المثقفون العراقيون:المصالحة الوطنية مازالت في دور “التنظير”
آخر تحديث:
بغداد/شبكة أخبار العراق- تحت شعار ” معا نصنع المستقبل ” ، وبالتعاون مع المركز العراقي للتنمية الاعلامية وبرنامج الامم المتحدة الانمائي في العراق ، نظمت لجنة متابعة وتنفيذ المصالحة الوطنية الملتقى الاعلامي الاول على قاعة فندق بابل الدولي بمشاركة نخبة من الاعلاميين والاكاديميين ورؤساء تحرير الصحف والمراكز البحثية لمناقشة كيفية تحقيق المصالحة الوطنية وتنفيذ ورقة التسوية ومحاولة ايجاد حلول ومعالجات لاي معوقات امام تحقيق هذا الهدف ..وفي كلمته التي القاها في الملتقى اشار محمد سلمان مستشار رئيس الوزراء لشؤون المصالحة الى ان المصالحة الوطنية هي استعداد سياسي لمرحلة مابعد داعش وان هناك ثلاثة مسارات اساسية للمصالحة هي المسار السياسي والمسار المجتمعي والمسار التدقيقي والتوعوي ، مؤكدا ان الخلافات التاريخية والعنصرية تكون باوضح صورها لدى النخب السياسية اذ يكون توقيتها لاغراض انتخابية او للمتاجرة الاقليمية بينما تكون باهتة الى حد كبير لدى النخب المثقفة أوجمهور الشارع لذا تبرز الحاجة الى تعزيز الشعور بالهوية الوطنية والى ترسيخ قيم المصالحة مثل الوسطية ونبذ العنف والتعايش السلمي واحترام الآخر وحسن ادارة التنوع .ويرى السعدي ان جزءا كبيرا من العمل الاعلامي يعتمد على التشويق والاثارة وحتى الفضائح في بعض الأحيان لكن ملف المصالحة يحتاج من الاعلام الى تحري الحقيقة وابراز الجاونب الايجابية وحث الثقة المجتمعية.من جهته ، أكد منير ثابت المدير القطري لبرنامج الأمم المتحدة على فاعلية الدور الاعلامي في تهدئة الأجواء أما الجميع بمختلف انتماءاتهم لبناء جسور الثقة والتواصل التي تضمن الوصول الى حلول سلمية بعيدا عن السجالات الكلامية التي تضخم الأحداث وتؤجج الصراعات وتغذي العنف في بعض الأحيان ، مشيرا الى الحياة في العراق توفر فرصة غير مسبوقة لايجاد تطور في مجال تحقيق المصالحة الشاملة لذا يعكس برنامج الأمم المتحدة الانمائي معرفة أهمية ماتقوم به لجنة متابعة المصالحة الوطنية من خلال تقديم مشروع مشترك لدعم المصالحة الشاملة في العراق يعتمد اسلوبا جديدا يستند على التواصل والتحاور وتفعيل الحوار المجتمعي خاصة على الصعيد المحلي ، وبهذا يسعى برنامج الامم المتحدة الانمائي الى تفعيل القرارات التاريخية والفنية والثقافية والاعلامية لتهيئة الارضية الملائمة لاستكمال المصالحة الشاملة والتاكيد على المشاركة المدنية في عمليات المصالحة والعدالة ..وضمن هذا السياق يعمل المشروع في ثلاثة محاور أساسية ، الأول هو اقامة حملات توعية للناس تتركز على المصالحة الشاملة والعدالة الانتقالية وحث القيادات الوطنية والمحلية المتمكنة لخدمة هذين الهدفين ، أما المحور الثاني فيقوم على تعزيز التماسك الاجتماعي وبناء الثقة بين المجتمعات عبر شبكة من لجان المصالحة المدنية التي تربط فيمابينها وتعمل على المصالحة الشاملة على جميع المستويات ، ويقوم المحور الثالث على انشاء سجل مدني تدون فيه انتهاكات حقوق الانسان مع مع التوصيات حول العدالة الانتقالية للمرحلة مابعد داعش ولتوفير المواد اللازمة لتخفيف عبء الضحايا وهذا المحور مازال قيد الحوار مع الجهات المختصة ..ويركز الدكتور عدنان السراج مدير المركزالعراقي للتنمية الاعلامية على الاهمية الفائقة للاعلام الوطني العراقي في انجاح الاهداف السامية للعراق كونه يمر بمرحلة حاسمة يتصدى فيها للارهاب من جهة ويقود عملية تعاون للعمل المؤسساتي الحكومي والتشريعي والمدني مايتطلب من الاعلام نشر ثقافة المصالحة الوطنية المبنية على مباديء التسامح والعمل المشترك وصولا الى تعزيز روح المواطنة السليمة المبنية على المساواة وعلى رفض التمييز الطائفي والقومي مع تعزيز دور المرأة في الحياة السياسية والوطنية والالتزام بالمعايير المهنية ، فالمصالحة هي نتاج تفاعل بين القوى السياسية والرأي العام والمجتمع ..