واشنطن: شبكة اخبار العراق-رأت صحيفة نيويورك تايمز أن الضربة المتوقع توجيهها إلى سوريا تثير ذكريات العراقيين حول التدخل في بلادهم اعتمادا على تقارير مزعومة قدمتها الإدارة الأمريكية عام 2003.وقالت الصحيفة في تقرير أعده لها مراسلها تيم ارانغو إن نذر الحرب تزيد من حدة الانقسام الطائفي في العراق. ففيما يعتبر الشيعة التدخل الأميركي في سوريا موجهاً ضدهم لصالح الجماعات المتطرفة، يرى السنة ان الضربة من شأنها كسر الطوق الشيعي الممتد من طهران إلى بيروت، لكنهم يخشون من عودة الميليشيات الشيعية إلى شوارع بغداد.وتروي نيويورك تايمز قصة أبو محمد الذي انشغل ليلة الثلاثاء الماضية بغسل أجساد ضحايا السيارات المفخخة لتلك الأمسية، مهيئاً إياها للدفن. وعندما انفجرت قنبلتان عند جانب الطريق في الليلة التالية، قام بالعمل نفسه.وتضيف الصحيفة الأميركية البارزة بالقول انه في الوقت الذي يتغيب أبو محمد عن أداء واجبه تجاه الموتى فإنه سيكون في سوريا يقاتل للدفاع عن حكومة بشار الأسد. وكلا الواجبين، كما يقول أبو محمد، ومن عدة اعتبارات، هما جزء من المعركة نفسها – دفن شيعة قتلوا في حرب طائفية في العراق، ومنع السنّة الراديكاليين من السيطرة على سوريا.وفي الوقت الذي تفكر الولايات المتحدة الأمريكية بإطلاق ضربات صاروخية ضد سوريا، فان الشيعة العراقيين مثلما يقول، أبو محمد، يرون ان التاريخ يعيد نفسه، حتى وإن كان ذلك عبر الحدود، وهم مستعدون ثانية، لمواجهة الخصم. وفي حال وجهت الولايات المتحدة ضربة عسكرية إلى سوريا، فان الشيعة العراقيين، سيعتبرون الأمر معركتهم أيضا، ويتدفقون عبر الحدود لمساعدة الأسد، كما يقول الناس هنا.ويضيف أبو محمد مستطرداً ‘لن يقبل أي رجل محترم، بما يريد الأمريكيون فعله إزاء سوريا’، مشيراً بذلك إلى وجهة نظر غالبية الشيعة العراقيين، الذين يرون ان أي تهديد للأسد، يعتبر انحيازاً لمصلحة تنظيم القاعدة، التي يقودها السنّة المتمردون.وتلفت نيويورك تايمز إلى انه بينما تدور المناقشات في الغرب حول العمل العسكري في سوريا، فان تاريخ العراق المؤلم مع التدخل العسكري الأمريكي والتقارير الزائفة التي قدّمت من اجل تبرير ذلك، قدّمت مبررات لأولئك الذين دعموا ذلك التدخل. ولنفس السبب، تشير استطلاعات الرأي العام، إلى تردد في دعم ضربة أخرى على الشرق الأوسط.وتضيف الصحيفة بالقول ‘أما بالنسبة للعراقيين، فان مصير البلدين يبدو متداخلا، ولذلك السبب يعتقدون ان هناك خطرا كبيراً يواجههم، عندما يتخذ ذلك القرار في واشنطن’، ورأت ان ‘الحرب في العراق قد التهبت حالياً بالتوتر الطائفي، وهو يدفع المتطرفين السنة إلى تصعيد معدل الهجمات ضد الحكومة التي يسيطر عليها الشيعة، وهي أيضا تدفع الشيعة، وبدعم من ايران، للسفر إلى سوريا من اجل القتال إلى جانب القوات الحكومية وأيضا حليفهم، التنظيم الشيعي اللبناني حزب الله’.ويقول أبو محمد، بحسب نيويورك تايمز، ان ‘الأمريكيين يريدون مساعدة المتطرفين من اجل السيطرة على سوريا، ولكنهم مخطئون لأننا سندافع عن طائفتنا’. ويقسم أبو محمد على ان أي هجوم أمريكي سيدفع الشيعة العراقيين إلى إرسال مقاتلين وأسلحة إلى سوريا، مستطرداً بالقول ‘انهم سيرتكبون خطأ فادحاً، ان ظنوا ان الهجوم على سوريا وتغيير كل شيء فيها امر سهل، إن إيماننا جميعاً هو ان الله يقف في صفنا وسنريهم ان الشيعة، في كافة أرجاء العالم، قادرون على القتال ضد وكلائهم من القاعدة والنصرة والجيش السوري الحر الكريه’.