العلامة علي الوردي يستغيث فهل من منقذ؟
د.سهام الشجيري
لا شك ان الشعوب والأمم تفتخر بعلمائها ومفكريها وتبتكر الأساليب الكفيلة بتقديمهم وتقديم منجزهم العلمي بأبهى صورة وأجملها، كإقامة تماثيل لهم وسط بلدانهم او تسمية المدن والشوارع بأسمائهم او إطلاقها على مدارس وجامعات او أمكنة مميزة او تقديم سيرة ذاتية عبر مسلسلات تلفزيونية تحكي عن حياتهم وتؤرشف وتؤرخ لسيرهم، تقديرا لعطائهم العلمي، ومسيرتهم الحافلة بالانجاز، ذلك ان العلماء والمفكرين هم الوجه الناصع لنا، وهويتنا التي نباهي فيها الأمم، وان شخصية العلامة الدكتور علي الوردي بمؤيديها ومعارضيها ومخالفي أطروحاتها او مؤيدي تلك الأطروحات، فقد تتلمذ أساتذة وطلبة العراق والعرب على يديه، ومازالت تثير الكثير من التساؤلات عن النظريات المتعلقة بالشخصية العراقية او العقل العراقي وما شابه، وأينما حللنا في دول عربية او أجنبية، نجد أنفسنا أمام مريدين وتلاميذ وزملاء للعلامة، وهناك من يسأل عن شخصية العلامة وحياته، وقد احتفظت مكتبات العالم بمؤلفاته، مع ما احتفظت من أمهات كتب العلماء والمفكرين، لكن ان نقدم مفكر وعالم كبير مثل العلامة الوردي بشخصية تلفزيونية عبر مسلسل يحكي عن حياته بسيرة أثارت حفيظة عائلته، لسوء ما تم سردها، لا تليق بعلمه وعطاءه ومنجزه الإنساني، فهي حالة تثير كثير من التساؤلات، وتضع ملايين علامات الاستفهام في هذا الوقت بالذات، فقد أخبرتني عائلة العلامة انه في عام 2011 سمعوا بان مخرجا عربيا (وهو المخرج السوري عبد الباري أبو الخير) يرغب بإنتاج مسلسل عن حياة العلامة الوردي من إنتاج شركة المدينة العراقية، وقد تعاقدت مع قناة البغدادية لعرضه، وحينما اطلعت العائلة على سيناريو المسلسل من خلال وفد زارها، وجدته يقدم العلامة بصورة تسئ له ولعلمه وقبل ذلك تسئ الى العراق بعلمائه وتاريخه والتحديات التي واجهها أثناء فترة وجود العلامة الوردي في الحياة، ولم تقتنع بسيناريو المسلسل وهو من حقها الذي يكفله القانون، مما جعل أسرته الكريمة تتقدم بشكاوى الى وزارة الثقافة وهيئة الإعلام والاتصال واللجنة الثقافية النيابية في مجلس النواب العراقي من اجل منع تصوير وعرض المسلسل حينما قرأت وسمعت في وسائل الإعلام، عن إصرار الجهة المنتجة على الاستمرار في تصوير أحداثه، ضاربة عرض الحائط رأي أسرته ورفضها، وهو إصرار أثار استغراب العائلة والمقربين منها والجهات الرسمية والقضائية، ووصل الأمر حد رفع دعوى قضائية ضد القائمين بإنتاج المسلسل والحصول على حكم قضائي نهائي بعدم عرضه، فضلا عن تصويت البرلمان العراقي في جلسته (13/8/2011) بالإجماع بعدم عرض المسلسل، لما يتضمنه من إساءة الى العلامة الوردي وعائلته وللعراق وعلماؤه، لكن رغم ذلك استمر تصوير المسلسل صحبته أخبار تنشرها وسائل الإعلام من صحف عراقية وعربية ومواقع الكترونية لمراحل التصوير رغم قرار المحكمة القاضي بمنع تصويره وعرضه ورغم رفض وزارة الثقافة وهيئة الإعلام والاتصال كذلك، الآن ومع قرب حلول شهر رمضان المبارك نشاهد يوميا ومن على قناة البغدادية ان المسلسل تم الانتهاء من تصويره وسيعرض في رمضان، وقد اتفقت الجهة المنتجة على بيعه لأكثر من قناة لعرضه، وهو ما دفع عائلته لطرح تساؤل يلح بصدورهم، ما هو الدافع الذي يجعل الجهة او الشركة المنتجة لعرض مسلسل يسئ للعراق وعلماؤه رغم منعه بحكم قضائي وتشريعي ومؤسساتي وجهات ثقافية ورقابية؟ وهل خلت الكفاءات العراقية من مخرجين مبدعين حتى تتم الاستعانة بمخرج عربي لا نعرف دوافعه وغاياته وأهدافه من تناول شخصية علمية عراقية معروفة بطريقة لا ترقى لمكانتها وعلمها، لا نريد ان ننتقص من كفاءة المخرج العربي، لكننا نستغرب إصراره وإصرار شركته وإصرار البغدادية على عرضه؟ رغم قرارات قضائية وغرامات تقدر بمليارات الدنانير في حالة عرضه، والتساؤل الأهم ما موقف وزارة الثقافة وهيئة الإعلام والاتصال ولجنة الثقافة النيابية من هذه الإساءة لعالم كبير مثل علي الوردي؟ وللتو حصلت عائلته على موافقة ومباركة مجلس الوزراء الموقر بإقامة تمثال كبير للعلامة يستقر في قلب مدينته مدينة الكاظمية، هذه الأسئلة طرحتها عائلة الوردي، وبدوري اطرحها على الجهات ذات العلاقة، وغصة تعتمل صدور أفراد العائلة وطلابه، لرد الاعتبار لعالم العراق ومفكره، والقصاص ممن يشوهون شخصيته وصورته وتاريخه الإنساني والعلمي. (المرفق وثائق القرارات القضائية والمطالبات والمناشدات الرسمية وغير الرسمية التي ترغب بعدم عرض المسلسل أرجو نشرها)