رحلة دبلوماسية فـي عالم مضطرب

رحلة دبلوماسية فـي عالم مضطرب
آخر تحديث:

بقلم: أحمد صبري

لعلَّ مَن يقرأ مذكّرات الدبلوماسي العراقي الراحل نزار حمدون ويغوص في غمار تفاصيلها الَّتي عاشها على مدى نصف قرن يستطيع القول انها رحلة مثيرة مليئة بالأحداث والتحديات الَّتي وضعته في صدارة المشهد الدبلوماسي والحدث السياسي.ورحلة حياة دبلوماسيَّة هي حصيلة تجربة الراحل نزار حمدون رصدها وعاش تفاصيلها كان شاهدًا على حقبة من الزمن كانت مليئة بالأسرار والمواقف حاول فك شفرتها برؤيَّة السياسي والدبلوماسي كرَّسها في جهده الوطني لتجنيب العراق مخاطر التهديدات الخارجيَّة الَّتي كانت تستهدفه حاضرًا ومستقبلًا.

وعلى الرغم من هامش المرونة الَّتي كانت متاحة لجهد ودور حمدون، إلَّا أنَّه وظفها لخرق جدار العزلة والعداء الغربي والأميركي تحديدًا للعراق مستغًّلا علاقاته الشخصيَّة مع صنَّاع القرار في البيت الأبيض لدرء العمل العسكري على بلاده، وفتح أفق ونافذة جديدة تؤسِّس لعلاقة متوازنة، إلَّا أنَّ الأحداث كانت تسير على عكس ذلك الَّتي أدَّت بالنِّهاية على احتلال العراق عام 2003.

وأفرد كاتب المذكرات حيزًا كبيرًا لتطورات العلاقة مع الولايات المُتَّحدة الأميركيَّة عندما كان سفيرًا لبلاده في واشنطن ومندوبًا للعراق في الأُمم المُتَّحدة ووكيلًا لوزارة الخارجيَّة العراقيَّة واصفًا في مقدِّمة مذكراته أنَّ كتابة المذكرات مسؤوليَّة ثقيلة وعبء أخلاقي وتصبح المسؤوليَّة أثقل والعبء أكبر عندما يكُونُ الكاتب ممن تعاطوا السياسة وغاصوا في عمق أسرارها.

ويتوقف حمدون عند تطورات الموقف العراقي والأميركي من اجتياح الكويت في الثاني من أغسطس 1990 ، وأسرار المراسلات مع القائم بالأعمال الأميركي في العراق جوزيف ولسون لتجنب الحرب وترجيح الحل السياسي على الحل العسكري والمبادرات العربيَّة والغربيَّة لتفادي الحرب، لا سِيَّما المبادرة الروسيَّة الَّتي وافق العراق عَلَيْها ودار الخلاف على تفاصيلها وخواتيم هذه الأزمة كانت بالعمل العسكري ضدَّ العراق عام 1991، ثمَّ فرض الحصار عَلَيْه الَّذي دام 13 عامًا متواصلة.

وعلى الرغم من تباين بعض الآراء حَوْلَ مذكرات (رحلة حياة دبلوماسيَّة) إلَّا أنَّها كانت بالأحوال كافَّة شهادة موثقة بَيْنَ مرحلتين في عالَم مضطرب جال فيها حمدون محاولًا كشف أسرار ما دار بَيْنَهما ودوره في تسليط الضوء على اتجاه مرحلتي اجتياح الكويت واحتلال العراق في مقاربة تضع القارئ في قلب الحدث وأسراره وما تمخَّض عَنْها من نتائج كارثيَّة ما زلنا نئنُّ من تداعياتها.

ويصف الراحل نزار حمدون مرحلة عمله في واشنطن بأنَّها كانت متميزة في سماتها عن كلِّ ما قَبلها من نشاط عمل حزبي وسياسي، وكانت الحرب الأميركيَّة العراقيَّة فاصلًا بَيْنَ مرحلتين متميزتين في حياته المهنيَّة.وفي معرض رؤيته لكتابة مذكراته يقول حمدون: دوَّنت بها سيرتي وخلاصة تجربتي في الحياة واضعًا ما يتوافر من معلومات ووثائق لاعتقادي أنَّ هناك زوايا معيَّنة من حقبة مهمَّة من تاريخ العراق لم ولن تكتب بدوني كما ينبغي لتطلع الأجيال العراقيَّة عَلَيْها.ويكشف مقدِّم الكتاب عن فشل محاولة من مخابرات غربيَّة لم يسمِّها لاستقطاب الراحل نزار حمدون وتشجيعه على الانشقاق، لكنَّه رفض ذلك معتبرًا أنَّ غزو العراق واحتلاله سيمهد لإضعافه وتفتيته.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *