قدري البغدادي
ابلغني صديق قريب من قيادات حزب الدعوة ، ان ازمة الحزب الذي بدأ يفقد تاريخه وشرعيته مع موجة الفساد التي تبناها طيلة الاعوام الماضية من عمر العراق قد اجبرت حزب الدعوة ان يفكر بعقد مؤتمر عام للمراجعة ، الا ان هناك من لا يريد عقد هذا المؤتمر ، فقد انقسم اعضاؤه بين مطالب بت ( جلد الذات والاعتراف بالاخطاء) التي ارتكبها لضمان استمرار وجود الحزب ، وبين بعض اخر لا يريد كشف المستور .
ابلغت صديقي .. عن رأيي بمثل هذا المؤتمر الذي لا اظن انه سينعقد ، فحزب الدعوة على استعداد ان يتحمل خطاياه ولايكشفها رغم انها اصبحت مكشوفة ، لان المراجعة الشاملة لمسيرة هذا الحزب خلال سنوات حكمه العشر الاخيرة في العراق ليست اكثر من تعداد للخطايا والمساوئ التي ألحقت العار بتاريخ الحزب ، وبتاريخ العراق الذي تحول الى خراب ربما يستديم مع تحكم قيادات الحزب بمصير البلاد والعباد .
حزب الدعوة لا يجرؤ ان يتحدث مع نفسه ، رغم شعور بعض قياداته بعقدة الذنب ، والتسبب بالخراب ، ولا يجرؤ ان يعقد مؤتمرا هو يدرك انه كما في كل مؤتمراته تنتهي بانشقاق الحزب ، كما انشق لمثنى وثلاث ورباع خلال عقود مضت .
قلت لصديقي .. ان ابناء شهداء حزب الدعوة هم فقراء العراق اليوم ومنهم من رحل ولم يعد ، وربما لا يستطيع حتى سماع اسم الحزب الذي خلفهم أيتاما في صغرهم ومتسولين او متوسلين في كبرهم ، ولانه حزب خان دماء شهدائه وتاجر بها ، واعتلى المناصب على جماجمهم ، فانه غير قادر على مواجهة النفس ومصارحة الذات ، وكشف المستور ، وهو ما سيدفع بالحزب الى الهاوية السحيقة التي ربما ستحول اعضاء هذا الحزب الى مطاردين مهزومين كما كانوا ، سواء بلا حكم ، أو بحكم ابتدعوه لأنفسهم قادوا العراق فيه الى الانهيار والتقسيم والفساد ، فالحزب قد فقد معناه ومسماه ، فهو ليس حزب الدعوة الإسلامية ، بل يدعو لكل ما يخالف الإسلام من ظلم ومن فساد .
صديقي يأمل ان يكون حيدر العبادي رئيس الوزراء الحالي محاولة لتصحيح مسار الحزب وسمعته ، ويأمل ان يعيد للحزب وجوده الذي انهار في عيون الناس ، مثلما انهار في عيون بعض أعضائه .
قلت لصديقي .. وهل محاولة العبادي فيما يسميه بالاصلاح ، هو محاولة انعاش لسمعة حزب الدعوة ، وانت ترى كيف بدأ الناس ينفضون من حوله ، ويرونه زعيما غير قادر على تخطي الصعاب رغم تصريحاته واعلانه تمسكه بالاصلاح الذي لا صلاح فيه .
اشرت على صاحبي لقربه من حزب الدعوة ان يعيد الحزب مراجعة نفسه واصلاح ذاته قبل اصلاح العراق ، والاعتراف والتراجع عن الخطايا ، واشرت اليه بما لا يقبل الشك ان هذه التي تسمى ( إصلاحات ) هي معالجات رديئة ، وان التقدم البطيء خطوة للتخلف .
وقلت … كيف يتم اصلاح بلاد ومن يستشيرهم العبادي هو من بناة فساد حزب الدعوة والمقربين منه الان ، وأشرت اليه بالأسماء ، خذ مثلا .. نوفل ابو الشون وهو مقرب من العبادي الان ، هذا عمل ملحق تجاري في واشنطن ايام عبد الفلاح السوداني وزير التجارة وكان شريكه بالفساد ، وهو من اختاره لهذا المنصب ، ثم كاظم الحسيني مستشار السوداني سابقا في وزارة التجارة ، والذي يشير للعبادي بالاصلاحات وهو من رواسي الفساد في زمن عبد الفلاح ، ووليد الحلي الذي اثرى على حساب المالكي ويريد اليوم الحفاظ على ثروته مع العبادي ، ثم علي العلاق محافظ البنك المركزي الذي يتحمل نصف خطايا المالكي وفساده ، واخيه مهدي العلاق الذي يحتل اليوم منصب مدير مكتب رئيس الوزراء وامينه العام ، ثم ثالثهم المعمم علي العلاق ، وقد اصبحوا الصف الاول الذي يوحي للعبادي او يوسوس له ، وأين أنت من طارق نجم المسؤول عن النصف الاخر من خطايا المالكي وفساد حكمه ، وسادسهم صادق الركابي الذي يلبس كل يوم الف وجه ليبقى قريبا من رئيس الوزراء حتى لو كان من أي حزب اخر ، فسيخدمه ويقدم له النصيحة بما ينفع نفسه .
ثم كبيرهم الي علمهم السحر عبد الحليم الزهيري الذي يشكو اهالي كربلاء من فساد ابنه واستحواذه على مال البلاد والعباد ، قلت لصديقي .. هؤلاء الذين يريدون الاصلاح فهل تعتقد ان ثمة إصلاح سيكون ، وهل يعتقد العبادي انه بهؤلاء سيعبر نفق النار ، او بحر المحنة ، لا اظن ان هذا الحزب اصبح قابلا للعيش ، فيكفي ان يعترف بالفشل ليحافظ على بعض ماء وجهه ، وللوطن رب يحميه .