آخر تحديث:
عدنان حسين
مِن زمان.. منذ الأيام الأولى لتولّيك رئاسة الوزراء والقيادة العامة للقوات المسلحة، قلنا لك يا رئيس الوزراء، مثلما قلنا لسلفك مراراً، إنّ السلاح، كلّ سلاح، مكانه جبهات المواجهة مع الإرهابيين وليس في بغداد أو أي مدينة أخرى، لكنّك تهاونتَ مع السلاح وحامليه في بغداد وسائر المدن حتى صار خطراً محدقاً اضطرّكَ لأن تدعو الآن إلى أن يكون مكان السلاح في جبهات القتال وليس في بغداد!
في عهد سلفك، يا رئيس الوزراء، تأسستِ الميليشيات التي عنيتَها مداورةً وتلميحاً في تصريحك الأخير، برغم أنّ الدستور يحرّمها بعبارة مباشرة وصريحة لا تحتمل أيّ تأويل أو تفسير متعسّف من المحكمة الاتحادية أو من سواها.. وفي ذلك العهد، ثم في عهدك أيضاً، تناسلتِ الميليشيات وانشطرتْ كالفطر، فصار لكلّ حزب (إسلامي حصراً) ميليشيا، بل نشأت ميليشيات لحساب أفراد.. والجميع يأتيهم المال والسلاح بلا حساب من خارج الحدود.
الميليشيات خطر كبير، كخطر داعش والقاعدة، يا رئيس الوزراء.. ليس في هذا مبالغة، فالميليشيات روّعت أناساً وقتلت آخرين وتجاوزت على حقوق وحريات آخرين.. لن يخفّف على الميليشيات أنّ جرائمها وتجاوزاتها كانت أقلّ من جرائم وتجاوزات داعش والقاعدة وفلول نظام صدام، فمّنْ يقتل فرداً لن يتورّع عن إبادة ألف فرد، ومَنْ يتجاوز على الحرمات في مكان لن يرتدع عن التجاوز في غير مكان، وكل مكان.
داعش والقاعدة وفلول نظام صدام أفادت كثيراً من النشاط الحُرّ، بل المنفلت، للميليشيات في بغداد وسائر المدن. إرهابيّو القاعدة وداعش نفّذوا الكثير من عملياتهم الإرهابية وهم يرتدون ملابس شبيهة بملابس أفراد الميليشيات، مستخدمين سيارات شبيهة بسيارات الميليشيات، ولابدّ أن الكثير منهم نجح في عبور نقاط التفتيش من دون تفتيش بادّعاء عائديتهم إلى الميليشيات التي لا يستطيع حتى الكبار من ضباط الجيش والشرطة الوقوف في وجههم. ولن نستبعد أن تكون الميليشيات قد أقدمت هي نفسها على عمليات تفجير إرهابية على غرار عمليات داعش والقاعدة وفلول نظام صدام.
الميليشيات خطر داهم، يا رئيس الوزراء.. أقلّ ما تتسبّب فيه هو إزعاج المواطنين الآمنين في مناطقهم السكنية ومحال عملهم، باستعراضاتهم غير المنضبطة وبالأتاوات التي تفرضها على أصحاب الأعمال.. لابدّ أنك قد علمتَ، يا رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، بما فعلوه في الكرادة في الأيام الماضية.. لقد مارسوا على مدار هذه اليام عدواناً سافراً على الناس الحزانى والمكلومين من ذوي الضحايا والمتضررين من عملية الأسبوع الماضي الإرهابية.. كانت الأُمهات والآباء والزوجات والأخوات والإخوة والأبناء والبنات يبحثون بين الأنقاض المحترقة، علّ وعسى يجدون بينها بعض أشلاء لأحبّتهم، فيما عناصر الميليشيات كانوا يستعرضون أنفسهم باللباس العسكري وبالسلاح الحيّ وبصور قادتهم، كأنهم في مهرجان دعائيّ!
قلْ لنا يا رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة: هل لديك أو لدى أيٍّ من مساعديك ومستشاريك وقيادات حزبك وائتلافك، مثال واحد على صورة كهذه في بلاد أخرى لكي تكون قدوة وأُنموذجا لنا؟
مَنْ غيرك، يا رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، قادرٌ على ردع الميليشيات وحلّها تنفيذاً لأحكام الدستور التي بها صرتَ حاكماً وباسمها تحكم؟