اصمتوا أبناء “سايكس بيكو” أو ردوا على غولد!!
احمد النعيمي
من الغريب أن يطالعنا في كل مناسبة أو دون مناسبة ومنذ بدأ الثورات العربية؛ حديث لإعلامي الأنظمة العميلة التي أوجدها الاستعمار، عن تعرض الدول الإسلامية والعربية لـ”سايكس بيكو” جديدة تنتظر العالم العربي، محاولين إثبات أن ما يجري مؤامرة على أنظمة كعمر بن الخطاب في العدل والشرف والاستقامة والنزاهة، وكان لتقاعس الحكومات الجديدة التي وصلت إلى الحكم في دول الثورات السابقة في تطبيق القصاص وإعادة العدل إلى ربوع البلاد دور كبير في قبول الناس لما يروجوا له من خبال وإرجاف، دون أن يدور بخلدهم سواء بعلم أو ذر للرماد، ولا بخلد السماعون لهم؛ أنهم هم سبب بلاء الأمة منذ مائة عام وأكثر، وأن هؤلاء – المدعين شرفاً – أبناء “سايكس بيكو” الذين رسخوا الهيمنة الغربية فينا، وما قامت الشعوب العربية إلا لإسقاط هذا السايكس وأتباعه، فجندوا أنفسهم وحشدوا حزبهم بإيعاز من الغرب للإفساد والفتنة بعد أن أمنوا العقوبة، حتى لا يسقطوا ولا يسقط معهم هذا الغرب المتهافت.ولكن الثورة السورية كانت قاصمة الظهر لهؤلاء العملاء وأتباعهم المغروسين في كل زاوية من زوايا عالمنا، أطاحت بأحلاهم وكشفتهم، وفضحت مدعي القومية من جهة، وعرت أنظمة طالما تغنت بالمقاومة والممانعة من جهة ثانية، وإذ بتلك الأنظمة وفي ليلة وضحاها تظهر أمام العالم كله بأنها أشد عمالة من تلك الدول المكشوفة والظاهرة، والتي منذ قيامها لم تزعم شرفاً ولا تقم بمكرمة، وبدا هذا واضحاً في الأضوية الخضراء التي منحت لهذا الحلف الشيطاني باجتياح سوريا بكل وقاحة حتى لا يسقط الأسد المنهار وبالتالي تسقط معه المنظومة الإرهابية من ألفها إلى يائها.وعلى مدار الثورة السورية كان ظاهراً مدى حرص الاحتلال اليهودي على إبقاء الأسد حاكماً لسوريا، وبدأت التصريحات تكشف هذا الحرص بداية من مغازلة رامي مخلوف ابن خال الأسد ليهود من خلال صحيفة “نيويورك تايمز” يوم الأربعاء 11 أيار 2011م بالقول: ” إذا لم يكن هنا استقرار فمن المستحيل أن يكون هناك استقرار في إسرائيل، لا يوجد طريقة ولا يوجد احد ليضمن ما الذي سيحصل بعد، إذا لا سمح الله وحصل أي شيء لهذا النظام”، بينما كان أكثر التصريحات اليهودية وضوحاً ما أكده عاموس جلعاد رئيس الأمن القومي الإسرائيلي يوم الأربعاء 16 تشرين الثاني 2011م بالقول:” إذا سقط الأسد سقطت دولتنا”، ثم تلاها تحذير “نصر الله” أنه إذا سقط الأسد سقطت القدس، وعلى هذا جاء رد “هاليفي” رئيس الموساد الأسبق الذي أكد فهمه لرسالة “دجال المقاومة” في تقرير نشرته مجلة “فورين افيرز” الصادرة عن مركز أبحاث مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي حمل عنوان ” رجل إسرائيل في دمشق.. لماذا لا تريد القدس سقوط الأسد” جاء فيه:” إسرائيل تعرف أمراً مهماً حول أسرة الأسد، وهو أنها تمكنت طوال أربعين سنة من حفظ شكل من اشكال الهدوء على الحدود.. إسرائيل قادرة على الدوام على الوثوق بحكومة حافظ وبشار الأسد من اجل تطبيق اتفاق فصل القوات الذي اقر عام 1974م”.وأما اخطر التصريحات فكانت مقالاً بعنوان “نهاية حدود سايكس بيكو في الشرق الأوسط” للسفير السابق لإسرائيل في الأمم المتحدة السياسي الليكودي “دوري غولد” نشر في صحيفة “إسرائيل اليوم” يوم 24 أيار 2013م جاء فيه:” أكثر التحليلات الرائدة للازمة السورية تتفق على أن جزءاً من حدود الشرق الأوسط الحديث الرئيسية، التي نشأت نتيجة اتفاق سايكس بيكو في 1916م توشك أن تتغير أساسياً إن لم تمحَ تماماً” وهذا ما دفع المنظومة الدولية الإرهابية إلى السكوت عن الهجوم الشامل من قبل حزب الله وقوات المجرم الأسد الذي شن على مدينة القصير صباح يوم الأربعاء الخامس من حزيران، رافقها تغطية إعلامية ضخمة من قبل القنوات الفضائية جميعاً، وإعلان الائتلاف الوطني سقوط القصير بعد لحظات قليلة من إعلان الأسد لهذا الخبر.ومع إعلان الثوار عن سيطرتهم عن المعبر الحدودي الجولاني الفاصل بين الجانب السوري والاحتلال الإسرائيلي، كشفت وثيقة رسمية في الأمم المتحدة أن الأسد لم يتمكن من استرداد المعبر إلا من خلال تنسيق بين قوات الأسد والجيش الإسرائيلي في الجولان عبر قوة مراقبة فك الاشتباك “اندوف” لبت فيه إسرائيل طلب الأسد أن لا يقوم الجيش الإسرائيلي بأي تحرك ضد الدبابات السورية التي دخلت منطقة فض الاشتباك يوم الخميس 6 أيار لأنها مخصصاً حصراً لمحاربة العناصر المسلحة في المعارضة.وما جرى في الأيام الماضية محاولة من المنظومة الإرهابية لتركيع الشعب السوري وإجباره على الرضوخ لحضور مؤتمر الخيانة في جنيف، ورفع معنويات جنود الأسد المنهارة، للحفاظ على حدود سايكس بيكو قائمة جهدهم.ولأبناء سايكس بيكو القدماء واللذين يحاولون أن يدخلوا أنفسهم في هذا العار، نقول لكم جميعاً: يريد الله لهذه الثورة أن تنهي المنظومة الإرهابية التي أوجدتكم، وتسقط الحدود المزعومة التي خلقها جدكم “بيكو”، فانتظروا إنا منتظرون!!