شهد الأردن على مدى نصف قرن عدة موجات لجوء إلى أراضيه من دول الجوار وتحول بموجب تدفق اللاجئين إليه الى أكبر حاضنة أستوعبت الملايين على مدى خمسة عقود ورغم إن الاردن لم يوقع على أتفاقية اللجوء عام 1951 إلا أنه وفر الملاذ الآمن للملايين الذين تقطعت بهم السبل ووجدوا في الاردن الأمن المفقود في بلادهم وتحمل الأردن على مدى العقود الخمسة تبعات وأعباء موجات اللجوء من دونأ يغلق أبوابه أو يجبر أحدا على مغادرة أراضيه بشكل قسري وهذا الموقف القومي والانساني لم يلق الدعم المطلوب لمساعدته في تحمل أعباء وجود الملايين على ارضه مازاد من معاناته الاقتصادية والحياتية وعندما نتحدث عن تحول الآردن إلى أكبر حاضنة للاجئين من دول الجوار فأننا نتوقف عند أكبر موجة شهدها بعد غزو العراق وأحتلاله وماتلاه من حرب طائفية وماترتب على ذلك من تبعات مازال الأردن يئن تحت وطأتها من دون مساعدة أو دعم حقيقي من المجتمع الدولي وقبل ذلك من السلطات العراقية التي تسببت في هجرة ملايين العراقيين بعد أن عجزت عن توفير الحماية والامن الآمن في بلادهم وحتى نشير إلى أسباب موجة اللجوء ينبغي أن نحدد المسؤول عن هذه المحنة ليتحمل المسؤولية الأخلاقية والقانونية لتداعيات هذه المحنة المتواصلة ومثلما كان العدوان الامريكي البريطاني على العراق عام 2003 خروجا عن أرادة المجتمع الدولي وميثاق الامم المتحدة أدى إلى أحتلال دولة ذات سيادة فأن تبعات هذا الاحتلال تتحمل مسؤوليته الأدارتان الامريكية والبريطانية لاسيما المتعلقة بدعم الدول التي تحتضن اللاجئين العراقيين على اراضيها ناهيك عن طلب التعويضات جراء ماسببه الاحتلال بعد أن تكشفت بطلان أسبابه ومشروعيته فدعم ورعاية اللاجئين العراقيين في الأردن رغم أنه مسؤولية أخلاقية وقانونية تلزم الدول التي تسببت في دفعهم الى الهجرة فأنه بذات الوقت تلزم المسؤول عن هذه المحنة أن يجد حلولا لانهاء معاناتهم وأن يقدم للأردن الدعم المالي ليتمكن من أستمرار رعايته للاجئين الذين أصبحوا عبئا على الدولة المضيفة رغم أنها تسمو على ضأقتها المالية المعروفة أن المعونات التي حصل عليها الأردن جراء أحتضانه لملايين العراقيين على مدى العقد الماضي ومن بعدهم اللاجئين السوريين شحيحة ولاتلبي حاجات اللاجئين الصحية والمعاشية والسكنية والتعليمية ورغم ذلك تحمل الاردن بكل اباء ومسؤولية اخلاقية توفير هذه المستلزمات وبات على الأمم المتحدة ومنظماتها الأنسانية أن تطالب الدول التي تسببت في محنة اللاجئين العراقيين وتفاقمها ان تفي بتعهداتها طبقا للقانون الدولي الذي يلزمها بتقديم العون والرعاية لضحايا الاحتلال وفي مقدمة هذه المطالب تقديم الدعم المالي للدولة الراعية للاجئين من دون منة او تسويف باعتباره حق لايمكن التفريط به مهما كانت الذرائع وأذا كان هذا التقصير المتعمد للدول التي تسببت في محنة اللاجئين العراقيين معروفة مقاصده السياسية فاننا نتوقف أيضا عن الموقف العربي الذي مازال غير معني بالاثار الكارثية التي يتحملها الأردن جراء الازمات والحروب والعواصف التي ضربت المنطقة والأقليم العربي والذي تحمل قسطها الأكبر الأردن من دون أن يقدم الاشقاء مايعين الأردن على مواجهة تبعات موجات الهجرة رغم مخاطرها على أمنه الاردن في صد رياح تلك العواصف نيابة عن الأخرين من دون أن يساعده الاخرون لقد آن الأوان أن يدرك المجتمع الدولي وخاصة أمريكا وبريطانيا وأيضا الدول العربية الغنية أن الأردن قد فاقت قدرته على تحمل نتائج وتبعات الأزمات والحروب التي شهدتها المنطقة بمفرده رغم ندرة موارده وشحتها وأنعكس هذا التحمل على أوضاعه الاقتصادية فمن غير المعقول والمقبول أن يترك الأردن وحده يواجه تبعات حروب وأزمات الاخرين من دون أتخاذ موقف جاد من المتجمع الدولي تجاه مايعانيه الأردن لاسيما من السلطات العراقية التي لم تقدم الرعاية والدعم المطلوب لمئات الألاف من رعاياها لتعين الأردن وتساعده على تحمل تبعات وجودهم في أراضيه فليس من ألانصاف ان يدير العالم ظهره عن الأردن ويتخلى عن واجبه الأنساني والأخلاقي تجاه شعب أبي ومضياف فتح قلوبه قبل بيوته لأستقبال وأحتضان ملايين اللاجئين منذ نصف قرن وحتى الأن من دون أن يغلق أبوابه أمام المحتاجين للملاذ الآمن الذي أفتقدوه في بلدانهم