بغداد/شبكة أخبار العراق- يقف العراقيون وهم يشهدون الفصل الأخير من الحرب على تنظيم داعش في الموصل أمام مفارقة محيّرة تعصف بآمالهم في عودة الاستقرار إلى بلدهم بعد نهاية تلك الحرب، تتمثّل في صعود جماعات مسلّحة غير نظامية على أنقاض التنظيم المتشدّد الآخذ في الانحسار بعد أن انخرطت تلك الجماعات نفسها في محاربته واستمدّت من ذلك شرعية لوجودها، فضلا عمّا امتلكته من أسباب القوّة التي تجعل منها منافسا قويا للدولة ومنازعا لها على سلطاتها.واعترف مقتدى الصدر، بخطورة تلك الميليشيات غير النظامية على مستقبل البلاد، معتبرا أنّها يمكن أن تكون وقودا لحرب أهلية قادمة تتواجه فيها المكوّنات العراقية بعد أن تكون قد فرغت من حرب داعش ولم يبق لها عدو مشترك سواه.ورغم أن الصدر نفسه من كبار قادة الميليشيات، وأحد المؤسسين الأصليين لتلك الفصائل، إلاّ أنّه أصبح يعرض نفسه كرجل دولة ساع إلى تدعيم سلطاتها وحصر السلاح بيدها، وذلك في إطار صراعه على السلطة ضدّ خصوم أقوياء له يقود بعضهم ميليشيات مسلّحة ويسعون لاستخدامها في مرحلة ما بعد داعش سياسيا في تحصين مراكزهم وتدعيم نفوذهم، بعد أن استخدموها عسكريا خلال مرحلة الحرب على التنظيم.وتعهّد الصدر، في تصريحات صحافية أدلى بها 5/4/2017 بحلّ الجماعات الشيعية المسلحة بما فيها الميليشيا التابعة له والمعروفة بـ”سرايا السلام”، قائلا إنّه “لا مكان للميليشيات الطائفية في العراق”.
وقال إنّه يفضل إجراء حوار عاجل مع السياسيين السنّة في العراق وذلك لمنع وقوع اشتباكات بين أبناء الطائفتين السنية والشيعية وبين العرب والأكراد، حيث أن البلاد لن يكون لها بعد داعش عدو للتوحد ضده.وأضاف الصدر “أخشى أن هزيمة داعش ليست سوى بداية لمرحلة جديدة، واقتراحي مستوحى من الخوف من الصراع الطائفي والعـرقي بعد تحرير الموصل”.وحثّ حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي على مواجهة الميليشيات المسلّحة، مطالبا بحصر السلاح بيد الجيش والقوات الحكومية الرسمية.ويشهد العراق منذ سنة 2014 حربا ضروسا ضدّ تنظيم داعش، ساهمت في تكريس ظاهرة الميليشيات الموجودة أصلا بالبلد قبل تلك الحرب، لكنها تفاقمت بعد أن خلق تهاوي القوات النظامية العراقية وظيفة أكثر أهمية لتلك التشكيلات المسلّحة تمثلت بدءا في وقف زحف التنظيم على مناطق البلاد، ولاحقا في عكس الهجوم عليه واستعادة المناطق من يده.
والميليشيات الأكثر قوّة وعددا في العراق هي الميليشيات الشيعية التي تُعدّ بالعشرات، وهي تمثّل قادتها على الأرض وتحمي مصالحهم، وحتى مصالح إيران التي يرتبط بها هؤلاء القادة سياسيا وعقائديا ومذهبيا، وماليا. لكن توجد أيضا بالبلد ميليشيات مسيحية وكردية وإيزيدية وتركمانية وسنيّة عربية. ومع التقدّم في الحملة العسكرية بالجانب الغربي من مدينة الموصل، تبدو الحرب على داعش في العراق على وشك الحسم، لكنّ آثارها ستكون أبعد مدى بعد أن دعمت إضفاء الطابع العسكري على المجتمع العراقي فدفعت بالشبان إلى الانضمام للقوات المسلحة والفصائل الطائفية والعشائرية. وأدى ذلك إلى زيادة المخاوف من تفجر موجات جديدة من العنف ما إن يسقط التنظيم.وكان المرجع الشيعي السيستاني في العراق قد أصدر فتوى في حزيران 2014 دعا فيها كل القادرين على حمل السلاح من الرجال إلى محاربة داعش.واستجاب حماس الكثير من الشبان العراقيين للعمل المسلّح بدوافع عقائدية وحتى مذهبية. وبالإضافة إلى الشيعة القادمين من الجنوب، يبدي الشبان من مناطق حول الموصل، حيث يمثل السنّة أغلبية بين السكان، حرصا على المشاركة في القتال.ويقول مسؤولون أمنيون وقادة فصائل إن الشباب يقبل الآن بأعداد كبيرة على الانضمام إلى الفصائل العشائرية السنية تحت مظلة الحشد الشعبي. وقال مواطنون كثيرون في الأسابيع الأخيرة إنهم يريدون الانضمام أو إنهم يعرفون أقارب وأصدقاء يحاولون الانضمام إلى هذه الفصائل.ويرجع هذا الإقبال على حمل السلاح بالأساس إلى سبب نفسي مردّه عدم الشعور بالأمان وعدم الثقة بقدرة الدولة على حماية مواطنيها، وفي عدالتها أيضا. فضلا عن وجود دوافع مادية في ظل استشراء البطالة وانسداد سبل الرزق.
وقال ضابط أمن طلب عدم نشر اسمه إنّ “رجالا كثيرين يتطوعون في جماعات الحشد. إما لأنهم يريدون مكافحة الإرهاب وإما للحصول على المرتبات. فهذا أسهل من الانضمام إلى القوات المسلحة. وكل ما عليك هو تسجيل اسمك”. واعتبر أن ذلك لا يمثل مشاكل أمنية لأن الحشد الشعبي يعمل تحت إمرة الحكومة.ومع ذلك يقول المعترضون على فوضى السلاح والداعون لحصره بيد الدولة إن العدد المتزايد للمجندين في الفصائل المسلحة وتشكيل فصائل جديدة أمر ينذر بالخطر لأنه يفتح الباب أمام إمكانية نشوب اشتباكات بين الفصائل.وقال عبدالرحمن الوكاع عضو المجلس المحلي لمحافظة نينوى “جماعات الحشد تلك محسوبة على من يقودونها لا على الدولة”.وأضاف “ولذلك إذا أراد أحد قادة الحشد أن يفرض نفسه في منطقة معينة ولم يعجب ذلك شيخا آخر أو عشيرة أخرى فربما يشن هجوما. أعتقد أن هذه الجماعات بعد داعش لن تُكبح. فأجندتها حزبية وسياسية ودينية ولن تخدم نينوى ولا العراق”.وهناك من يقول، إن اللجوء للانتماء إلى القوات والفصائل المسلّحة أمر محتوم في جو تخشى فيه المجتمعات المحلية على أمنها وسلامتها.والضرورة الوطنية تستدعي حل مليشيات الحشد الشعبي وكل الفصائل التي تحمي السلاح لاجندات سياسية ومشاريع خارجية وفي مقدمتها مليشيات الحشد الشعبي لانها مليشيات ايرانية تخدم المشروع الايراني وزعمائها دون استثناء هم من اصول ايرانية وولائهم لايران وليس للعراق فكيف يجوز ان تمنح هذه المليشيات مسؤولية ملف الامن العراقي ؟.