شهد البرلمان العراقي اليوم مشهدًا مؤسفًا ، وليس الأول من نوعه : اشتباكات بالأيدي ، صراخ ، وفوضى لا تليق بمكان يُفترض أنه يمثل إرادة الشعب ويجسّد قيم الديمقراطية ؟ ما حدث ليس مجرد ( خلاف سياسي ) بين أطراف مختلفة ، بل انعكاس خطير لانفصال السلطة التشريعية عن واقع المواطن ، وغياب الرؤية الوطنية عن كثير من ممثلي الشعب ؟ – في قاعة البرلمان : كانت الأيدي تُرفع لا للتصويت على قانون يُنقذ الاقتصاد ، ولا لإقرار مشروع يُخفف من معاناة الفقراء ، بل للكمات تُوجّه بين نواب، تهاوت لغة الحوار بينهم لتحل محلها لغة العنف ؟ حدث ذلك تحت قبة يُفترض أنها تمثّل أعلى مراتب الدولة المدنية , في المقابل ، يقف المواطن العراقي ، المنهك من الأزمات المتتالية ، مشدوها أمام مشهدٍ لا يُشبه تطلعاته. المواطن الذي يقف في طوابير البطالة، ويكافح من أجل لقمة عيشه ، ويترقب قرارًا يُحسّن من خدمات الصحة والتعليم والكهرباء ، لم يجد في هذا البرلمان سوى نسخة مكررة من العبث السياسي المستمر. – في العراق : لا تمر جلسة برلمانية محتدمة إلا وتترك خلفها سخطًا شعبيًا واسعًا ؟ تزداد الهوة بين السلطة والناس ، وتفقد الكلمات قيمتها مع كل وعد لا يُنفذ ، وكل خلاف تتحول فيه قاعة البرلمان إلى حلبة صراع ، بدل أن تكون ورشة عمل وطنية جادة , لسنا بحاجة لبرلمان يستعرض عضلاته أمام الكاميرات ، بل لبرلمان يملك الجرأة ليواجه التحديات الاقتصادية ، يشرّع القوانين التي تُنقذ البلد ، ويضع حداً لمظاهر التسيب السياسي ؟ البرلمان ليس نادياً شخصياً لأحد ، ولا ساحة لتصفية الحسابات الفئوية والحزبية ؟ – الشعب العراقي لا يطلب المعجزات , كل ما يريده هو برلمان يمثله بحق ، يصغي لهمومه ، ويشرّع لصالحه ، لا لصالح كتل متصارعة تتقاسم النفوذ وتغيب عنها مصالح الناس ؟ – ويبقى السؤال : إلى متى سيظل المواطن العراقي يتوضأ بدموعه ، بينما من انتخبهم لا يتقنون سوى رفع أصواتهم وأيديهم في وجه بعضهم البعض؟ والى الله ترجع الامور ..