القيادات السنية العراقية الغائبة تعود لتتصدر المشهد
آخر تحديث:
بقلم:عبد السميع عزاوي
البيت السني بقياداته الحالية بقي مستقرا وهادئا منذ تحرير محافظاته من سيطرة داعش، حيث شهدت الانتخابات الأخيرة مشاركة سنية تكاد تكون جيّدة قياسا بالانتخابات السابقة، وتنافس الكثير بالمحافظات الوسطى والغربية والشمالية من العراق والتي تضم أكثرية سنية للحصول على مقاعد بالمجلس النيابي الاتحادي، وبقيت الأنظار متجهة إلى الأنبار التي كانت لها حصة مقعد رئيس مجلس النواب في الدورة السابقة، وحصل ما هو متوقع وحصد محمد الحلبوسي رئيس المجلس مقاعد كانت لها الصدارة في الأنبار ونينوى وبغداد ومقاعد أخرى في صلاح الدين وكركوك وديالى ويتم التجديد له ولأول مرة منذ عام 2003 لرئاسة مجلس النواب، حيث لم يحدث أن تتم إعادة انتخاب رئيس مجلس النواب في كل الدورات السابقة.
وقد يقول قائل إن سيطرة الحلبوسي جاءت بعد غياب قيادات سنية عن المشهد بسبب الاستبعاد أو الاعتكاف الناجم عن التقدم في العمر أو الإزاحة الجيلية. وهذا ما حصل فعلا.
لكن نعود لنطالع أخبارا تؤكد عودة قيادات سنية من محافظة الأنبار إلى الساحة بعد غياب قسري، ومن هذه الشخصيات أمير الدليم علي حاتم السليمان، الذي برز كزعيم عشائري ثم أصبح قياديا في ساحات الاحتجاج، التي اندلعت بعد اعتقال حماية وزير المالية رافع العيساوي واتهامهم مع الوزير بدعاوى وفق المادة 4 إرهاب من قانون العقوبات العراقي (يؤكد المتهمون فيها أنها كيدية).
وعرف السليمان بمواقفه الجريئة والمعادية للعملية السياسية وصدرت منه تصريحات متشنجة ضد رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وإدارته للحكم في البلاد.
واختفى السليمان حوالي خمس سنوات بعد اقتحام ساحات الاحتجاج من قبل القوات الحكومية ليبقى متنقلا بين كردستان العراق ودولتين خليجيتين ليعود في عام 2020 ويبقى على نفس مواقفه التي عرف بها، حيث بقي يهاجم العملية السياسية بكل قياداتها، ومنها السنية المنحدرة من محافظته الأنبار، والجارة إيران منتقدا تدخلها في الشأن العراقي، ويشكل بعدها اتحاد المعارضة العراقية.
لكن المفاجأة أنه وبعد الانغلاق السياسي الذي أعقب الانتخابات العراقية، وعدم التوصل إلى اتفاق سياسي يفضي إلى حكومة أغلبية سياسية، فاجأ الشيخ السليمان الجميع بتغريدة على موقعه بتويتر من بغداد قائلا “بعدما عانت الأنبار من مشاريع التطرف والإرهاب وتحولت إلى مرحلة الهيمنة والدكتاتورية وتكميم الأفواه والفساد نعلنها من بغداد أن هذه الأفعال ستواجه بردة فعل لن يتوقعها أصحاب مشاريع التطبيع والتقسيم ومن سرق حقوق المكون وعلى من يدعي الزعامة أن يفهم هذه هي الفرصة الأخيرة”.
وفجر السليمان مفاجأة كبيرة إثر عودته إلى بغداد والتي هاجم حكوماتها وقياداتها السياسية من السنة والشيعة وأبرز من يدير دفة الحكم فيها لسنوات عدة، مهددا بتغريدته “أصحاب مشاريع التطبيع والتقسيم ومن سرق حقوق المكون”.
