يقول المتنبي في قصيدة العنصرية والتمييزية ” لا تَشْتَرِ العَبْدَ إلاّ وَالعَصَا مَعَهُ* * *إنّ العَبيدَ لأنْجَاسٌ مَنَاكِيدُ ” قانون العشائر المزمع تشريعه هذه الأيام يريد ان يتعامل مع العراقيين كعبيد يتبعون الى العشائر وإلا فلا ! وهو يضرب عرض الجدار مفاهيم الدولة المدنية التي يتمتع بها الفرد بكافة حقوقه وتكون الدولة راعية له بغض النظر عن انتماءاته ؛ كذلك نص الدستور العراقي الجديد الذي هو الآخر قد ضرب ببعض فقراته التي لاتروق لحاكمي البلاد عرض الجدار وفي سلة المهملات في عهد صدام حسين كان العراقي لايتعين ولايسافر ولايقبل في الجامعات الا بجلب التزكية الحزبية من حزب البعث العربي الإشتراكي ؛ هذه التزكية هي من تحدد مستقبل الفرد فان كانت ايجابية كان الفرد ايجابيا وان كانت سلبية فان مستقبل الفرد سيكون مجهولا ومعدوما وكانت امنية العراقيين ان يتخلصوا من تلك التزكيات الان وفي ظل هذه القانون العشائري الجديد ستعاد موضوعة التزكية الى الواجهة من جديد فان الفرد الذي لم ينتم الى عشيرة ما سيتعامل معه القانون على انه ليس من العراقيين ولاتنطبق عليه تلك الشروط التي تنطبق على المنتمين الى العشائر ان اصعب الاسئلة التي اواجهها يوميا هو سؤالي عن عشيرتي ” منين أنت ” فانا لا اؤمن بالتقسيمات المناطقية والقبلية والعشائرية التي تتعارض مع حريتي كفرد وتجعلني تابعا الى مفاهيم مملوءة بالخرافات والتجهيل والكراهية
ماذا انتجت لنا العشائر لكي تقنن في قوانين دستورية ؟ ماذا فعلوا الشيوخ بنا كي يتسيدوا المشهد العراقي مرة أخرى ؟ الم يكونوا اداة بيد صدام حسين الم يكتبوا التقارير على ابناء عشائرهم ويزجوهم في السجون وقادوهم الى حبال المشانق ؟ هل سمعنا صوتا معارضا لسياسات النظام السابق من قبل شيخ عشيرة ؟ لم نسمع سوى هوسات المديح لقائد الضرورة ومقاطع اليوتيوب تؤكد ذلك ؛ وفي العراق الجديد تحولوا الى مجالس الإسناد التابعة لشخص رئيس الوزراء السابق ! وهوس احد الشيوخ لرئيس الوزراء الجديد هوسته المعروفة ” ها نريدك ما تنطيها ” !
يذكر ان صدام كان يحتجز الشيوخ في غرف مظلمة لمدة ثلاثة ايام وهم لايعرفون في اية منطقة يسكنون كل ذلك من أجل الحصول على كلمة ” عفية ” من صدام والبالغ قيمتها 250000 دينار عراقي ؛ كما ان الشيوخ ساهموا في تثبيت دعائم حكم البعث بعد ان كاد يسقط في الانتفاضة الشعبية لكنهم لعبوا دور المخبر السري والواشي على المنتفضين _ لكل محافظة مجلس عشائري أشبه بمجلس المحافظة وللشيوخ جميعا مجلس مركزي أشبه بمجلس النواب هؤلاء الشيوخ ستكون لهم الكلمة الفصل في رسم سياسة العراق وهم لايعرفون شيئا سوى مفاهيم قروية متخلفة لاتمت بصلة لبناء البلد على أسس علمية حديثة كما في بقية دول العالم المحترمة
حين قرأت ان البرلمان العراقي سيناقش قانون العشائر تصورت ان البرلمان سيحاول الحد من ظاهرة العشائرية المستفحلة في العراق والتي باتت تهدد أمن الدولة والمجتمع لانها تمتلك اسلحة ثقيلة متنوعة تضاهي اسلحة الجيش والشرطة وهي تتدخل في المشاريع الحكومية بشكل فج حيث اصبح المقاول يتفاهم مع العشائر قبل ان يقبل على تنفيذ المشاريع ! لكني اتفاجأ ان يقوم البرلمان بشرعنة العشائرية
مؤيدو القانون يرون انه يحافظ على الديمقراطية ! لكن احدى فقراته تنص على مبدأ التوريث ! شرعنة العشائرية يعني اعلان موت الدولة المدنية التي ننشدها ؛ وان قرارات البرلمان تتعارض مع رغبات المواطنين ولاتنسجم مع افكارهم ويوما بعد اخر يصعب العيش في هذا البلد الذي يسير من السيئ الى الأسوأ .