غياب الثوابت الوطنية يفاقم النزاعات.. العراق نموذجا
آخر تحديث:
بقلم:أدهم إبراهيم
الثوابت الوطنية هي مجموعة من القيم والمبادئ الأساسية التي تربط أفراد المجتمع وتجمعهم تحت راية واحدة تتمثل فيها الهوية الوطنية، والتاريخ المشترك، واللغة، والعادات، والتقاليد والأهداف المشتركة . وعند غياب هذه الثوابت، أو في حال ضعفت سيتفكك المجتمع وتظهر الانقسامات والاختلافات بين أفراده.في العراق، في ظل الوضع السياسي ما بعد الغزو الأميركي لا نجد ثوابت وطنية تجمع العراقيين. وإذا ما اطّلعنا على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي نجد كثيرا من الفوارق في التوجهات والرؤى بين أفراد الشعب، بل وحتى داخل المدينة الواحدة. كل ذلك نتيجة الفوضى السياسية التي يعيشها العراق في الوقت الراهن، والتي تسببت في فقدان البوصلة، حتى أصبح الانتماء الوطني محل خلاف عند أبناء الشعب الواحد.
إن القيم والتقاليد والرموز المشتركة تعمل على تماسك المجتمع، وتعزز الشعور بالوحدة والهوية. ومن هنا تظهر الأهمية الكبيرة لهذه الثوابت في تعزيز التلاحم الاجتماعي والتضامن الوطني.فالثوابت الوطنية بمثابة خيط مشترك في نسيج المجتمع يربط بين الأفراد من مختلف الخلفيات والمعتقدات. فهي توفر إحساسًا بالاستمرارية، مما يسمح للمواطنين بالشعور بأنهم متجذّرون في التاريخ والتراث المشترك. ويصبح هذا السرد المشترك قوة جبارة، تتجاوز الفروق الفردية وتعزز الفخر الجماعي بالأمة.
كما تلعب الثوابت الوطنية دوراً مهماً في تشكيل الهوية الجماعية. وفي أوقات المواجهة والأزمات تكون هذه الثوابت بمثابة القاسم المشترك الأعظم لتوحيد المواطنين تحت مثابة الوحدة الوطنية العابرة للطائفية والقومية والمناطقية، وتستند على شعار وعلم وطني واحد ونشيد موحد، مما يخلق شعورا بالفخر والوطنية.إن التأكيد المنتظم للثوابت الوطنية في الحياة اليومية يعزز القيم المشتركة، ويساهم في خلق وعي جماعي يتجاوز الاختلافات الطائفية والقومية والمناطقية، ويوفر التقاليد والطقوس ذات العلاقة بالثوابت الوطنية الرصينة. كل ذلك يعزز التفاعلات الاجتماعية التي تجسر الانقسامات.
إن الاحتفال بالمناسبات الوطنية وإحياء ذكرى المعالم التاريخية يخلق تجارب مشتركة تعزز الروابط بين المواطنين. ويصبح هذا التراث الثقافي المشترك مصدر إلهام وفخر للأفراد، مما يعزز التزامهم تجاه الأمة.وفي العراق نشهد كثيرا من التجاوز على الثوابت الوطنية والتراث المشترك للشعب العراقي الذي تسبب في التفريط في المنجزات الوطنية عبر تاريخ العراق الحديث.وفي عالم يتسم بالتنوع، تصبح أهمية الثوابت الوطنية أكثر وضوحا. إنها توفر إطارا موحدا يحتضن ويحترم الاختلافات داخل المجتمع. ومن خلال الاعتراف بالتنوع والاحتفاء به في سياق الثوابت المشتركة، يمكن للأمة أن تبني أساسًا متينا من الاحترام المتبادل.إن أهمية العودة إلى الثوابت الوطنية ليست محل جدال أو نقاش، بل هي الأساس الذي يجب أن يبنى عليه مجتمع قوي وموحد. ومن خلال الإقرار بهذه الثوابت والاعتزاز بها، يمكن للأمة أن تنمي هوية مشتركة تتجاوز الفروق الفردية، وتعزز الشعور بالوحدة.