قبل اكثر من خمسة سنوات كتبت مقالة نشرها موقع تعتب الذي توقف عن العمل حسبما اعلم ذكرت في مقالتي سيأتي اليوم الذي تضع الدول الغربية تمثالا لتوني بلير في كل عاصمة من عواصمها
وارجو ان لايعتبرني سيدي القارئ انني فتاح فال اوقارئ فنجان بل بنيت موقفي على حقائق واقعية ومن اهمها
ان بريطانيا تسمى العظمى قبل الحرب العالمية الثانية وكانت مسيطرة على جميع حقول النفط في الشرق الاوسط بما فيها ايران وكانت مصر وكل الدول النفطية بما فيها العراق وايران تحت وصايتها وكانت محتلة لافغانستان وموءسسة للكيان الصهيوني وكانت قارة الهند الدرة العظيمة في التاج البريطاني وكانت الصين تحت سيادتها وكانت الشمس لاتغرب عن اراضيها
فماذا حدث لبريطانيا العظمى بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ؟ لقد استقلت الصين بقيادة ماوتسي تونك وطردت العميل شان كاي شك الى فرموزا اي تاي وان و الان تسيطر عليها الولايات المتحدة ثم استقلت القارة الهندية فصارت الهند وباكستان وبنكلادش وان الهند لاتزال من دول الكومنولث بينما باكستان وبنكلادش يدوران في فلك الولايات المتحدة ومصر استقلت تماما بعد ثورة جمال عبدالناصر فكثر عليها الضغط والحصار السياسي وتوالت عليها الهزائم الحربية والسياسية الى ان جاءوا بحسني امبارك فجعل من امريكا مظلة لمصر ثم حدثت الانقلابات في العراق وكانت اشبه بلعبة الطائرة فلاعب يرفع واخر يكبس الى ان استقل الوضع لصالح الاحتلال الامريكي وكذلك ايران خرج الشاه من الهيمنة البريطانية بعد ثورة مصدق لعدم وقوف الانكليز بجانبه فارتمى في حضن الولايات المتحدة فصار شرطي الخليج واما دول الخليج بما فيه السعودية فكانت كالدجاجات الواقفة على فروع شجرة وتحتها الثعلب الامريكي فلا يحتاج للصعود عليها لاقتناصهن بل كل ما يفعله انه يطقطق لهن باسنانه فتقع الواحدة تلو الاخرى في فمه ومما اثار بريطانيا هو استيلاء الولايات المتحدة بمسرحيتها على الكويت الدولة التي صنعتها بريطانيا بالمقاييس التي تتطلبها مصالحها للسيطرة على كل الدول التابعة لها في المنطقة وحتى دولة الكيان الصهيوني التي اشرفت بريطانيا على رعايتها وهي لم تزل جنين في بطن بلفور ثم على ولادتها وتسليمها الاراضي الفلسطينية التي كانت تتمركز فيها قواتها وتسليم سلاح تلك القوات الى الهكانة الصهيونية لنحر اخواننا الفلسطينيين تحت سمع وعلم كل القادة العرب وقد تحملت بريطانيا بهذا العمل لعنة التاريخ وبغض كل العرب ومعظم المسلمين وتحول هذا الكيان من عهد الرئيس جونسون وكل من تلاه من الروءساء الى شرطي امريكا في كل الشرق الاوسط
وعندما قام العراق باسترجاع الكويت نهضت الولايات المتحدة متزعمة معظم دول العالم ومنها بريطانيا لطرد العراق وارجاع الامور الى نصابها السابق ولكنها تحت الرعاية الامريكية فخرجت بريطانيا من المولد بلا حمص هذا ماحدث لبريطانيا العظمى على يد الولايات المتحدة وليس على يد العراق واخواتها لكي تعود بريطانيا الى سابق ماضيها كصيادي سمك في اعالي البحار ولتخف سيطرتها على اوربا بعد ذلك لتتقدم الولايات المتحدة لقيادة الاتحاد الاوربي اضافة لقيادة الحلف الاطلسي ولكن تجري الرياح بما لا يشتهي الربان وخصوصا ان في بريطانيا قانون محترم من قبل الجميع ودستور يشيد به كل العالم وعقول تنير الظلمات في كل المجالات خصوصا في العلوم السياسية والاقتصادية وفيها ميزان يرفع كل مخلص من غير النظر الى الدين والقومية ويقتص من كل مجرم بما يستحق من دون النظر لمكانته هنالك حرية الرأي وحرية الانتقاد لايوجد عندهم انسان يعبد مهما يقدم لبريطانيا ولا انسان يذل مهما كان جهله فهل ما حصل لبريطانيا على يد الدولة التي اوجدتها بريطانيا ولم تكن شيئا مذكورا ان يجعلها ان تقبل هذا ؟
