العَلَمُ العراقي الغائب

العَلَمُ العراقي الغائب
آخر تحديث:

بقلم:سمير داود حنوش

يتناسى الزعيم أو المسؤول العراقي حين يجتمع مع الآخرين من نظرائه في الدول الأخرى أهمية وجود العَلَم العراقي خلفه، ربما لأنه يكون جاهلاً ببروتوكولات المقابلة التي تقوم بين الدول أو لأنه حديث السلطة في عالم السياسة، أو حتى يجهل أن العَلَم يُمثّل السيادة الكاملة للبلد الذي يمثله بأن يتحدث نيابة عنه.غاب العَلَم العراقي عن الاجتماع الذي ضمّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي في إشارة توحي أن الاجتماع كان غير رسمي، أو لقاء عابرا لمسؤول عراقي كان يقوم بأداء مناسك العمرة التقى خلالها مسؤولاً سعودياً، لكن هناك من يشاهد الصورة من منظار يوحي للمشاهد حالة الاستجداء أو التسوّل السياسي التي يمارسها السياسي العراقي من أجل إرشاده إلى طريق الصواب في عمله.

لم يكن العَلَم العراقي حاضراً في الاجتماع مما زاد في بواطن اللغز من العراقيين عن الجدوى من هذا اللقاء الذي استمر لدقائق معدودات بوساطات ومحاولات جَرت لعقد هذا الاجتماع بعد أن كان مقرراً عدم انعقاده حسب بعض المصادر السياسية.لم يمضِ أكثر من يوم حتى تكرر لقاء ولي العهد السعودي مع عمار الحكيم أحد أطراف الإطار التنسيقي (الشيعي)، كان أيضاً في رحلة عمرة بتقارب زمني مريب، غاب فيه العَلَم العراقي عن الحضور أيضاً.

محاولات استدراج المملكة إلى صراع طائفي يلوح في الأفق بين مكونات المشهد السياسي بالعراق، وتأكيد سعودي للنأي عن التدخل في الشأن الداخلي العراقي هو ما يُعنون السياسة السعودية التي تتّسم بالحكمة بالوقوف على مسافة واحدة من جميع أطراف العملية السياسية في العراق.غياب العَلَم العراقي في اجتماع من يدعي تمثيله، يؤكد الغرض المصلحي والمنفعي في البحث عن مغانم شخصية ومصالح أنانية لاستدراج الآخرين إلى غاياته.في البروتوكول الدبلوماسي المتعلق باجتماع أيّ طرفين يكون العَلَم واقفاً خلف المسؤول أو العنوان السياسي الذي يمثل بلده لتعزيز دور السيادة الوطنية التي تكون مُعنونة بصورة ذلك العَلَم، ولأنه يُضفي مزيداً من الشرعية للمسؤول في تمثيل بلده الذي ينحدر منه.

محاولات الأطراف السياسية في العراق جَرّ السعودية إلى محاورها الطائفية سيُكتب لها الفشل الذريع ليس فقط من باب الحِنكة السياسية للطرف المقصود، لكنه الوضع الإقليمي والدولي الذي بات يرسم مشهداً متغيراً.التقارب السعودي – الإيراني الذي إن حققت خواتيمه الغايات المرجوّة، سيحقق للمنطقة الاستقرار والتهادن السياسي بعيداً عن محاولات صبيان السياسة استعمال ورقة التخندق الطائفي والمذهبي سلاحاً يُشهر بوجه شركائهم في السلطة  كلما لاحت أزمة في الأفق، وذلك هو الفرق بين الحكمة والتهور.

المبادرات الطائفية ليست مبادرات تستحق الاهتمام خصوصاً في هذا الوقت بعد تراجع الاستقطابات الإقليمية في ضوء التوافق السعودي – الإيراني.لا تستبعد مصادر سياسية في بغداد توجه الحلبوسي في الأيام القليلة القادمة إلى طهران لإبعاد شبح الإزاحة من منصبه بعد أن توالت الأنباء عن تحشيد قوى سياسية وعشائرية في الأنبار لإصدار قرارها بإزاحة رئيس البرلمان من منصبه بعد إقرار الموازنة مع وجود البديل الجاهز.دائماً ما تعوّدت الأطراف السياسية في العراق الاتكاء على جدران أحد طرفي مراكز القوة سواء كان سعودياً أو إماراتياً أو قطرياً لطرف فيما كانت إيران مُتكأ للطرف الآخر، إلا أن المعادلة على ما يبدو قد تغيرت وفق معطيات جديدة توحي بأن التقارب الذي يجري الإعداد له سيرسم سياسة جديدة للمنطقة تختلف عن سابقاتها فيما لو تم إنجاح خطواتها، وذلك ما لم يفهمه الساسة في العراق.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *