قانون جرائم المعلوماتيه يشكل انتهاكآ صارخآ لأحكام الدستور.. ويعمل على أعادة العراق لعصور الديكتاتوريه..؟
آخر تحديث:
بقلم:جلال الزبيدي
نستقرأ قيام مجلس النواب العراقي بأعادة مناقشة مشروع قانون جرائم المعلوماتيه سيئ الصيت.والذي تم رفضه سابقأ من قبل مجلس النواب في2019 بأستغراب ودهشة شديدين..؟ فالمتابع لاحكام هذا القانون بصيغته الجديده يرى انه يحتوي على احكام قانونيه خطيره للغايه.! والتي سيتم استخدمها لنشر الرعب السياسي في محاوله مكشوفه لاسكات اصوات المعارضه الديمقراطيه.أن عمليه تكميم الافواه ومصادرة الحقوق الديمقراطيه ومناهضة العهود والمواثيق والصكوك الدوليه هي بالضروره عمليه مبيته وممنهجه للاستئثار بالسلطة وفق معايير المحاصصه السياسيه بعيدآ عن قيم الكفاءه و متطلبات الخبرة والنزاهة..وهذا القانون سوف يطال الرأي الحر وقادة المجتمع المدني الذين يطالبون بالكشف عن ملفات الفساد والتزوير واللصوصيه لكبار رجال الدوله العراقيه والمكدسه بالرفوف العاليه..؟
من المدهش حقآ ان تصبح المطالبه بكشف قوى الفساد والفاسدين (جريمه جنائيه) يعاقب عليها القانون..؟ خاصة ولو قمنا بالتشخيص القانوني لاركان هذه (الجريمه الجنائيه) نجد غياب (الركن المادي) فيها. فلجريمه الجنائيه حتى تكتمل َمسوغاتها القانونيه (كجريمه) يجب توافر الركن (المادي والركن المعنوي للجريمه) لها وهو مالم يحصل في هذا التوصيف القانوني لجريمة المعلوماتيه اعلاه..؟ فلا يمكن للمشرع الوطني ان يحول القلم والكلمه الحره ومكنونات الضمير للكاتب او المدون الى ركنآ ماديأ مفتعلآ لجريمه المعلوماتيه.ولذلك من الناحيه القانونيه ضروره توافر الركن (المادي والركن المعنوي) كي تكتمل الصوره القانونيه ونكون امام واقعه جرميه مكتملة الاركان مع أشتراط وجود (القصد الجنائي) لها هذا جانب.. وجانب اخر في دحض وابطال مسودة القانون المذكور. انه من المتعارف فقهآ وقانونآ ان المشرع الوطني(البرلمان) يجب ان يحتكم للاشتراطات و القيود الدستوريه فليس للبرلمان الا ان يخضع لاحكام القاعده الدستوريه.حيث هناك سلطة تقديريه واخرى تقييديه يمنحها المشرع الدستوري للبرلمان.. وذلك عندما يقول في نهاية النص للقاعده الدستوريه(وينظم ذلك بقانون)ك ولكن احيانآ المشرع الدستوري يقيد البرلمان ويحرمه من سلطته التقديريه عندما لا يطلب من البرلمان باصدار قانون تفصيلي للقاعده الدستوريه..؟ وهذه تعتبر من القيود الدستوريه والتي لايحق للبرلمان ان يقوم باصدار قوانين تفصيليه لها وان حدث ذلك فهو ليس اكثر من قرصنه تشريعيه. وخاصة وتحديدآ حين يقوم البرلمان باصدار قانون يتنافى مع نص ورح القاعدة الدستوريه الاصليه.. ودليلنا في ذلك الماده 38 من الدستور العراقي النافذ والتي تكفل حرية التعبير عن الرأى وحرية الاجتماع والاحتجاج الشعبي السلمي وحرية الاعلام والنشر بكل الوسائل المتاحه. ولهذا لا يمكن ان تشكل الموروثات القانونيه للنظام الديكتاتوري المقبور و مجلس قيادة الثوره أداة للتخويف والقمع الفكري ومصادره حق التعبير والتظاهر السلمي التي كفلها الدستور العراقي الراهن..
أن قانون جرائم المعلوماتيه يحاول العوده بنا إلى عصور الديكتاتوريه مجددآ وتكريس مفاهيم محاكم التفتيش خاصة وان العديد من احكام قانون جرائم المعلوماتيه ذات طبيعه قمعيه مبالغ فيها. مثلا الماده 08 من قانون جرائم المعلوماتيه ا تقول انه(( يعاقب بالسجن مدة لاتقل عن07 سنوات ولا تزيد عن10 سنوات وبغرامه ماليه لاتقل عن 10ملايين دينار عراقي ولا تزيد عن 15 مليون دينار عراقي كل من استخدم شبكة المعلوماتيه او احدي اجهزة الحاسوب وما في حكمها بقصد الاعتداء على المبادئ والقيم الدينيه او الاسريه او الاجتماعيه)).. وهنا من حقنا نتساءل من الذي يحدد طبيعة هذه (المبادئ الدينيه او الاسريه او الاجتماعيه) فهذه مفاهيم لا يوجد أجماع ولا مسوغات قانونيه يتم الاحتكام لها لانها تعابير مرنه وقابله للاجتهادات والاجتهادات المضاده في واقع عراقي متباين دينيآ وأسريآ واجتماعيآ.. خاصة اذاكان المسلمون مختلفين فيما بينهم حتى في أحكام الوضوء والصلاة والخمس والزكاة.. وانتم منهم ايها الساده النواب الجالسين تحت قبة البرلمان العراقي..؟؟
واخيرآ للاسف تحاول الكتل السياسيه المتنفذه تسويق هذا القانون بأي ثمن كان وذلك للتصدي لاي مظهر من مظاهر الديمقراطيه الانتخابيه والمطالبة بالانتخابات المبكره والتداول السلمي والديمقراطي للسلطه..نعم هناك مخاوف جديه لدى الراي العام المدني من أن هذا القانون هو اشبه بقانون للاحكام العرفيه والذي سيعمل على زج المئات من المطالبين بالحريات ودعاة الحقوق الديمقراطيه والدفاع عن حقوق الانسان في السجون والمعتقلات على خلفية قضايا تتعلق بحرية التعبير عن الراي. خاصة وان هذا القانون للاسف نسى او تناسى قضايا الارهاب وجرائم الاتجار بالبشر وجرائم سرقة المال العام وجرائم التزوير وانتحال صفة الغير وخطاب الكراهيه وغسيل الاموال وغيرها..؟والله من وراء القصد