تقدم بوش الابن بافكار لاتليق بموظف بسيط في اكثر الدول المتخلفة فمرة يتكلم عن جوج ماجوج واخرى عن حرب تاريخية ومرة عن حرب دينية ومرة عن الديمقراطية الغائبة في العراق في ظل نضامها الدكتاتوري وكل هذه الافكار تدفعه غايتان الاولى تدمير العراق وابادة شعبه والثانية السيطرة على موارده النفطية لينتقل بعد ذلك الى ايران فتتم له السيطرة على كل موارد الطاقة في الشرق والتحكم باسعارها لخنق دول العالم الصناعية وبالدرجة الاولى الصين والهند
فحاول بوش جمع العالم للموافقة على غزو العراق فلم يفلح كما لم يكن بمقدوره احتلال العراق من دون هذه الموافقة التي تنبع من الامم المتحدة خصوصا ان الدول العظمى كالصين وفرنسا وروسيا لم توافق وكذلك المانيا ودول اخرى كثيرة فكاد بوش ان يتخلى عن هذه المخاطرة ولكن علماء السياسة والاقتصاد البريطانيين والخبراء بطبائع العراقيين ممن عاشوا في العراق وخبروا نفسيات شعبه اشاروا الى رئيس وزرائهم المستر توني بلير ان يقنع بوش بالغزو وعدم التخلي عن رأيه لان ذلك فرصة بريطانيا للانتقام من الولايات المتحدة حيث سيكون العراق المستنقع الذي يدمر اقتصاد الولايات المتحدة ويهلك عساكرها ويمرغ سمعتها وقد اعطاه مجلس العموم كافة الصلاحيات لمشاركة الولايات المتحدة في غزوها للعراق وكانت هذه الصلاحيات بارقة امل لبوش ليعيد قرار الغزو اذ لولا بريطانيا لما دخل المستنقع لتحل ببلاده اكبر كارثة اقتصادية وعلى اثرها في يومنا هذا ان مئات الالاف من موظفي الدولة اوقفوا عن العمل وبدون راتب وسيتم ايقاف اضعافهم في الاسبوع القادم على اثر القرار الذي سيتخذه الكونكرس يوم الثلاثاء القادم ولنتصور حال الولايات المتحدة التي كانت تبذخ في الصرف على كل شيئ يهم المواطن واصبح المواطن الامريكي على حين غرة بلا راتب في البلد الذي اذا انقطع التيار الكهربائي دقائق تحدث الوف السرقات في تلك الدقائق
فكلما جلبوا للعراق من مصائب فانهم ملاقوا اضعافها من سرقات وقتل وعصابات وارهاب وادمان مخدرات وامراض لم تصل اسبابها الى عقول الاطباء فتبدأ الولايات بالهزيمة من المركز واحدة بعد الاخرى
كل ذلك لان بلير وافق على دخول الحرب وادخالهم النفق المظلم وليصدق هارولد ولسون رئيس الوزراء البريطاني عندما القى خطابه في البرلمان البريطاني في منتصف السبعينات من القرن الماضي صائحا باعلى صوته محذرا دول العالم ان بريطانيا لاتزال فتاة وليس عجوز كما يروج لها البعض ويقصد الامريكان
نعم سيقام له تمثال في كل مكان ليس حبا لبلير ولكن كرها لامريكا لانه اثبت ان بريطانيا لاتزال قوية واستطاعت بدهائها تدمير الوحش الامريكي ولكن تحت كل تمثال دماء الملايين من شهداء العراق ودموع يتامى العراق وارامله و الام المعتقلين في سجونه التي ستنخر تماثيل المجرم الحقيقي وتسقطها لتعلو الحقيقة المشرفة لكل العراقيين وعلى مدى التاريخ انهم هم الذين دحروا هولاكو الثاني واسقطوا دولته رغم كل عملاءه الذين اعتقلوا انفسهم في المنطقة الخضراء خوفا من ابناء الشعب .
هل ان الاوان لوضع تمثال ل توني بلير في كل عاصمة من عواصم الدول الغربية… بقلم عبدالواحدالبصري
آخر تحديث: