هادي جلو مرعي
تتحرك الدبلوماسية العراقية في إطار سياسة الإنفتاح على الجميع وهي سياسة ناجعة في مرحلة موسومة بوصف التعقيد خاصة مع المواجهة الشرسة التي يخوضها العراقيون ضد قوى لاتؤمن بالحوار، ولاتعرف السلام، وهي تؤمن بأنها مثال الرب في الأرض وترغب في تصفية البشر جميعا والإبقاء على مجموعات من القتلة والعبيد الراضخين لهم بشعار الدين الزائف. ولعلها فرصة طيبة أن نخرج من عناوين الطائفية مع حضور تنظيم داعش الذي بعث برسالة صارمة الى الجميع يبين سياسته العامة تجاه المسلمين والكفار، والمغضوب عليهم، والضالين، ليعلن بصراحة إن العالم كله هدف له، ولذلك كان الخطاب الأخير لأبي بكر البغدادي يمثل تأكيدا لصحة التوقعات بحرب شاملة لاتستثني أحدا فهو يريد نقل معاركه الى الخليج بأسره وعينه على السعودية حيث المواضع المقدسة، وبقية دول مجلس التعاون الخليجي ومصر وشمال أفريقيا، وهذا مؤشر على خطورة الموقف، فمايريده العراق صار مطلبا عربيا حتى بالنسبة للدول التي تفرجت على بغداد وهي تتعرض للتحرش من هذا المعتوه، أو ذاك.
المصريون والسعوديون ودول عدة في المنطقة لم تعد مترددة في مواجهة داعش وإعلان الحرب عليه دون هوادة، والموافقة على تشكيل حلف عالمي في مواجهته ومحاولة قهره وسحقه نهائيا.هذا الشعور العام بالخطر ووحدة الموضوع والموقف تؤهل دول عدة لتتفهم وضع العراق وتحاول مد حبال الوصل معه، خاصة الدول محل التهديد، ولعل موقف تونس ومصر والجزائر من الوضع في سوريا الحالية ورفضها لإستخدام العنف وسبل الحرب الشريرة يمثل هذا الموقف فرصة طيبة للولوج نحو وضع مغاير، فالسعودية لم تعد تهاجم نظام الأسد كالسابق، فهي لاتريد التقدم خطوة الى الأمام تدفع ثمنها لاحقا. في هذا السياق كانت زيارة الرئيس معصوم الى الرياض في وقت ملائم للتخلص من ضغط الموقف السعودي الرافض للتعاون مع العراق منذ فترة طويلة لم تكن مرتبطة بعهد حكم المالكي وحسب، بل منذ التغيير في العام2003 بسبب قلقها العميق من التحول السياسي وصعود الشيعة الى السلطة ونوع الدور الإيراني.
هذه الزيارة توافقت مع تحولات في المنطقة والعالم مهمة للغاية، ومع التهديد الجسيم من قبل المنظمات المتطرفة، وماجرى خلال الفترة الماضية في بغداد وظهور زعامات جديدة، فإننا نجد موقفا سعوديا لينا وتجاوبا كبيرا، أعقبتها زيارة مماثلة قام بها رئيس البرلمان وهي تهيئة لزيارة مزمعة لرئيس الحكومة الى الرياض، ويمكن القول، إن الأيام المقبلة حافلة بتطورات إيجابية مالم يكن من تحول في مواقف معينة هنا، أو هناك، أو حصول ضغط من جهات مناوئة ومنافسة لتغيير السياسات خاصة مع إختلاف في الرؤى والتصورات بين عاصمة وأخرى في المنطقة والإقليم، ولهذا فالمنتظر من الطاقم الرئاسي والحكومة التحرك بحيوية مماثلة في إتجاهات مختلفة للذهاب بعيدا في تحسين واقع العلاقات الخارجية وضمان تأثيرها الإيجابي في مجالات عدةاخل العراق.