شبكة أخبار العراق : في العام 2010، غادر وسام (16 عام) منزله في محافظة بابل للعثور على عمل في البصرة. كان عليه- أحياناً- التسول من أجل البقاء. بحث والدا وسام عنه حوالي أربع سنوات، ولكن دون جدوى. وفي 27 فبراير (2014)، رأوه على شاشات التلفزيون. التقطت الشرطة وسام ونقلته إلى ملجأ للمشردين في بغداد. وهناك التقى بـ: صابرين كاظم- صحفية شابة تغطي القضايا الاجتماعية لتلفزيون العراق الحر Alhurra Iraq TV. تحولت مقابلته إلى قصة نشرت في التلفزيون، وأدت إلى عثور الأسرة على ابنها.وفي حديثها لصحيفة Al-Monitor، ذكرت صابرين: “الملجأ مليء بحكايات المشردين الذين أهملوا من قبل أسرهم. لقد تجاوز بعضهم السن القانونية (السن الذي يسمح ببقائهم في الملجأ). أردت تسليط الضوء على هؤلاء الشباب المحرومين من الرعاية.. كل الشباب في المأوى وجوههم شاحبة.. يظهر عليهم عدم الرضا.. لا وجود لبرنامج ذات جودة عالية لإعادة تأهيلهم وعودتهم إلى الحياة الطبيعية في مدنهم.”قال وسام بأنه أخبر الشرطة وإدارة الملجأ مراراً وتكراراً بأن له أسرة في محافظة بابل تنتظر عودته، ومع ذلك ذهبت أقواله أدراج الرياح. لا أحد حاول جمع شمله مع عائلته أو حتى إبلاغهم عن مكان وجوده.قالت صابرين أنها فوجئت عندما تلقت في مكتبها مكالمة هاتفية من أسرة وسام، طالبين منها وضعهم في اتصال معه. كما ذكرت أنه في الملجأ كان يبدو ضعيفاً وخائفاً.على الرغم من أن التقرير الإخباري ساعد على لقاء وسام بعائلته في الملجأ بعد أربع سنوات من تشرده، لكنه لم يتحقق جمع شملهم، ذلك لأن الإجراءات القانونية تنطوي على تكلفة مالية عالية ليست باستطاعة العائلة توفيرها!تضم العاصمة بغداد عدداً من مجمعات المشردين ممن تتراوح أعمارهم بين 10-20 سنة في ميدان التحرير.. وسط المدينة.. مجموعة من المشردين يمارسون التسول.. في حين أن آخرين يقومون بنشل المارة أو السرقة من المحلات التجارية في المناطق القريبة. معظم هؤلاء لا يملكون منازل أو أسر لحمايتهم. جانب منهم ينامون في الشوارع، في حين أنضم آخرون إلى شبكات التسول التي توفر لهم المأوى. ذكر شاب مشرّد في حي الكرادة- وسط بغداد- لـ Al-Monitor: “هناك تنسيق بين شبكات للمتسولين وبين الشرطة، يمنع من إلقاء القبض عليهم.” ومع ذلك هناك مخاطر أخرى.. فقد أبلغ مصدر أمني نفس المصدر (Al-Monitor) بأن “الجماعات المسلّحة تستغل المشردين في بعض محافظات العراق.. تم القبض على عدد من هؤلاء (ممن تورطوا مع الجماعات المسلّحة) وهم حالياً في سجن الأحداث.”لا يوجد في العراق سوى ملجأين للمشردين.. أحدهما للذكور والآخر للإناث.. وفي حين لا توجد إحصاءات رسمية عن عدد المشردين في البلاد، فإن تقديرات مختلف إحصاءات المصادر غير الرسمية تشير إلى أن العدد يتجاوز النصف مليون (500000)!فجّرت قصة صابرين ردود فعل الشارع ومواقع الشبكات الاجتماعية العراقية، مما أثارت تساؤلات حول الخطوات التي يتعين اتخاذها من قبل السلطات العراقية باتجاه إعادة هؤلاء المشردين إلى عوائلهم أو دمجهم في المجتمع بعد إهمالهم. وأشارت صابرين بقولها: “تعامل الملجأ مع وسائل الإعلام محفوف بالمخاوف.. إنهم خائفون من دخول الصحفيين للملجأ، تجنباً لاكتشاف أمرهم للمجتمع وتعرضهم للنقد.”ذكر واثق صادق- باحث اجتماعي- لـ Al-Monitor: “في غياب البرامج الاجتماعية في إطار الظروف الاقتصادية والاجتماعية الملائمة في الملاجئ، لن تكون نتائجها فعالة كما هو مطلوب.” ولاحظ أن “هذه الملاجئ، رغم التغيرات الكثيرة التي حدثت في العراق بعد العام 2003، لا تزال غير قادرة على أداء مهامها حقاً، لأنها لا تخضع للوقائع العامة (في البلاد) التي تتسم، إلى حد كبير، بالارتباك.”كما أوضح صادق: “لا يوجد حالياً أي برنامج حكومي واضح لضمان القضاء، أو حتى الحد من الظواهر الاجتماعية السلبية، بما في ذلك التشرد.” وشدد بقوله: “التشرد يشكل أحد القنوات الأكثر شيوعاً (مما أدى إلى) الانحراف السلوكي والاجتماعي.. الحكومة- ممثلة لمؤسسات الدولة- هي في الأساس مسئولة عن فرض النظام الاجتماعي المتفق عليه، وبالتالي ضمان تطبيق المعايير المقبولة اجتماعياً.”
المشردون في العراق يعانون من الإهمال والاستغلال ترجمة: د. عبدالوهاب حميد رشبد
آخر تحديث: