شناشيل : الخوف حلو..!

شناشيل : الخوف حلو..!
آخر تحديث:

 

 

عدنان حسين

لا يغرّنكم أنهم حضروا بأغلبية ساحقة على غير المعتاد، ولا يغرّنكم أنهم جميعاً رفعوا أيديهم، على غير المألوف أيضاً، تأييداً لخطتي الحكومة ورئاسة مجلس النواب الخاصتين بالإصلاح الإداري والمالي، فنصفهم في الأقل لا يؤمنون بالإصلاح ولا يرغبون فيه، وسيعملون بالضدّ منه بكل ما أوتوا من قوة.. ولا تستهينوا بقوتهم.

أن يحضر الجميع تقريباً إلى جلسة البرلمان وأن يُجمعوا على القبول بما مطروح عليهم والمصادقة عليه من دون نقاش، فهذا حصل لأنهم خائفون على مصالحهم وامتيازاتهم.. خائفون من المتظاهرين ومن عواقب الاصلاح… نعم فـ “الخوف حلو” كما نقول

لم يحدث الفساد الإداري والمالي والسياسي الذي أشاع الدمار والخراب والفقر والجوع والأمية والتخلف وامتهان الكرامة البشرية على مدى الإثنتي عشرة سنة الماضية، على سطح القمر أو المريخ ولا في بلاد الواق واق.. إنه حصل في هذي البلاد. والفاسدون لم ينزلوا من الفضاء ولا خرجوا من أعماق البحار.. إنهم هم الذين احتلوا مراكز السلطة والنفوذ واستحوذوا على المال، أعضاء متنفذون في الحكومات ومجالس النواب المتعاقبة وفي السلطة القضائية والهيئات “المستقلة” أيضاً، ومعهم مقاولون وتجار ومصرفيون حقيقيون ووهميون وسماسرة وأزلام، داخل البلاد وخارجها.

من المستحيل ان يكون أعضاء مجلس النواب ومجلس الوزراء جميعاً متحمسين للإصلاح ومكافحة الفساد واستغلال النفوذ بالصورة التي ظهرت في اجتماع المجلسين، فلو كانوا كذلك ما حصل فساد خلال السنة المنصرمة ولا تعطّلت مشاريع قوانين ومؤسسات دستورية كانت مستحقة منذ عشر سنوات لبناء الدولة، وبينها تعديلات الدستور وقوانين الأحزاب والنقابات والنفط والغاز وحرية التعبير، والمحكمة الاتحادية ومجلس الاتحاد ومجلس الخدمة العامة.. وسواها الكثير.

الإصلاح، الجزئي المطروح في ورقتي الحكومة ومجلس النواب والشامل المنشود، سيلحق أضراراً فادحة بمصالح عدد غير قليل من الوزراء والوكلاء ورؤساء المؤسسات والنواب ومحازبين وأصهار وأقارب لهم، أثروا جميعاً من المال العام المسروق.. هؤلاء لن يسكتوا ولن يكتّفوا أيديهم منتظرين مساءلتهم ومعاقبتهم.. سيزدادون عدوانية وضراوة وسيتعاونون مع الشياطين للحفر تحت عجلات عربة الإصلاح.

الخوف حلو.. ولابدّ أن يظل الخوف مسكوناً في أجساد الفسَدة وأرواحهم، وهذا لن يتأتى إلا بالشروع العاجل في تطبيق خطتي الإصلاح، والتطبيق يحتاج إلى تشريعات تحميه وتضمنه وتجعله ملزما للكبير والصغير.. ولن يتواصل “الخوف الحلو” من دون توسيع وتعزيز الحركة الشعبية التي أرغمت الوزراء والنواب جميعاً على التصويت للخطتين، ومن متطلبات هذا انتخاب قيادة للحركة من ناشطيها البارزين في بغداد والمحافظات. ليس صحيحاً أن تظلّ الحركة من دون قيادة أو ممثلين، كما ردد بعض الناشطين في اليومين الأخيرين.. القيادة ضرورية للمتابعة والتنسيق، وللحؤول دون أن يتقدم أصحاب الغرض ليشقوا الصفوف ويختطفوا الحركة برمتها ثم يجهضوها. انظروا إلى التجربتين التونسية والمصرية، وقارنوها مثلاً بالتجربة الليبية.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *