الفيضانات ،أمر متوقع في بيئة مزدحمة بالبحار والمنخفضات والمرتفعات الجوية فالعراق بلد يحسب على الجانب الشمالي من الأرض أو هو الأقرب إليه عدا عن إمكانية وصول تأثيرات التغيرات الجوية العابرة إليه ،وهو ماحصل بالفعل خلال الأسابيع الماضية وسيحدث في الأشهر الأخيرة من الشتاء وبنسب سقوط مطري غير مسبوق قد لاتتحمله السدود المقامة على الانهار الرئيسية ، ولن يكون بمقدورها تحمل ضغط كميات من المياه تزداد يوميا وفي أسابيع قليلة وهو مايجعل الخطر محدقا بهذا البلد نتيجة كثرة الأمطار وإنبساط الأرض وإنخفاضها وعدم توفر الإمكانات لتفادي مخاطر السيول والفيضانات .فالسدود مهددة والأهوار جاوزت مرحلة الإنتعاش الى مرحلة عدم القدرة على الإستيعاب حالها حل البحيرات العديدة في الغرب والوسط والجنوب والشرق ، ولأننا شعب كسول ، ولدينا نخبة سياسية وخدمية منشغلة بالصراعات فلم نكن في طور الإعداد لهذا الخطر وكان الغالب من التحذيرات والتصريحات يشير الى إمكانية حدوث عواصف ترابية تضرب العراق كما هو الحال خلال العشرين سنة الماضية التي شحت فيها الأمطار ،وهانحن نفاجئ بالأمطار الوفيرة والسيول العابرة من إيران والسعودية ،بينما شبكات المجاري تكاد تكون غير متوفرة .
في جانب آخر من المخاطر ماسيترتب على إهمال إحتمالية حدوث هزات أرضية مدمرة في منطقة تصادم صفائح أرضية وترجيح حدوث زلازل جنوب إيران قريبة الى مناطق الجنوب العراقي . فقط أود الإشارة الى مسألة غاية في الأهمية والخطورة تتحمل المسؤولية فيها هيئة الإعلام والإتصالات المنشغلة بمحاربة وسائل الإعلام في العراق وجني الأرباح من شركات الهاتف النقال وإغلاق الفضائيات والإذاعات ! وكنت نبهت من فترة في هذا الموضع الى ضياع فرصة حجز مكان في الفضاء لقمر صناعي عراقي نتيجة الروتين مع إن المبلغ مخصص وهو ستة ملايين دولار ومن أكثر من عقد من الزمن . واليوم تتأخر هيئة الإعلام والإتصالات إيضا في تخصيص ترددات لبرمجة الأجهزة التي يبلغ ثمنها خمسماية مليون دولار مهداة من الولايات المتحدة الأمريكية الى جامعة ذي قار والخاصة برصد الزلازل والتحذير منها مسبقا ، وقد مضى على الأمر فترة طويلة دون أن تبالي الهيئة بالأمر رغم مراجعات موظفين من الجامعة لها وإتصالات من مسؤول رفيع جدا في الجامعة نفسها .
التأخر في منح الترددات ومنحها قبل مدة قليلة يمثل لامبالاة حقيقية تنسحب على كل قطاعات الدولة بلاإستثناء مصابة بالخدر والتردد والإنشغال بمصالح جانبية ،والأسوأ هو إمكانية عدم الإستفادة من هذه الأجهزة وعدم وصولها حتى بسبب التأخر في التعامل الإيجابي مع صفقة رابحة لاتتوفر لدول أخرى وتوفرت للعراق ، وهو أمر مؤسف للغاية حيث يكون عمل غالب المسؤولين منصبا على جني المصالح الشخصية وضمانها ،وبس .
الزلزال العراقي القادم … بقلم هادي جلو مرعي
آخر تحديث: