزمات وبعض الجوانب المتعلقة في مجال صناعة الوعي والخلق الإبداعي الفكري على امتداد العالم العربي، واستضافة العديد من المسرحيين العرب عبر منصة أمانة الشؤون الثقافية التفاعلية في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، ومن خلال جلسات بيت المسرح، ومنهم: الناقد المسرحي العربي د.هيثم يحيى الخواجة للحديث عن فضاءات المسرح العربي وتطلعاته/ المونودراما من النص إلى العرض 2020. كما قدم الكاتب المسرحي فهد ردة الحارثي من المملكة العربية السعودية، قراءة عن «التحولات في كتابة النص المسرحي عربياً». فضلاً عن تقديم الناقدة منار خالد من جمهورية مصر العربية، قراءة عن «تداولية التلقّي بين المسرح وبين الجمهور». والمخرجة العربية د. منار زين والحديث عن «تقنيات التمثيل والإخراج في المسرح المعاصر». والكاتب والناقد المسرحي علاء الجابر من دولة الكويت العربية، والحديث عن «الورش وفاعلية الكتابة المسرحية في المسرح العربي». وكان للممثلة المغربية فاطمة دويميك حضور، للحديث عن «أداء الممثل بين النسخ والإبداع/ فعل جمالي» 2021. فضلاً عن مشاركة الفنان المسرحي عبد الله مسعود من دولة الامارات العربية المتحدة، والحديث عن «التقليد والتجديد في المسرح العربي.. المسرح الاماراتي أنموذجا». ومن الجزائر قدم المسرحي د. لخضر منصوري، جلسة للحديث عن «تجليات الموروث الشعبي في المسرح العربي/ قراءة وتحليل».
كما سعينا إلى إظهار رؤى جديدة عبر فضاء مسرح المحافظات الذي عمل على مغايرة التنظير وطرح رؤى جديدة تحمل من الحلول المحلية الملامسة للبيئة، بعيدا عن العولمة التي اكتسحت المسرح وفرضت عليه عناوينها بصرف النظر عن الخصوصيات المحلية والعربية، والتي لم تعد لها خصوصيات تمتلك أذواق وآليات تلقي واحدة. ومن هذه الجلسات: سالم الزيدي والحديث عن مرجعيات المسرح في ديالى/ التأسيس والتحولات» 2020، الناقد المسرحي حمه سوار عزيز من اربيل. ومن البصرة المسرحي الدكتور كريم المبارك، والحديث عن «فرضية المجايلة التاريخية والمنجز المسرحي بين التواصل والانقطاع/ المسرح العراقي أنموذجا» 2020. أيضا كان للديوانية حضور عبر قراءة الناقد د. باسم الأعسم، والحديث عن «دور النقد في تقويم مسارات الخطاب المسرحي». والناقد د. حازم عبد المجيد، والحديث عن «فن الكيروغراف/ مفاهيم وقراءات». وقدم المؤلف المسرحي عمار نعمة جابر من الناصرية، قراءة عن «الحضور الجمالي للنص المسرحي العراقي في مشهد المسرح العربي». ومن الموصل عبر الباحث الدكتور محمد إسماعيل، وقراءته عن «التلقي في المسرح التربوي» 2020. المخرج المسرحي د. حليم هاتف، والحديث عن «تمازج الثقافات وتأثيراتها في عروض المسرح العراقي/ مسرح ما بعد التغيير أنموذجاً». الكاتب والمخرج المسرحي حيدر عبد الله الشطري، ورؤيته عن «القراءة المشهدية للنص المسرحي العراقي/ تجربة المخرج كاظم النصار أنموذجا». كما قدمت الباحثة المسرحية نيفين عبد الله عبد الرحمن من كركوك، قراءة عن «العنف وتنوع الأساليب الإخراجية والأدائية/ المخرجات العالميات أنموذجاً». والكاتب المسرحي عبد الكريم العامري وقراءته عن «مفهوم التجريب في الكتابة المسرحية بين المسرح والشعر والرواية». ومن كربلاء قدم المخرج والممثل المسرحي الدكتور علي الشيباني، رؤية عن «مسرح ذوي الاحتياجات الخاصة وتطبيقاته في مدينة كربلاء».
من الفلوجة المخرج المسرحي عكاب حمدي، والحديث عن الظاهرة المسرحية في مدينة الفلوجة/ قراءة تاريخية» 2021. ايضا قدم المخرج د. معيبد العيساوي، قراءة عن «السايكو والعلاج بالدراما مفاهيم واجراءات». والفنان المسرحي عباس شهاب، والحديث عن المسرح الاحتجاجي في العراق/ فرقة مسرح التغيير – كربلاء أنموذجا»من يتواجد في مهرجانات عربية وعالمية، يشاهد حضوراً يوازي ما لديه من إمكانات، ومن المؤكد أن أحلامه ستكون مرهونة برؤى مؤجلة لزمن قد يطول قبل أن يصبح واقعاً، ويزداد الأمر تعقيداً إذ لم ينل الفرصة التي تتناسب مع تجربته في بلده، وغالبا لن تكون للأسباب دوافع عنصرية، بل أن الأكاديميات والمعاهد المسرحية تضخ سنويا إلى الفرق المسرحية المحترفة عشرات العناصر المؤهلة بعلوم وتقنيات المشغل المسرحي، فضلا عن تجارب أوروبية توغلت في التجريب والتفكير الجمالي الذي يشتغل في إطار تجاوز ما تم إنجازه من أساليب ومدارس فنية، ومن ينجح من المهاجرين في اقتناص فرصة للعمل مع الفرق الغربية، لا بد أن تتوفر فيه جملة مؤهلات مميزة ترغم المسرحيين على أن يفسحوا له المجال ليكون ضمن صفوفهم، فكيف إذا ما ارتضوا أن يعملوا تحت إدارته، كأدوات لتحقيق رؤاه الفنية، فإن ذلك يعني أنهم قد وجدوا فيه أفقاً فنياً جديداً يبحثون عنه، وهذا ما تجسد عبر منصة بيت المسرح والانفتاح على قراءات الفنانين المسرحيين من العراق وخارجه، ومنهم: الناقد المسرحي ديار عمر. الفنان والمؤلف عباس الحربي، والحديث عن المسرح العراقي في المهجر 2020. المخرج والباحث المسرحي الدكتور فاضل الجاف والحديث عن «البايوميكانيك بين المفهوم والتطبيق في المسرح العربي». المخرج والمؤلف المسرحي منعم سعيد، ورؤيته عن «البانتومايم بين النمطية والابتكار في المسرح العراقي المعاصر». المسرحي طه رشيد، احتفاءً بتجربته وقراءةً لإصداراته الثقافية، والحديث عن «قراءة في المشهد المسرحي العراقي» 2021.وأخيراً، كان الاحتفاء بالفائزين بجائزة صلاح القصب للإبداع المسرحي والمكرّمين في مهرجان قرطاج المسرحي، بجلسة التي تحدّث فيها: (د. رياض موسى سكران، د. عواطف نعيم، د. أحمد حسن موسى).خطوات وتجارب مغايرة قدمها بيت المسرح بجهود أعضائه عبر مساندة الاتحاد ودعمه لإنجاح هذا النشاط الجمالي، وليكون نقلة في ذهنية المتلقي وحتى المتخصص في المسرح من الكتاب والمخرجين والتقنيين.