ويرى حسين درويش العادلي المستشار السياسي في لجنة المصالحة الوطنية ان الهدف من الملتقى هو خلق شراكة اعلامية ومؤسساتية مع المؤسسة المعنية بملف المصالحة الوطنية والنخب الاعلامية والمثقفة .ويوضح العادلي ان التسوية الوطنية هي خطة لها خمسة محاور وهي جهد صعب ومعقد وبطيء ويسير بخطى خائفة ، مشيرا الى ان التسوية ليست صفقات تلقائية بل تعني اعادة انتاج شامل للدولة وعلاج للملفات الاساسية الثلاث في الدولة وهي قضايا السلطة والثروة والارض وهذه تحتاج الى رؤية وتسوية ومشاركة ..وضمن فعاليات الملتقى ، قدم الباحث علاء حميد بحثا بعنوان (جدليات الصراع ومآلات المصالحة الشاملة ) تساءل فيه عن سبب استمرارية ازمة اللااستقرار في العراق وقام برصد التحولات التاريخية والسياسية في العراق منذ تأسيس الدولة العراقية في عام 1920 والاسباب التي أدت الى تكرار ازمة اللااستقرار، مؤكدا ضرورة البحث عن حل عن طريق التسوية الوطنية التي تسعى الى معالجة الأزمة البنيوية للنظام السياسي واعادة انتاج السلم الأهلي ومعالجة اخطاء الماضي للحفاظ على التنوع الاجتماعي والعيش المشترك ..وتناول البحث الثاني للباحث عمارالسواد موضوع (الاعلام وبنية المصالحة الوطنية في العراق ) تحدث فيه عن كيفية تعاطي الاعلام مع المصالحة ومايجب أن يقدمه في هذه المرحلة بعيدا عن الانحياز للتوجيه والاجندات الخاصة ..ولدى فتح باب النقاش ، تحدث الاعلامي والمحلل السياسي مناف الموسوي عن ازمة السياسي والمثقف وكيف يعتقد السياسي ان دوره اهم من دور المثقف ماادى الى الوقوع في أحد الاخطاء الكبيرة بعد عام 2003 وهو تغيير دور المثقف بالنسبة للسياسي في عملية بناء الدولة الجديدة وكتابة الدستور .من جهتها ترى الاعلامية والناشطة سهاد القيسي ان المصالحة الوطنية تحتاج الى نبذ الخلافات السابقة فالبلد يدفع اليوم ضريبة كبيرة والشعب يحتاج الى مصالحة حقيقية كما ان الخلافات السياسية كان لها مردود سلبي على مايدعو الى أن يتوحد المثقفون والاعلاميون لدعم المصالحة وان يتحمل العراقي مسؤولية اعادة بناء بلده .فيما طالبت الدكتورة جبرة الطائي بان تكون المصالحة انجازا على ارض الواقع عبر تآخي الطلبة وابعاد الاساليب التربوية عن الطائفية مشيرة الى اعتماد الدولة مبدأ الاستعجال في انجاز مشاريعها كما حدث مع كتابة الدستور وتشكيل مفوضية انتخابات قائمة على اساس المحسوبية والطائفية مؤكدة على ان التسوية الوطنية ليست العلاج الوحيد مادامت هناك خلافات مابين الاطراف السياسية .واكد الاعلامي رياض عبد الكريم على دور المحاصصة التي اتت بالسياسيين الى مواقع الحكومة في تقوية السلطة السياسية واضعاف سياسة السلطة وهو ماانتج العديد من الاشكالات لأنه ولد لدى المواطن العراقي شعور عام بأنه مهمش ولايملك استحقاقه داعيا الى القضاء على المحاصصة لانجاح مشروع المصالحة .بينما اعتبرت الدكتورة ندى العابدي مديرة القناة الجامعية المجتمع العراقي غير مؤهل للتغيير لذا اسهمت الطائفية وغياب العدالة الاجتماعية في اضعاف الشعور بالانتماء الوطني .وترى العابدي ان الحل يكمن في التحرك على القاعدة الشعبية وعدم تغييب دور الشباب الذين ضاعوا اما في الحروب أو البطالة ، فضلا عن استخدام الخطاب الاعلامي المعتدل لأن الاعلام الموجه يعمل على توجيه انظار الشعب نحو الانقسام والطائفية .وفي ختام الملتقى ، تم اقرار عدد من التوصيات التي من شانها تعضيد المصالحة الوطنية الشاملة التي تشمل جميع مكونات المجتمع العراقي .