يعول الكثير من أبناء المحافظات السنية على أن تبقى الأمور مستقرة وألا تعود الخلافات بين الزعامات، لكن المشهد السياسي بعد الانسداد الذي تلا الانتخابات لا يبشر بخير ولا يفضي إلى توافقات قريبة ويعني بذلك قيادات السنة من محافظته الأنبار.
البيت السني شهد تحولا جديدا وهو عودة نائب رئيس الوزراء العراقي الأسبق ووزير المالية العيساوي والذي ينحدر أيضا من محافظة الأنبار إلى المشهد مرة أخرى، حيث أكد مقربون منه أنه يتابع القضايا المتهم بها في القضاء العراقي وتمت تبرئته من أغلب التهم التي نسبت إليه سواء كانت تقصيرا إداريا أو دعاوى الإرهاب.
وهذا الخبر أحدث خلخلة في مسار الأحداث لأن الكثير من مواقع الأخبار في العراق والقيادات السياسية أخذت تروّج لأن العيساوي سيعود إلى المشهد السياسي كمنافس مهم للقيادات الحالية، وأهمها رئيس مجلس النواب الحلبوسي وخميس الخنجر رئيس تحالف السيادة، الذي يضم أغلب النواب السنة في البرلمان العراقي والمنضوي تحت تحالف “إنقاذ وطن” الذي يضم التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني.
ورغم أن العيساوي، وبحسب مصادر عليمة ومقربة منه، أعطى ضمانات لأكبر القيادات السياسية في البلد بأنه عائد لإنهاء الملفات القضائية المتهم بها، ولا يفكر حاليا بالتحالف مع أي جهة سياسية، إلا أن اسمه بقي يدور في المنتديات السياسية، باعتباره من القيادات المهمة والمعروفة في المجتمع السني في فترة ما بعد عام 2003.
ونقرأ أخبارا أخرى عن عودة قريبة لنائب رئيس الجمهورية السابق طارق الهاشمي، الذي غادر البلاد بعد اعتقال أفراد حمايته بتهمة الإرهاب واتخذ من إسطنبول مقرا لإقامته، حيث أكد الهاشمي في تغريدة بموقع المدونات القصيرة تويتر “أنا بريء ولا أنتظر عفوا من أحد والدوافع سياسية، متى تحققت الفرصة أعود في أي وقت لأواصل خدمة العراق وطني”.
وتدور أخبار عن قرب موعد الإفراج عن النائب السابق والمنحدر من الأنبار أيضا أحمد العلواني، والذي اعتقل بعد مداهمة منزله ومقتل شقيقه خلال الاشتباك مع القوات الأمنية.
وتشكل عودة السليمان إلى الواجهة ورقة ضغط على رئيس البرلمان الحلبوسي، الذي تزعّم البيت السني في البلاد ومحافظته الأنبار لسنوات، وإشارة تذكير إلى أن المشهد السني قد يشهد عودة قيادات مؤثرة لتنافسه في الزعامة، خاصة بعد تمسك الحلبوسي بالتحالف مع التيار الصدري والأكراد بعد الانتخابات الأخيرة، وعزم تحالف إنقاذ وطن تشكيل حكومة أغلبية سياسية، وهو ما يرفضه الإطار التنسيقي الذي يضم التكتلات السياسية الشيعية.
وتبقى الأحداث وليدة لحظتها، فالمجتمع السني عانى الكثير بعد سيطرة تنظيم داعش على محافظاته ولا يزال يعاني من تدهور في البنى التحتية ومستوى الخدمات حاله حال المدن العراقية الأخرى.
ويعول الكثير من أبناء المحافظات السنية على أن تبقى الأمور مستقرة وألا تعود الخلافات بين الزعامات، لكن المشهد السياسي بعد الانسداد الذي تلا الانتخابات لا يبشر بخير ولا يفضي إلى توافقات قريبة.