وقد أرسلت إيران أيضا أعضاء من تنظيمها العسكري (قوات القدس) إلى سوريا. كما ان قاسم سليماني، قائد القوة الذي قاد العنف الشيعي في العراق من طهران، ووسع من الدور الإيراني في بغداد، قد جهز الأسد بمعدات عسكرية، حسبما يقول المسؤولون الأمريكيون ، فالهجمات المحددة ضد الأسد التي اقترحها أوباما، لا تذكّر عددا كبيرا من العراقيين بالغزو الذي حدث عام 2003، بل بالضربات التي استهدفت حكومة صدام حسين في أواخر التسعينات ويتذكر الكثير من العراقيين تلك الضربات التي شنتها حكومة كلينتون التي كان تأثيرها محدوداً على قوة صدام حسين، ولم تفعل شيئاً غير إضافة المزيد من البؤس على السكان.وتنقل نيويورك تايمز عن فخري كريم، رئيس تحرير جريدة المدى، قوله، في افتتاحية كتبها هذا الأسبوع، إن ‘تلك الضربات أدت إلى المزيد من البؤس والفقر وتمزق النسيج الاجتماعي’. وأضاف كريم ان ‘ما كسبه النظام من الانغماس أكثر في إذلال المواطنين والمحرومين وتسطيح تطلعاتهم’.وتلفت الصحيفة الأميركية إلى ان ‘بعض السنّة العراقيين، الذين يتطلعون إلى انتصار التمرد في سوريا، فانهم يعتبرون الضربات العسكرية مجرد إضافة إلى الفوضى في سوريا وفي العراق’. وتنقل عن عبد الله الأدهمي، 56 سنة رجل أعمال في بغداد، قوله إن ‘تم الهجوم على سوريا، فالميلشيات الشيعية ستهدد كافة المصالح الأميركية في العراق’.وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قدأعلنت يوم الخميس الأسبق، ان العنف ونشاط الإرهابيين في العراق قد وصل إلى حدود لم تشهدها منذ عام 2008. كما حذرت الأمريكيين من السفر بالقول ‘يبقى الأمريكيون في العراق في دائرة الخطر والتعرض للاختطاف وعنف الإرهابيين’.ويقول السنّة أيضاً، بحسب نيويورك تايمز، ان أي عمل ضد الأسد سيؤدي إلى إضعافه وتقوية الثوار، وهي نتيجة يبغونها، ولكنهم قلقون ايضاً حول النتائج، قائلين إنها سترتد خلفاً نحو العراق، عبر تشديد الخط الذي اتخذه رئيس الوزراء الشيعي، نوري المالكي، ويعيد الميليشيات الشيعية ضد السنّة.ومع تصاعد العنف هنا من قبل المتشددين السنّة، فان قوات الأمن التابعة للمالكي، بدأت في قمع المناطق السنّية، واعتقلت المئات منهم. وتقول إحدى المجموعات الناشطة التي لاعلاقة لها بالعنف، ان الميليشيات الشيعية، أعادت تنظيماتها بالمقابل، وقد وجه اليها اللوم مؤخراً في إزاحة السنّة من بعض المناطق والحلول في أماكنهم.وتنقل نيويورك تايمز عن نور حامد، 32 سنة مدرّسة تقطن حيا سنّيا في بغداد، قولها ان ‘الشيعة سيشعرون بأنهم قد خسروا معركتهم في سوريا، الأمر الذي يقطع سلسلة الشيعة المكونة من إيران والعراق وسوريا ولبنان’.ويشعر الدبلوماسيون الأمريكيون أيضا بالقلق، ان هاجمت حكومتهم سوريا، لأن الأمر سيزيد من شدة التوتر الحاصل ما بين العراق والولايات المتحدة. وعندما تحولت الانتفاضة السورية إلى العنف قبل اكثر من عامين، كان المسؤولون الأمريكيون هنا، يحاولون تنمية علاقة جديدة، قائمة على العلاقات الدبلوماسية مع بلد يخرج من احتلال طويل، ودفعوا العراقيين لرؤية الصراع في سوريا، كما جرى في العراق على ان ‘المتمردين يمثلون التطلعات الديمقراطية للشعب، وان على الأسد الرحيل’.وأصبح للمتمردين المتحالفين مع القاعدة، دور كبير في سوريا، لكن الحكومة العراقية، في ذات الوقت، زعمت ظاهرياً أنها تقف على الحياد ولا تتمنى غير الحل السياسي، وفي الحقيقة فان الطبقة الحاكمة الشيعية في العراق تتطلع إلى انتصار الأسد.وفي الأسبوع الماضي، كما تروي نيويورك تايمز، ومع اشتداد المناقشات حول احتمال توجيه ضربات عسكرية على سوريا، قابل المالكي السفير الأمريكي روبرت س.بيكروفت لإعلان اعتراضه.وفي ما بعد لخص علي الموسوي، المتحدث باسم المالكي ما جرى بالقول ‘لقد أعلمناه ان عملاً كذلك، لن يساعد الشعب السوري وأن نظام الحكم في سوريا لن يتأثر بتلك الضربات، بل قد يحصل على فائدة اكبر من الدعم والشرعية، ولهذا السبب فإننا نعتقد أن الخاسر الأكبر سيكون الشعب السوري والدول المجاورة له’.
صحيفة امريكية ترى ان الضربة المحتملة لسوريا تزيد من الانقسامات الطائفية في العراق
آخر تحديث: